بين أزقة "كفرتخاريم" وحاراتها القديمة، وفي منتصف المدينة يقوم "جامع كفرتخاريم الكبير"، مطلاً على ساحة واسعة فيها سوق البلدة القديم. هذه المدينة التي تعد من المدن القديمة في الشمال السوري والتي سكنت قبل العهد البيزنطي حيث يدل على ذلك وجود الكثير من الآثار المحيطة منها مسجد المدينة الكبير. وللتعرف على هذا المسجد وتاريخه التقى موقع eIdleb الباحث "صلاح كيالي" الذي حدثنا عن تاريخ المسجد بالقول:
«مسجد "كفرتخاريم الكبير" مسجد عبر التاريخ إلى اليوم، فكانت له الصدارة في التاريخ الإسلامي، تمّ بناؤه قبل /1300/ سنة، وهو من أهم الجوامع في " كفرتخاريم" وأكبرها، فقد عاصر ثمانية عهود على التوالي (صدر الإسلام، العهد الأموي، العهد العباسي، الدولة الحمدانية، العهد الأيوبي، عصر المماليك، العثمانيين، والعصر الحديث)، ونسطيع أن نستنطق الطراز المعماري المتعدد لكل عصر مر به، فجدرانه من الداخل عريضة بحدود المترين، وهي سمة من سمات البناء في صدر الإسلام. أما التاريخ فمدون في أسفل المنارة /186/هـ، والتاريخ فوق المحراب /176/هـ وهذا يعود إلى العهد الأموي.
يوجد /24/ دكان، و/91/ عقاراً من الأراضي الزراعية عائدة للأوقاف ويعود واردها إلى رئيس الشعبة ليوزع رواتب الموظفين، ولإقامة إصلاحات، أو لشراء متطلبات الجامع
من الداخل يظهر لنا على السقف مضلعات مبنية بطريقة الغمس بأشكال هندسية، كما يظهر الرنك الحجري عليه كتابة طمست لقدمها وبقيت آثارها المنحوتة وهي سمة من سمات العصر الأيوبي والمملوكي، وللعهد العباسي لمسته التي ظهرت واضحة في مضلعاتها الهندسية والتاريخ المدون أسفل المنارة/186/هـ».
وعن بناء المسجد أضاف قائلاً: «بني هذا المسجد كما تبنى بقية المساجد في حي للمسلمين، وهو عبارة عن مئة دكان، ويرفده نبع مياه وكان اسمها "عين العليق" لوجود هذا النبات على ضفاف ساقية المياه، ويعود بناؤه إلى زمن "عمر ابن عبد العزيز" رضي الله عنه، حيث كانت ولايته في /102/هجري، والمسجد قد بني في ذلك الوقت، وقد حفر في المسجد ما يدل على تاريخ بنائه، ففي حجرة في أسفل منارته كتب البيتان التاليان وأرخ تحتها /186/ هـ »:
ومنارة بنيت إلى الإعلان
للذكر والتسبيح والقرآن
فالله يحفظها بعين عنايــة
ومن الردى ونوائب الحدثان
كما التقينا الشيخ "جميل عبد العزيز" إمام الجامع وعن أقسام الجامع تحدث قائلاً: «يتألف الجامع من طابقين في كل طابق أربع أقسام، ويتسع حوالي /1300/ مصلي، وله منارة عباسية ذات مضلعات ترتفع حوالي /14م/، وللمسجد ساحة طولها من الغرب إلى الشرق/18م/، وعرضها عشرة أمتار، محاطة من الشمال والشرق بأروقة للعبادة والصلاة.
وللحرم شكلاً مستطيلاً مبنيّ على أقواس مشجرة تحملها دعائم أسطوانية ما عدا القسم الشرقي فقط وطوله /6م/، وحسب التاريخ يعود بناء الحرم أولاً حينما كانت البلدة صغيرة، ويستطيع المؤذن أن يسمع الناس إذا أذن فوق السطح، ثم بنيت المنارة بعد ذلك ودرجها لولبي يتألف من /65/ درجة سكب بينها الرصاص وهي تقع في الزاوية الغربية الشمالية من المسجد».
وفي العام /1988/ حُدّث الجامع من قبل الدكتور المرحوم "خالد كيالي" وهذا التحديث أضاف للمسجد ثلاثة أقسام إضافية، وتم توسيع قسم تعليم وتحفيظ القرآن ليتسع حوالي /350/ شخص، كما شمل التحديث الساحة الخارجية للمسجد ليصبح أكثر اتساعاً وراحةًًَ للمصلين، وحدّثت الحمامات ومرافق الوضوء، وعلى الرغم من التحديث إلا أن لمسته الأثرية ما زالت على حالها منذ أن بدء بناؤه وإلى الآن، فتحديثه كان للتوسيع والإصلاح فقط دون العبث بآثاره».
وعن الموارد المالية قال الأستاذ "نابغ باكير" رئيس شعبة الأوقاف في" كفرتخاريم": «يوجد /24/ دكان، و/91/ عقاراً من الأراضي الزراعية عائدة للأوقاف ويعود واردها إلى رئيس الشعبة ليوزع رواتب الموظفين، ولإقامة إصلاحات، أو لشراء متطلبات الجامع».