نداءات أنصار البيئة كالسيد "رأفت الوافي" وحديثه عن جفاف نهر "بردى"، بإيقاف التعديات على حرم النهر وفروعه السبعة لاسيما من المعامل والمنشآت والمقاهي التي ترمي مخلفاتها عليه لتسبب له الشيخوخة، كان سبباً لكتابتي واستفساري عن الفروع السبعة لنهر بردى.
بتاريخ 4/4/2009 كان لي وقفة طويلة مع السيد "رأفت الوافي" أحد أنصار البيئة والذي له ذكريات قديمة مع نهر بردى وفروعه السبعة، حدثنا عنها قائلاً: «يعد نهر بردى النهر الرئيس يخترق مدينة "دمشق" ويسقي بالمياه غوطتها الشهيرة، ويشكل نظاماً بيئياً متكاملاً بفضله تشكل "دمشق" وريفها واحة خضراء ضمن بادية الشام شبه القاحلة، فنهر بردى يمر بين مدينتي "الهامة" و"قدسيا" ويفصلهما عن بعضهما، للنهر وجريانه في هذه المناطق أهمية سياحية مهمة، ولبردى حكايتها الطويلة مع هذه المناطق، ودورها في ازدهار الحياة فيها».
بردى له أهمية كبيرة في حياة الدمشقيين، فمياهه بقيت لفترة طويلة من الزمن عذبة ونقية، أما أقنيته فلعبت دوراً على شكل شبكة لري الأراضي الزراعية التي خدمت "دمشق" وريفها لفترة طويلة
يتابع "الوافي" حديثه وهو يتذكر صورة تلك الفروع وهي نشطة فيقول: «تبدأ تفرعات النهر من منطقة الهامة وتأخذ فروعه بعد ذلك أقواساً متباعدة عن بعضها على شاكلة مروحة، والشيء اللافت للنظر أن هذه التفرعات هي أقنية اصطناعية حفرت في مراحل تاريخية مختلفة بدأت تتشكل منذ بدأ تطور مدينة "دمشق" والزحف العمراني والسكاني».
معلومات قديمة احتفظ بها السيد "الوافي" وحفرها في ذاكرته وكما يقول: «إن هذه الأقنية بنيت قبل ما يزيد على عشرة آلاف سنة قبل الميلاد، بنيت بأدوات حفر بسيطة، وهي ما تزال تحتفظ في باطنها بتراثٍ حضاريٍ هام، وتدل على مقدرة الإنسان الذي سكن تلك المنطقة وأقام منظومة مائية مازلنا نستخدمها ونستفيد من مياهها».
أما فروع النهر فهي حسب قوله: «لبردى سبعة فروع، قناة "المزاوي" أولها وهي تتفرع عن الضفة اليمنى للنهر بين "قدسيا" و"دمر"، وكانت تروي أراضي بلدتي "المزة" و"كفرسوسة"، هاتان المنطقتان اللتان أصبحتا جزءاً من أحياء "دمشق" الآن،
أما قناة "ثورا" تتفرع عن الضفة اليسرى من النهر، وهي تروي أراضي "جوبر" و"زملكا" و"عربين"، وتمر قبل ذلك بأحياء عديدة من "دمشق" مثل "المهاجرين" و"سوق ساروجة" و"القصاع"، وهي قناة عميقة وتجري فيها المياه بغزارة».
فروع كثيرة تتفرع عن بردى لتروي "دمشق" المدينة والحضارة، هنا يكمل السيد "الرافي":
«القناة الثالثة هي قناة "يزيد" التي تتفرع عن الضفة اليسرى للنهر في شمال مدينة "الهامة"، وتمر من "المهاجرين" و"الأكراد" ثم تتجه إلى منطقة "القابون" و"حرستا" و"دوما"، وقناة "الديراني" تتفرع عن الضفة اليمنى في "دمر" وتروي أجزاء من أراضي "المزة" و"كفرسوسة" و"داريا"، وهناك قناة "القنوات" التي تتفرع عن الضفة اليمنى من نهر بردى في موقع "الربوة" وتتجه نحو حي "القنوات" ومنها إلى أحياء "الشاغور" و"القدم"».
أما القناة السادسة يكمل بالقول: «بقي هناك القناة السادسة والسابعة الأصلية، فالسادسة هي قناة "بانياس"، وتتفرع عن الضفة اليمنى لنهر "بردى" وتنتهي في "الشاغور" بعد أن تمر بجامعة "دمشق"، أما نهر "بردى" فهو الأصلي وهو يكمل جريانه بعد أن تتفرع منه الأقنية السابقة ويخترق "دمشق" القديمة شمال القلعة وتتفرع عنه قناتان، قناة "العقرباني" التي تتفرع عن الضفة اليمنى للنهر في ساحة "المرجة" وتتجه إلى "جرمانا" لتمر إلى "بيت سحم"، والقناة الثانية هي قناة "الدعياني" التي تتفرع عن الضفة اليسرى لنهر "بردى" عند منطقة "باب توما" وتتجه إلى "سقبا" و"حمورية" و"جسرين"».
بردى وفروعه قاموا بمهام كبيرة وعظيمة خدمتنا لفترة طويلة ومازلت بعضها كذلك، وعن ذلك يقول السيد "الرافي": «بردى له أهمية كبيرة في حياة الدمشقيين، فمياهه بقيت لفترة طويلة من الزمن عذبة ونقية، أما أقنيته فلعبت دوراً على شكل شبكة لري الأراضي الزراعية التي خدمت "دمشق" وريفها لفترة طويلة».