«تتربَّع على السهول شمال شرق مدينة "حمص" بـ/18/ كم، لا يمكننا التكلم عن هذه القرية المتميزة دون أن نصل إلى ثلاث حقبات في تاريخ هذه المنطقة التي تمتد عليها هذه القرية المبنية على أنقاض المملكة الآرامية "قطنا"، التي يعود تاريخها إلى حوالي/3000/ ق.م».

هذا ما ذكره الشماس "مارون توما" في وصفه لقرية "المشرفة" التي زارها موقع eHoms بتاريخ 21/ 2/2009 والذي أضاف قائلاً: «في القرن التاسع عشر بنيت قرية "المشرفة" داخل الأسوار، فكان من الضروري إخراج السكان من داخل أسوار المملكة القديمة إلى خارجها، فبنيت "المشرفة" الجديدة إلى جانب القديمة».

في القرن التاسع عشر بنيت قرية "المشرفة" داخل الأسوار، فكان من الضروري إخراج السكان من داخل أسوار المملكة القديمة إلى خارجها، فبنيت "المشرفة" الجديدة إلى جانب القديمة

كما التقينا مختار القرية السيد "سعود الحداد" الذي تابع الحديث عن القرية بالقول: «تقوم "المشرفة" على مساحة تبلغ (44000) دنم، من ضمنها الأراضي الزراعية ويقطنها الآن حوالي (11500) نسمة الذين كان عددهم سنة /1940/ حوالي /1500/ نسمة، وما تزال تتوسع باستمرار حتى بدأت تقترب من المدينة، ويعود ذلك لكثرة القادمين إليها من القرى المجاورة طلباً للرزق والعمل، إضافة لوجود موقع التل الأثري فيها مما جعلها مقصد البعثات الأثرية الأجنبية والوطنية.

السيد "سعود حداد" و"شحود الأشقر" و" جورج كاشي"

تشمل القطاعات الخدمية فيها (بلدية، أربعة ابتدائيات، إعدادية، ثانويتين إحداها مهنية، مركز صحي، ...) إضافة للمجمَّع التجاري الضخم قيد الإنشاء حالياً المؤلف من ثلاثة طوابق. كما يوجد مركز "بحوث نهر العاصي" كمعرض للمكتشفات الأثرية التي تخرج من التل، يرافقه عدد من المساكن الخاصة لكل من البعثات الأثرية الثلاثة (الألمانية، الإيطالية، الوطنية)».

تتميز القرية بارتفاع مستوى التعليم فيها فهي تحتل بشكل شبه سنوي المراكز الأولى في التفوّق الدراسي على مستوى القطر في الشهادتين الإعدادية والثانوية».

في أحد بيوت المشرفة

ولمعرفة وضع الواقع الزراعي في القرية والمحاصيل التي تشتهر بإنتاجها التقينا السيد "جورج كاشي" مدير الجمعية الفلاحية في "المشرفة" الذي قال لنا: «تحيط الأراضي الزراعية بالقرية على امتداد من "السعن" غرباً إلى قرية "عين النسر" شرقاً بمساحة /30/ ألف دنم. إنتاجها الأكبر يرتكز على محصول "العنب" حيث تنتج سنوياً بين /4000، 5000/ طن، يستخدم أكثر من الثلثين منها في صناعة "النبيذ" الذي يصدر البعض منه إلى الخارج، إضافة لوجود فائض في محاصيل "اللوز والزيتون"، وتلك الزراعات بمعظمها مروية نظراً لشح المياه التي واجهت القرية منذ العشرين سنة الفائتة، مع وجود مزروعات أخرى.

وتحاول الجمعية التي يبلغ عدد أعضاءها /1000/ عضو وتشمل ( مهندسين، فلاحين، محامين، قضاة، وأطباء) تقديم خدمات كثيرة كالقروض، الأسمدة، تأجير الجرارت، إضافة لوجود مركز غاز خاص بالفلاحين».

المشرفة القديمة، مملكة "قطنا"

تتميز قرية "المشرفة" بوجود تناغم وتعايش بين سكانها من مختلف الطوائف تشهد له المراكز الدينية فهي تمتلك "مسجداً" و"كنيستين" إحداها للطائفة "المارونية" الأكثر تعداداً في القرية، والأخرى لطائفة "الروم الأروثوذكس"، إضافة للأعياد المشتركة التي يضيف عنها السيد "شحود الأشقر" أحد أبناء القرية ويبلغ من العمر /76/ عاماً وهو من الذين عاشوا طفولتهم وشبابهم في القريتين القديمة والجديدة بالقول: «لطالما تميزت القرية بمحبة سكانها لبعضهم البعض، ومشاركتهم الأفراح والأتراح والأعياد أيضاً، ومثال عليها "كرمة الميلاد" و"باعوث الفصح" حيث يذهب جميع سكان القرية "مسلمون ومسيحيون" إلى ساحة "الكنيسة" ويطوفون بعدها في شوارع القرية وراء كاهن "الكنيسة" ليرجعوا إلى نقطة الانطلاق ويتشاركوا مائدة العيد التي سبق وجمعت من كل البيوت عدا الفقراء التي توزَّع عليهم الحصة الأكبر».

وعن الاختلاف بين القديم والحديث يختم قائلاً: «لقد عشت في القريتين ولا يوجد فرق كبير سوى أن القرية القديمة كانت أسرة كبيرة ممتدة داخل السور الذي يحتويها، والكل يعرفون بعضهم البعض وهذا تناقص حالياً بازدياد السكان وطول وقت العمل لكنها ماتزال تحتفظ بأصالتها التي تتمثل أمامها في مملكة "قطنا" الأثرية وتذكرنا بالطفولة وتمدنا بالحكايات لنرويها للأحفاد».