لم يعد بمقدور المحبين الآن كتابة أسمائهم على الأشجار، أو على "الحور العتيق" كما تغني السيدة "فيروز" لكنهم ابتكروا أساليب وطرق عدة للتعبير عن عواطفهم. فقد تفنن أصحاب المهن في صناعات تلفت الأنظار بغرابتها وحداثتها، حتى وصلوا إلى الكتابة على حبات "الأرز" الصغيرة، أو الحفر عليها وتحويلها إلى تذكارات وهدايا.
وبعبارة "اكتب اسمك أو اسم من تحب على حبة الأرز" تستهل واجهات المحال معروضاتها (قلائد، حاملات المفاتيح، زينة الهواتف المحمولة) بمجموعها تضمّ قارورة صغيرة ملونة تحتوي "حبة الأرز".
لا أعتقد أن تسخيف المحبة والذكريات بين الناس سواء أكانوا أحباء أو أصدقاء، بهذه الطريقة يعجبني، لأنني قد أجد أنها أشياء خاصة يحتفظ بها الشخص لنفسه
eHoms زار بتاريخ (1/ 2/2009) أحد تلك المتاجر الموجودة في نفق جامعة "البعث" بمدينة "حمص" ليتعرف على كيفية مراحل صنع هذا النوع من الزينة.
السيد "عمار عبد المولى" له خبرة تبلغ حوالي (13) عاماً في صناعتها وبيعها الذي قال: «الكتابة على شيء صغير مثل حبة "الأرز" يتطلب خبرة إضافة إلى الصبر والذوق الفني، وبعض الأشخاص العاملين فيها له إلمام بفنون الزخرفة، وهذه المهنة كغيرها من المهن صعبة في بدايتها، وتسجل هدراً في المواد والوقت حتى يعتاد العامل على صناعتها وإتقانها، لكنّها موضة رائجة في كل المواسم ويكثر طلبها مع اقتراب "عيد الحب"، فقد تهدى من قبل المحبين أو حتى الأصدقاء كنوع من الذكرى، وآخرون يحتفظون بها لأنفسهم».
وعما يكتب على هذه الحبة الصغيرة يضيف بالقول: «في أغلب الأحيان نكتب الأسماء الشخصية، وقد نكتب عليها عبارات مثل الأمثال أو بيوت الشعر القديم، لاسيما شعر الغزل، و"آيات قرآنية".
أما بخصوص ما نستخدمه من أدوات فهي بسيطة ولا تكون بالتعقيد الذي يتوقعه الآخرون، فأنا أعمل باستخدام قلم رفيع جداً يحتوي حبراً عادياً، لا يزول في السائل المستخدم أي "الزئبق البارد"، وفي بعض الأحيان أستخدم آلة تحفر على حبات "الأرز" تشبه تلك التي يستخدمها طبيب الأسنان، وذلك حسب الطلب، لنضيف بعدها الصباغ باللون المرغوب أيضاً في قوارير صغيرة تحتوي الحبة، نأتي بها إما من السوق المحلي أو مستوردة وتلك أي (القوارير) بعضها من الزجاج، والآخر من البلاستيك الشفاف، الذي لايتعرض للكسر، ولا يعطي الجمالية التي يعطيها الزجاج من وضوح ودقة في ظهور الكلمة المكتوبة».
لا يعد هذا النوع من الحرف جديداً في سورية، وإنما يقول البعض ممن يعملون فيها أنه يرجع إلى حوالي (15) سنة، ودخلت مع شاب "تركي" حمل معه المهنة إلى أسواق "دمشق" وانتشرت بعدها في أسواق المدن السورية كافة.
أما الشباب والشابات فكان لهم آراء مختلفة، فالشاب "أيهم ملوحي" يقول: «لم أكن أعير انتباهاً لمثل هذه الأشياء، حتى لفتت نظري العبارة الموجودة على واجهة إحدى المحلات التجارية التي أعبر من أمامها كل يوم أثناء ذهابي إلى الجامعة، ولكن بغض النظر عن كونه ربح مادي فهو شيء رمزي جميل، خاصّة إذا عرفت أن اسمي سيكتب على حبة "أرز" صغيرة، وتحمله الفتاة التي أحبها كنوع من الذكرى».
أما البعض كالشابة "رولا الحاج" فتقول: «لا أعتقد أن تسخيف المحبة والذكريات بين الناس سواء أكانوا أحباء أو أصدقاء، بهذه الطريقة يعجبني، لأنني قد أجد أنها أشياء خاصة يحتفظ بها الشخص لنفسه».
سواء كانت الآراء مع أو ضد، فمن باب المعرفة أن الكثير من الأشخاص يتنافسون في هذه الحرفة سواء بزيادة عدد الكلمات المكتوبة على الحبة أو شكل الرسومات، أو حتى وضع الصور الشخصية بعد تصغيرها على الكمبيوتر، وكلّ ذلك لدخول موسوعة "غينيس" بمعارض أو متاحف متنوعة وأولهم الفنان الإيراني المشهور " رائين خانزاده" الذي خط عشر سور قرآنية قصار من بينها آية الكرسي على حبة أرز وذلك في عام /2005/.