«لم يعد لخبز التنور، أو ما هو معروف بالخبز "الديري" والذي كان يحضر من الطحين والنخالة، نفس المذاق والفائدة التي كانت أيام زمان، بل اقتصر تحضيره حاليا على الطحين "الأبيض" والخميرة السريعة، والتي تؤدي في بعض الأحيان إلى تلبكات معوية، إلا أننا نشتريه مرغمين في بعض الأحيان للضيوف أو في أوقات الحاجة».

هذا ما قاله بتاريخ 8/12/2008 لموقع eDair-alzor السيد "أحمد الصباح" أحد زبائن الخبز التنوري.

إن ظاهرة انتشار التنانير في وقتنا الحالي في "دير الزور"، لم تحمل نفس البصمات القديمة في بناء التنور وصناعة الخبز على العكس فقد أصبح التنور جاهزا من الفخار، ويخبز عليه الخبز للبيع، ولا يحمل نفس الطعمة أو الرائحة، أي بعبارة أخرى أصبحت التنانير في هذه الأيام مصدر رزق لأصحابها فقط، وحاجة للزبون

أما السيد "عمار فاضل" صاحب تنور في الشارع العام جانب حديقة "الشيخ ياسين" فيقول:

خبز-التنور

«إن ظاهرة انتشار التنانير في وقتنا الحالي في "دير الزور"، لم تحمل نفس البصمات القديمة في بناء التنور وصناعة الخبز على العكس فقد أصبح التنور جاهزا من الفخار، ويخبز عليه الخبز للبيع، ولا يحمل نفس الطعمة أو الرائحة، أي بعبارة أخرى أصبحت التنانير في هذه الأيام مصدر رزق لأصحابها فقط، وحاجة للزبون».

ولتسليط الضوء على هذه الصناعة والدور الذي أدته سابقا في المنزل "الديري" التقى eDair-alzor الكاتب والباحث "زبير سلطان" عضو اتحاد الكتاب العرب "بدير الزور" والذي قال:

زبير سلطان

«إلى وقت قريب جدا كان التنور أحد أهم مظاهر الريف والمدينة، حيث كانت النسوة تحضرن الخبز لأفراد العائلة كافة، وكان أيضا لكل تجمع من بيوت القرية تنوره الخاص، ولكن هذه الظاهرة اندثرت فترة طويلة من الزمن وبشكل كبيرة في المدينة، خلافا للريف إلا أنها عادت خلال السنوات القليلة الماضية إلى الانتشار بطرق متعددة في شوارع وأزقة المدينة، ولكنها لم تحمل نفس السمات بل عادت وفي طياتها السمة الاقتصادية الربحية والعزف على وتر رغبة حنين الناس واستعادة ذكريات الماضي».

ويتابع الباحث "سلطان" حديثه عن أهمية التنانير والأدوار التي كانت تلعبها من الناحية الاجتماعية سابقا قائلا:

«إن النسوة قديما كن يتجمعن حول التنور بعد أن يحضرن العجين في المنزل ويبدأن بفرده وتقطيعه إلى قطع متوسطة، وخبزه وشيه داخل التنور، وكانت فترة الخبز هي الفترة الوحيدة التي تجتمع فيها النسوة ليرددن بعض الأغاني ويتبادلن النكات ويتجاذبن أطراف الأحاديث، من أخبار أهل القرية كالخطبة والزواج والمرض والسفر وهن يلوحن بالرغيف في الهواء، ثم يضعنه على الكارة والتي هي عبارة عن قطعة من اللباد دائرية الشكل ومغطاة بطبقات من القماش خيطت حوافها وغالبا ما يتم تفصيلها في البيت، ويوضع عليها الرغيف ثم يلصق على جدار التنور، حتى ينضج ويتم سحبه باليد أو بذراع حديدي، كما كانت النساء وخاصة في القرى تقمن بتوزيع الخبز لكل عابر سبيل أو مار بقرب التنور وتنشق رائحة الخبز».

وعن صناعة التنانير يقول الباحث "سلطان":

«إن بناء التنور لم يكن سهلا ويحتاج لمواد خاصة تحتمل الحرارة لكي لا تتشقق، حيث كانوا يخلطون فيه نوعا من التربة مع نوع خاص من الحجارة يطلق عليها أهل القرية "ملح الدب" وتخلط المواد جميعها بالماء ويبنى منها التنور، ويوضع تحت السقف بناء من جدارين وذلك من أجل التهوية مع رصف مصطبة واسعة لرق العجين، وكان الفلاحون يفضلون النباتات العطرية كوقود له مثل الميرمية والريحان والسنديان لأنها تضيف نكهة خاصة للخبز.

وإضافة للخبز كان يتم تحضير أقراص بالسلق وفطائر الفليفلة المعروفة في "دير الزور" بـ"المحمرة" المختلطة مع السمسم والبصل والزيت والسمون المدهون بالزبدة البلدية أو الزيت، إضافة إلى شوي "المشحمية" والتي يتم إعدادها من العجين واللحم المخلوط بمادة العصفر والتوابل الأخرى، وبعض النسوة كن يحضرن بعض الحلويات كأقراص العيد والكليجة خاصة أيام الأعياد».