صدفةً ووجدناه قرب زوايا أحد المحلات التي تبيع "سكاكر" وهدايا الأعراس والأفراح، رأيناه واقفاً مركوناً وكأنه نسق بعدما أدى خدماته، في الماضي كان أحد أهم تقاليد العرس الشامي، يضفي لمسة جميلة على مكان الفرح، ينتظر من المدعوون نصيبهم وحظهم من قطع السكاكر وحبات الملبس، غير أن الزمن نسيه وأخرجه من المورث الشعبي ليصبح مجرد ذكرى جميلا فقط، إنه "سبَتْ العروس".
وأثناء قيام فريق esyria بتاريخ 8/7/2009، بجولة في سوق البزورية، التقينا السيد "مروان جمعة" وسألناه عن "سبت العروس والآسكي" فقال: «كان سبت العروس في ما مضى، من أهم تحضيرات العرس وتجهيزاته، بعد تحديد موعد الزفاف، حيث يتم الإتفاق مع صاحب "السبت" الذي كان يقوم بتأجيره مع الكراسي والآسكي، وعندما يصل إلى مكان العرس كانت النساء تستقبله بالفرح والابتسامة والزغاريد، لأنه يرمز إلى دخول الفرحة والسعادة إلى بيت العرس والزوجية».
يفرش السجاد على الآسكي، وتوضع عليه بعض أقاصيص الورد وإلى جانب العروس يوضع "السَبَت" وفي الطرف المقابل "سبت" آخر
ثم أضاف: «يستخدمه أهل القرى في أفراحهم، فهو تقليدٌ يشترك به أهل المدن والقرى، وفي "دمشق" كان أهل الشام يحضرونه إلى بيوتهم العربية القديمة، بعد أن يضعون الآسكي، وهو عبارة عن طبقات خشبية كبيرة بعض الشيء، يوضع عليها مقاعد العروس والعريس، بحيث يرتفعان ليراهم كل المدعون والحضور، كان الآسكي يتم التوصية عليه جاهزاً أو يقوم أصحاب العرس بصنع آسكي يدوي، بحيث توضع ألواح خشبية ترفع عن مستوى الأرض، وتوضع عليها كراسي العريس والعروس، إذ يجلسان ليراهم الجميع أو كما يقال في اللهجة الشعبية "يُصَمد" العروس والعريس».
وقال: «يفرش السجاد على الآسكي، وتوضع عليه بعض أقاصيص الورد وإلى جانب العروس يوضع "السَبَت" وفي الطرف المقابل "سبت" آخر».
ثم حدثنا عن طريقة صنع "سبت العروس" بقوله: «يتكون من طبقات من خشب الزان القاسي، على شكل دوائر مطبقة ومتتالية فوق بعضها، تكون فيه الطبقة الأسفل أوسع من الأعلى، هذه الطبقات ملتصقة وملتفة حول عامود خشبي مركزي، تتوزع حوله الطبقات ويُزيِّن السبت قديماً بالشموع، وبعد دخول الكهرباء صار يزين بالمصابيح الكهربائية الملونة ليضيء ويوزع نوره في المكان، ويتميز صنع "السَبَت" بحس فني رفيع من خلال زينته "بالكشاكيل" (القماش الملون) والألوان الزاهية الحمراء والصفراء التي يتم بخه بها».
ثم قال: «كانت طبقات "السبت" تملئ بالسكاكر والملبَّس وقطع الحلوى المغلفة، حيث يقذف بها على المدعوين في العرس إما من قبل العروس أو العريس أو أهلهما، ليسارع الحضور إلى التقاطها بكل فرحة، لأنها تمثل للحضور الحظ السعيد وخصوصاً لغير المتزوجين، وكان البعض يضع في أحد الطبقات أبريق نحاسي يملئ بماء الزهر، ويرش على الحضور، وعند انتهاء العرس يؤخذ "السبت" إلى غرفة العروسين لتسليتهما».
وختم بقوله: «قلةٌ قليلة ما زالت تحتفظ "بالسبت"، إذ أقوم بتأجيره إلى جهات انتاجية في المسلسلات ذات البيئة الشامية، فيما قل وندر استعماله من قبل الناس لأن الأعراس أصبحت تتم في الصالات الجاهزة التي لم تكن موجودة يوماً، وصار "السبت" كفلكلور قديم دخل مرحلة النسيان والاندثار».
السيد "محمد خير البدوي" الذي تزوج من 45 سنة قال: «سقى الله على أعراس أيام زمان، و"السبت" طبعاً لا أنساه، فقد كان مهماً في أعراسنا إذ أن استعماله كان ضرورة في ذلك الوقت».
أما السيدة "عناية عبد الرحمن" قالت: «اذكر شكل السبت والآسكي اللذان كانا في عرسي وقتها، كما أذكر الزغاريد والتي قيلت عن كلٍ منهما، وبعض الأمثلة الشعبية التي كانت تقال وقتها مثل "بعد ما صمدوه على الآسكي صار يبكي" هذا المثل كان يقال عندما لا يعجب العريس بالعروس، وبرأيي تبقى أعراس أيام زمان أحلى وأقل تكلفة وأجمل من الأعراس حالياً، "الله يرحم أيام زمان"».