أثار مؤتمر الاتحاد السكني الذي عقد منذ فترة لغطاً كبيراً حول تجاوزات ومخالفات تحدث عنها محافظ "دير الزور" المهندس "حسين عرنوس". وتبعها بعد ذلك أكثر من مادة صحفية حول جمعية "الرواد" وما يجري فيها.
فقد قال مدير التعاون السكني في "دير الزور" المهندس "خليل عكيل" خلال مؤتمر الاتحاد:
هناك وبشكل أولي، حوالي 72 مقسماً مخالفاً بمساحة تقارب الـ 100 دونم، وإذا اعتبرنا سعر الدونم مليون ليرة بشكل وسطي، وذلك بعد تقدير سعر المتر الواحد بألف ليرة، فقد ضاع على خزينة الدولة حوالي 100 مليون ليرة على أقل تقدير
«هناك وبشكل أولي، حوالي 72 مقسماً مخالفاً بمساحة تقارب الـ 100 دونم، وإذا اعتبرنا سعر الدونم مليون ليرة بشكل وسطي، وذلك بعد تقدير سعر المتر الواحد بألف ليرة، فقد ضاع على خزينة الدولة حوالي 100 مليون ليرة على أقل تقدير».
وللتعرف على حقيقة الوضع، التقى مراسل موقع eDeir-alzor بالمهندس "بشير عاني" عضو مجلس إدارة الجمعية، الذي مدنا بمعلومات ووثائق كثيرة، وقال بداية:
«لنعترف أولاً بأن المخالفات موجودة فعلاً في جمعية "الرواد"، وهي مخالفات تستحق الوقوف عندها ومناقشتها واتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة بحقها، وهو ما حصل ويحصل الآن، إذ تشكلت لجنة من أطراف عدة، قامت، وبمساعدة الجمعية، بحصر المخالفات وإعداد لائحة بها وتسليمها للجهات الوصائية، ومنها مجلس المدينة، لاتخاذ ما يرونه مناسباً بحقها، إما لإزالتها أو تسوية وضعها عبر غرامات مالية تطال المخالفين، وبالسعر والكيفية التي يرتئيها مجلس المدينة.
ولكن، وقبل هذا، لنعترف أيضاً بأن هذه التجاوزات قد أصبحت (قميص عثمان) تتناهبه المصالح الشخصية من جهة، وافتقار البعض للمعلومات الدقيقة عن واقع وظروف حصول هذه التجاوزات، وهو ما قاد إلى التسرع في إطلاق الأحكام السلبية بحق الجمعية وعدم رؤية إنجازاتها على الأرض، بل وصل الأمر بالبعض إلى حد رفض الاستماع إلى وجهة نظر الجمعية.
وقبل هذا وذاك، هل جمعية "الرواد" هي الوحيدة التي ارتكبت المخالفات في هذه المحافظة وفي غيرها لكي يتكالب عليها المتكالبون؟
إن كنتم في شك من هذا الكلام فما عليكم سوى النبش في أرشيف الجمعيات لتعثروا على البلاوي التي ما زال بعضها حديث الناس، إلا إن كانت الذاكرة قد تناست جريمة إزالة (الحرش) بالمناشير الكهربائية، وهو (الحرش) الذي تقوم عليه اليوم جمعية المدينة؟».
وتابع "المهندس "عاني":
«من هنا، وإثر الكثير من اللغط المبالغ به عن واقع هذه الجمعية وتجاوزاتها، بات من الضروري وضع الأعضاء والمسؤولين بصيرورة الجمعية وتحولاتها ومنعطفاتها وصولاً إلى واقعها الحالي، وهو، وبلا أي مبالغة، الواقع الذهبي لها عبر تاريخها، حيث استعادت الجمعية ثقة الأعضاء بها، كما تقاطر الآلاف للانتساب إليها، أما رصيدها المالي فقد بلغ رقماً يسيل له لعاب أثرياء التعاون السكني».
**بيع مع وقف التنفيذ
يقول عضو مجلس الإدارة "العاني":
«تعتبر جمعية "الرواد" إحدى أهم وأكبر الجمعيات التعاونية في المنطقة الشرقية، وربما في سورية أيضا، فهي تمتد، وحسب ما خطط لها فوق رقعة أرض تزيد عن الـ 1500 دونم منها ألف مقسم والباقي شوارع ومتنزهات ومرافق حيوية ومدارس وأسواق وغيرها.
في عام 1988 أعلنت الجمعية عن نفسها رسمياً برقم إشهار 1146 وقد نشر ذلك بالجريدة الرسمية بتاريخ 6 / 8 / 1988، لتدخل الجمعية بعد ذلك في مفاوضات مع مجلس مدينة دير الزور لشراء أرض خاصة بها، وقد تحقق ذلك عام 1991 حيث وافق مجلس المدينة على بيعها أرضا بمساحة 1000 دونم خاصة بالمقاسم فقط، أي لبناء ألف مقسم، لا تدخل فيها الشوارع والوديان والمرافق العامة وغيرها، وذلك في منطقة حاوي البغيلية.
ولأن الأرض المباعة للجمعية كانت تابعة لمديرية الزراعة (أملاك الدولة)، وهي جزء من عقار كبير تبلغ مساحته آلاف الدونمات، فقد خاطبت الجمعية مجلس المدينة لنقل الأرض إليها من أملاك الدولة ومن ثم تحديد الجزء المباع منه للجمعية وتسجيله باسمها، ولكن الذي حدث أن مجلس المدينة أتم الخطوة الأولى، حيث نقل كامل الأرض باسمه، لكنه ظل حتى تاريخه يماطل بتحديد حصة الجمعية من هذه الأرض ونقلها باسمها.
لم تهدأ الجمعية، إذ كانت تسعى في جميع الجهات، فهي، ومنذ توقيع عقد البيع عام 1991، طالبت، وما زالت، مجلس المدينة لتنفيذ مضمون العقد الموقع بينهما ونقل الأرض الخاصة بها إلى قيودها وتسليمها ذلك رسميا، لكن مجلس المدينة ظل يسوف ويماطل تحت ذرائع واهية يعود هو نفسه لنقضها فيما بعد مثل الانتظار ريثما يصدر المخطط التنظيمي الجديد للمدينة، والتاريخ يشهد انعقاد عدد من الاجتماعات الخاصة باللجان الإقليمية لتعديل المخطط التنظيمي للمدينة خلال هذه الفترة، كما يشهد التجاهل الواضح لإدراج الجمعية في هذه المخططات، رغم المطالبات المتعاقبة من قبل الجمعية للحظ ذلك،علماً أن مجلس المدينة نفسه قد خاطب بالكتاب رقم 620 / ص تاريخ 12 / 6 / 1991 الشركة العامة للدراسات والاستشارات الفنية بـ"دمشق
للحظ 1000 دونم في المخطط التنظيمي الجديد لمدينة دير الزور لصالح جمعية "الرواد".
من جهة أخرى تمكنت الجمعية من الحصول على رخصة نظامية للبناء من السيد وزير الإسكان الذي فوض السادة المحافظين بالتوقيع نيابة عنه في مثل هذه الأمور وذلك لأن أرض المشروع خارج الحدود التنظيمية لمجلس مدينة دير الزور.
أيضاً فقد أنجزت الجمعية الدراسات والمخططات اللازمة وتمت مصادقتها أصولا من قبل مديرية الخدمات الفنية التي قدمتها بدورها إلى المكتب التنفيذي الذي وافق عليها ومنحها التراخيص اللازمة لتصدق بعد ذلك أصولا من فرع نقابة المهندسين بد ير الزور، وبعد إتمام كل ذلك أعلنت الجمعية الاكتتاب على المشروع الأول ثم تعاقدت على تنفيذ 400 مسكن مع القطاعين العام والخاص».
خلافات وتجاوزات
وعن المخالفات والتجاوزات التي قيل عنها الكثير قال:
«لم تتمكن الجمعية، خلال الفترة الواقعة بين عامي 1994 وعام 2003 ،من بناء سوى ما يقارب الـ 100 مقسم، وفق المخطط الأساسي للجمعية، إذ توقفت الأعمال تقريباً نتيجة العديد من الأسباب ومنها: خلافات مجالس الإدارة مع بعضها، وحلّ بعضها، والدخول بخلافات مع المتعهدين من القطاعين العام والخاص، وإحالة ملف الجمعية الى الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، وهذا ما تسبب كله بانسحاب الكثير من الأعضاء منها أو التوقف عن تسديد التزاماتهم المالية وهو ما زاد من شللها ومعاناتها.
أيضاً، وخلال هذه الفترة، وبسبب ضعف الجمعية وضعف إداراتها المتعاقبة، فقد استغل بعض الأعضاء هذه الأوضاع فقاموا بارتكاب العديد من المخالفات والتجاوزات ومنها، التجاوز على بعض الشوارع وردم الأودية وضمها الى مقاسمهم، وللأمانة، فإن مجالس الإدارات السابقة قد خاطبت مجلس المدينة، ولمرات عدة، عبر السيد المحافظ، مناشدة التدخل لقمع المخالفات الحاصلة، مزودة إياه بأسماء الأعضاء المتجاوزين وأرقام مقاسمهم، إلا أن الرد كان التطنيش بشكل عام، أو غامضاً وغريباً ومتنصلاً في بعض الأحيان، ترد فيه عبارات ملتبسة مثل (أن الجمعية خارج المخطط التنظيمي وهي ليست من صلاحيات مجلس المدينة؟).
ما الذي تغير كي يستشيط الجميع غضباً من مخالفات الجمعية، بما في ذلك مجلس المدينة، ألم تكن الجمعية تخاطبكم قائلة: إننا نخالف ونتجاوز فتعالوا لتقمعوننا وتمنعوننا؟
وهل هذه الأبنية العالية المتعالية، وهذه القصور الفارهة هي من صنع يوم وليلة..؟
لا جواب عندي حالياً، بل الأصح لست راغباً في بقّ كامل البحص الذي في فمي، لأنني مقتنع بأن مجلس المدينة الحالي راغب حقاً في تجاوز الماضي ومنح الجمعية فرصة عادلة للعمل وإكمال مهامها وأهدافها التعاونية، وهو لهذا قد شارك الجمعية، وجهات أخرى، في حصر وإحصاء التجاوزات، حيث يصار الآن إلى معالجتها، وأهم الحلول المطروحة لحل هذه المشكلة هو استيفاء قيمة الأراضي المتجاوز عليها من قبل الأعضاء المتجاوزين، وبالسعر الذي يحدده مجلس المدينة (لصالح مجلس المدينة) واعتبار هذه الأرض المتجاوز عليها غير داخلة ضمن المساحة المباعة للجمعية.
من التجاوزات الأخرى أيضاً كانت هناك ما سمي بـ(المقاسم المزورة)،وهي قضية تتعلق بـ 15 مقسماً،أتهم أصحابها بإشادتها في مواقع خاصة بالمرافق العامة ولكن القضاء، وبعد سنوات من التقاضي بين الجمعية وأصحاب هذه المقاسم، اصدر حكماً ثبّت فيه أحقية هؤلاء الأعضاء بهذه المقاسم وعدم مخالفتها للمخطط الأساسي وتبرئة الأعضاء من تهمة التزوير
وكما أسلفنا قبل قليل كان من أسباب التوقف دخول الجمعية في منازعات مع بعض المتعهدين حول تنفيذ بعض المقاسم، ولكن، وبعد إحالة الملف الى الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش بدر الزور، قام بعض المتعهدين باللجوء إلى القضاء وقد صدرت عدة أحكام لصالحهم فيما لا يزال التقاضي جاريا حتى تاريخه بين الجمعية وشركة الرصافة للبناء».
تجاوزات على أراضي الجمعية
يضيف "العاني":
«خلال هذه الفترة الطويلة، ونتيجة توقف الجمعية عن التنفيذ، كان مجلس المدينة يوزع أراضي الجمعية يميناً وشمالاً ،كيفما اتفق، وعلى الشكل التالي :
بيع جزء من الأرض لجامعة الجزيرة من الجهة الغربية.
تخصيص الاتحاد الأوربي بجزء آخر من الجهة الجنوبية.
تخصيص السكن الشبابي بجزء من الجهة الشرقية .
علما بأن الأرض الشمالية للجمعية هي أملاك خاصة.
إضافة لكل ذلك كانت هنالك تجاوزات من قبل الأهالي على أرض الجمعية وقد تم تسجيلها وإبلاغ مجلس المدينة بها رسميا لقمعها، لكن دون جدوى.
وعدا عن هذا وذاك فإن المخطط الأساسي كان مدروسا على مساحة شاسعة من الأرض تبدأ من حدود معسكر الطلائع في الشرق وصولا الى أبراج الإذاعة في الغرب، الأمر الذي يحتم زيادة كبيرة في الطرق وخطوط المياه والكهرباء، مع وجود أخطاء فنية من قبل الدارس، حيث تم التركيز على الهضبات وبعض المناطق المميزة مهملا الأراضي المنبسطة وهي كبيرة وشاسعة.
من جهة أخرى فأن كثيرا من المقاسم الغربية كانت واقعة، في المخطط الأساسي، خارج حدود العقارين ( 43و44 حاوي البغيلية 50)، وهما العقاران اللذان تتوضّع عليهما أرض الجمعية، حسب العقد المبرم بينها وبين مجلس المدينة.
لكل هذه الأسباب قررت هيئة المستفيدين تعديل المخطط الأساسي للجمعية ليأخذ بعين الاعتبار التغيرات الحاصلة على الأرض والواقع الجديد الذي فرض عليها من قبل مجلس المدينة فتم تعديل المخططات وتصديقها من نقابة المهندسين أصولا في عام 2005 ، علماً أن الجزء المشترك بين المخططين الأساسي والمعدل هو المشروع الأول الذي انتهت الجمعية من تنفيذه مؤخرا وقامت بتسليمه للأعضاء المستفيدين أصولا.
الجمعية اليوم، وبعد أن أنهت التخصيص على المشروع الثاني، تخطو باتجاه إنجاز التراخيص اللازمة للبناء، وهي قد قدمت لمجلس المدينة الأوراق والمخططات اللازمة لذلك، ولا بد من الثناء مرة أخرى على التفهم الواضح من قبل مجلس المدينة الحالي لطالب الجمعية هذا والحرص الواضح من قبله لإخراجها من مأزقها القديم ووضعها على السكة الصحيحة، وهو أقصى ما تريده الجمعية.
الجمعية تعيش اليوم أحسن حالاتها، حيث استعادت خلال السنوات الماضية ثقة أعضائها بها، كما تدفقت إليها الأموال وبات رصيدها المالي يربو على السبعين مليونا، إضافة إلى تقاطر المنتسبين إليها (حوالي 1700منتسباً) وسرعة إنجازها للمشاريع، ولا تشكو سوى من ضغوط أعضائها عليها للمباشرة بتنفيذ الأعمال وتسليمهم مقاسمهم، وهو ما تأمل الجمعية تحققه في القريب العاجل.
بقي القول أن الوثائق والمحفوظات الخاصة بالجمعية بقيت سليمة، كما أن معاملاتها المالية وقيودها المستودعية لا تشوبها شائبة، وقد حافظت الجمعية، رغم الكبوات الكثيرة التي مرت بها، على سلامة قيودها ودقة تنظيمها ولا أدل على ذلك سوى تقارير المفتشين الماليين وقيود الجرد السنوي».
طبعاً كل الوثائق التي تثبت صحة كلام المهندس "عاني" موجودة في الجمعية، وأطلعنا عليها، وهو على استعداد أن يزود الموقع بالوثائق المطلوبة.