إلى الجهة الشمالية الشرقية وعلى بعد /12/ كم من "إدلب" المدينة تقع بلدة "الفوعة" وهي كغيرها من بلدات محافظة "إدلب" الشمالية تحيط بها أشجار الزيتون من كل جانب وتتداخل في بعض الأحيان مع بيوتها المبنية بالحجارة الكلسية القاسية وهي من البلدات الموغلة في القدم حيث يزيد عمرها عن أكثر من خمسة آلاف عام.

ورد ذكرها في العديد من كتب التاريخ حيث يقول الباحث التاريخي "فايز قوصرة" في كتابه من "إيبلا إلى إدلب": «إن "الفوعة" كانت تسمى "فوقيا" في عهد مملكة "إيبلا" في القرن الثالث قبل الميلاد وذكرت في نفس الاسم في العهد الفرعوني». ويشير "قوصرة" إلى أن "الفوعة" كانت ولاية في العهد المملوكي منذ القرن الثاني عشر وحتى القرن الرابع عشر الميلادي بموجب وثيقة اكتشفت في القاهرة.

إن "الفوعة" كانت تسمى "فوقيا" في عهد مملكة "إيبلا" في القرن الثالث قبل الميلاد وذكرت في نفس الاسم في العهد الفرعوني

وفي لقاء لموقع eIdleb بتاريخ 2/3/2009 مع الأستاذ "عبد الله أبو الخير" رئيس بلدية "الفوعة" الذي قال لنا: «تعتبر بلدة "الفوعة" من أقدم البلدات في المنطقة الشمالية من محافظة "إدلب" وهناك عدة روايات حول تسميتها بهذا الاسم وأرجح هذه التسميات هي أن كلمة "الفوعة" تأتي من كلمة "فوُّعه" وتعني الرائحة الطيبة. يوجد فيها العديد من المواقع الأثرية التي تدل على عراقة هذه المدينة ومنها "دير الفوعة" وهو دير يعود إلى العصور البيزنطية ومن أهم المعالم التاريخية الأخرى "الجامع الكبير" "المصبنة" و"الحمام" هذه المواقع التي يعود بنائها إلى العصر المملوكي كما أن هناك العديد من المساجد والزوايا القديمة الأخرى».

الأستاذ عبد الله أبو الخير رئيس بلدية الفوعة

ويضيف السيد "عبد الله": «تعتبر "الفوعة" من أكثر البلدات التي تركت لها بصمة واضحة في تاريخ البشرية لكثرة ما أنجبت من علماء ورجال دين وغير ذلك منذ زمن قديم وحتى الوقت الحاضر. ومن أهم رجالات "الفوعة" الأعلام الطبيب "داود الفوعي الأنطاكي" و"فارس ابن بركات" أو "المجن الفوعي" و"الشيخ مهنا الفوعي" والشيخ "محمد رشيد مندو" والعالم الشيخ "جواد محمد جواد" وغيرهم الكثير من الأعلام.

كما تتميز "الفوعة" عن غيرها من البلدات الأخرى بتمسكها بالعادات والتقاليد الشعبية التي كانت سائدة في معظم المجتمعات الريفية ومن هذه العادات ما هو متبع في الأعياد والمناسبات حيث يقوم سكانها في الأعياد بممارسة طقوس مختلفة ومن هذه الطقوس تحضير أكلة شعبية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالعيد وهي أكلة "النشأ" حيث يعتبر من لا يقوم بتحضير هذه الأكلة في العيد لا يريد أن يفرح أو يظهر السرور بهذه المناسبة».

مئذنة الجامع الكبير في الفوعة

وعن سكان البلدة وعملهم يقول السيد "أبو الخير": «يبلغ عدد سكان البلدة /32/ ألف نسمة يعمل قسم كبير منهم بالزراعة نظراً لكثرة مشاريع الزراعة المروية التي تعتمد على الآبار الارتوازية ومن أهم زراعاتها المحاصيل الحقلية من "بطاطا" و"شوندر سكري" و"قمح" و"خضار" إضافة إلى أشجار الزيتون التي تحيط بها من كل جانب. ويعمل الٌقسم الآخر من سكانها في الوظائف الحكومية بنسبة كبيرة نظراً لكثرة عدد المثقفين والحاصلين على المؤهلات العلمية الجيدة، وتحتوي البلدة على جميع أنواع الخدمات ومن أهمها البلدية وشبكة صرف صحي وكهرباء وهاتف ومياه شرب تخدم جميع أبنائها إضافة إلى مستوصف طبي وإرشادية زراعية ووحدة مياه وكهرباء وهاتف ومركز ثقافي وأربع مدارس للتعليم الأساسي وثانوية للذكور والإناث وكلية الدراسات الإسلامية وروضة أطفال وثانوية شرعية وأكثر من سبعة مساجد».

كما يقول السيد "ماهر الحمود" أحد أبناء القرية والذي كان يرافقنا أثناء زيارتنا لهذه البلدة: «يوجد في هذه البلدة العديد من الآثار القديمة ومنها قناة رومانية كانت تزود القرية بالماء من خلال عيون موجودة في الجهة الغربية الجنوبية للبلدة حيث يوجد بناء ضخم كخزان تتجمع فيه المياه من خلال القناة الرومانية مبني من الحجارة الكبيرة على شكل أقواس يسمى المصنع وقد ردم بالأتربة في الفترة الأخيرة».

السيد ماهر الحمود أحد أبناء الفوعة