المأكولات الشعبية هي ذاكرة المجتمع الغذائية، اندثر بعضها والبعض الآخر حافظ على تواجده، أو تم تعديله وتغيرت بعض مواصفاته بإضافة أصناف غذائية تناسب التطور الغذائي والانفتاح على المجتمعات الأخر.

elatakia أحيت ذاكرة بعض سكان "اللاذقية" والتقتهم في جولة عبر الزمن لتذكر أهم المأكولات الشعبية التي كانت غذاءهم وغذاء أهلهم من قبلهم، وأيضاً لمعرفة ما يتناوله منها حتى لآن.

أن لا أحب الأكلات الشعبية القديمة كثيراً، لأنه باعتقادي أنها غير لذيذة المذاق و الطعم، و توضع عليها بعض المواد التي لا أحبها فلا أستطيع الاقتراب منها، فمثلاً لو كان المنسف معمولاً بالبرغل لا أحبه، أما إذا كان من الأرز العادي ففي حينها من الممكن أن تناوله، ولا أعتقد أن للأكلات الشعبية فوائد كثيرة، بل أعتقد أن أضرارها أكثر من فوائدها، وخصوصاً تلك التي تعتمد السمن البلدي، فهي ستسبب تجلطات و سكتات قلبية ...!

السيد "عبد الله ابراهيم" يعمل في سوق الخضار، عمره /47/عاماً، يقول عن مأكولات "اللاذقية" الشعبية التي يتذكرها منذ طفولته، وأهمها تلك التي تعتمد على الخضار بشكل أساسي:

«أهل زمان لم يكونوا يشترون المعلبات على الإطلاق، فمعظم حاجاتهم متوافرة، الخضروات والفواكه والحبوب يأخذونها من أراضيهم وبساتينهم، والحليب من ماشيتهم ويصنعون مشتقاته داخل بيوتهم، لذلك نستطيع أن نقول أن معظم أسر الريف كانت شبه مكتفية ذاتياً بالنسبة للغذاء، لأن جميع المستلزمات الأساسية كانت موجودة على مدار السنة لديهم. أكثر مأكول شعبي ومايزال حتى الآن هو طبق التبولة الذي يعتمد على الخضار بشكل رئيسي، فهو مكون من البقدونس والبندورة والخس والبرغل، طبعاً مع إضافة الليمون، أيضاً هناك ورق العنب ولفائف الملفوف والسلق، والنسوة يشترين هذه الخضروات بكثرة، وهي من أكثر ما تفضلن طبخه».

السيدة "منيرة جعفر" ربة منزل، وأم لأربعة أولاد، عمرها /46/ وتسكن في قرية "برج القصب" الساحلية، تقول عن أهم المأكولات الشعبية في "اللاذقية":

«بالتأكيد تتفرد محافظات الساحل السوري بتقنيات طهو السمك، قد يتم طهو السمك وإعداده في باقي المحافظات، لكن يبقى موطن اصطياده هو الأجدر بمعرفة التعامل معه وطبخه، وأشهر طريقة نحضره بها هي (الصيادية)، حيث يتم سلق عظام السمك بعد تعرية اللحم منه، وتطيب المرق بالبهار، ويضاف له الأرز، ويوضع لحم السمك فوق صحن الأرز عند التقديم، أيضاً السمكة الحرة سمك مطهي بطريقة ينفرد بها طهاة الساحل حيث يتبل السمك، ويحمر بقليل من زيت الزيتون، ويضاف إليه قليل من الكزبرة الخضراء والفليفلة الحمراء الحدة وقليل من البندورة وعصير الليمون. قديماً كانت توضع السمكة في الفرن الحجري أو ما يسمى (التنور)، اليوم بإمكاننا طهوها بالفرن العادي مع العلم أن نكهتها في فرن التنور تبقى الأطيب.

عن الحلويات الشعبية التي تشتهر "اللاذقية" بها، تضيف السيدة "منيرة" : «هناك حلوى نسميها الكرابيج وهي مصنوعة من السميد والسكر والسمن على شكل دوائر، ويضاف فوقها كريما الناطف، وأيضاً هناك حلوى الجزرية التي تتفرد بها "اللاذقية"، وهي جزر مطحون مضاف إليه سكر وماء الزهر، وتغلى جيداً مع بعضها، ومن ثم تضاف المكسرات مثل الجوز او اللوز او الفستق الحلبي».

الأجيال الحالية ماذا تقول حول مفهوم الطبق الشعبي؟

الآنسة "لينا الحسن" طالبة (هندسة مدنية) سنة ثالثة، تقول في رأيها عن الأكل الشعبي وماتفضل تناوله منها:

«تعتبر مصادر الغذاء متشابهة في مختلف أنحاء العالم، لكن ما يختلف هو طريقة صنع الطعام أو تحضيره، عندما أسمع عبارة مأكول شعبي يتبادر إلى ذهني أطباق الفتة و المسبحة فهي محببة لي، وهناك المحمرات المخبوزة في أفران التنور، والخبز المشروح، وأيضاً أذكر السجقات، وأقصد بها أحشاء الخاروف أو العجل المحشية بالأرز، فهي مأكول يقولون أنه طيب ولكنه يحتاج لجهد كبير من التنظيف والتعقيم والتعب في إعدادها حيث تحشى بالأرز وتسلق، وبالصراحة أنا لا أتناوله أبداً».

الشاب "رامي خوري" أدلى برأيه فريد قال فيه حول المأكول الشعبي:

«أن لا أحب الأكلات الشعبية القديمة كثيراً، لأنه باعتقادي أنها غير لذيذة المذاق و الطعم، و توضع عليها بعض المواد التي لا أحبها فلا أستطيع الاقتراب منها، فمثلاً لو كان المنسف معمولاً بالبرغل لا أحبه، أما إذا كان من الأرز العادي ففي حينها من الممكن أن تناوله، ولا أعتقد أن للأكلات الشعبية فوائد كثيرة، بل أعتقد أن أضرارها أكثر من فوائدها، وخصوصاً تلك التي تعتمد السمن البلدي، فهي ستسبب تجلطات و سكتات قلبية ...! ».

إذاً كما أن لكل شخص طعاماً مميزاً أو نوعاً يفضله على غيره، فإن لكل شعب أطعمة شعبية يفضّلها وتنسب إليه، وتبقى ذاكرة "اللاذقية" تخبئ الكثير مما لم يسعفنا الوقت لنعرفه ونتذوقه.