قبل ساعة واحدة من وفاته أنهى الكاتب "عبد الحي أديب" كتابة السيناريو الخاص بفيلم "ليلة البيبي دول"، وتنفيذاً لوصية والده عمل المخرج "عادل أديب" تحت ضغوط كبيرة وصعوبات مختلفة لإنتاج الفيلم في شهر واحد للمشاركة به بمهرجان "كان" السينمائي وهذا ما حصل بالفعل، هكذا روى لنا المخرج "عادل أديب" حكاية "ليلة البيبي دول" خلال لقائنا معه يوم الثلاثاء 4/11/2008، بعد نهاية عرض الفيلم في مهرجان "دمشق" السينمائي في دورته السادسة عشرة، "ليلة البيبي دول" أو كما يحلو للمخرج تسميته "سينما الحياة"، يتناول رغم أنه اقتصر على ليلة واحدة هي ليلة رأس السنة إلا أن أحداثه تلخص التاريخ العربي الحديث والمآسي التي وقع فيها عبر السنوات الثمانية الأخيرة، الفيلم في عيون مخرجه يهدف إلى مخاطبة المجتمع العالمي عبر وجهات نظر مختلفة "عربية، أمريكية، فلسطينية، عراقية"، وجهات نظر كثيرة تأخذ من واقع العرب تفاصيل دقيقة وتسلط الضوء عليها في محاولة لإظهارها ومعرفة نتائجها.
وعن هذه الواقعية يحكي لنا مخرج الفيلم "عادل أديب": «حالة رائعة جمعت بين الممثلين والفنيين والتقنيين أثناء تنفيذ العمل وسفرنا في جولة على دول العالم "نيويورك وبراغ وسورية والقاهرة" لإكمال التصوير وإنهاء الفيلم في شهر واحد، حاولت خلاله إعادة ترتيب الصور لكي تنقل إلى المتلقي ما حصل بالفعل من أحداث آلمت العالم العربي ولا سيما أن فكرة الفيلم قامت بالأساس على موضوع الجدل عبر ومضات سريعة لتوضّح المصائب الكثيرة، ولتثير العديد من الأسئلة عن إمكانية جعل العالم أكثرا ترابطاً وعن إمكانية ولادة طفل بعد اليوم، في "فرنسا" طلبوا مني حذف بعض المشاهد التي تدل على ما فعله الإسرائيليون بفلسطين إلا أنني لم أوافق على حذف أي مقطع».
تم تصوير الفيلم في عدة مدن منها: "نيويورك وبراغ والقاهرة" وفي سورية أيضا، لم أستعن خلال فترة إعداد الفيلم بمواد تسجيلية لأنني أردت تصوير الحدث بعيون عربية من منظور عربي هذا من ناحية، وأن أقول من خلال هذا الفيلم للعالم أجمع أن العرب لديهم إمكانيات وتقنيات عالية لإنجاز أفضل الأفلام من ناحية أخرى
تعرض الفيلم منذ عرضه إلى انتقادات واسعة من الأوساط الفنية والسينمائية، لكونه لا يتجاوز ما قدمه آخرون من نقد سياسي لما يجري من أحداث في العالم، وعن ذلك قال "الأديب": «النسبة الكبيرة من المشاهدين حسب ملاحظتي كانت مؤلفة من الشباب والشابات أي الفئة التي تحب معرفة ماذا حصل، وسبب ذلك أن هذا الجيل يمثل العقول المنفتحة المتجددة التي ترغب في معرفة ما حصل بالتحديد بعيداً عن "الفبركة" والقصص الرومانسية والغرامية، كما أن الفيلم رغم الانتقادات الكثيرة التي تعرض لها اختير من أفضل عشرة أفلام في مهرجان "مونتريال" وهذا ما أعاد لي بعضاً من جهدي وجهد الآخرين».
وحول مراحل إنجاز الفيلم الذي تم في زمن قياسي أضاف: «تم تصوير الفيلم في عدة مدن منها: "نيويورك وبراغ والقاهرة" وفي سورية أيضا، لم أستعن خلال فترة إعداد الفيلم بمواد تسجيلية لأنني أردت تصوير الحدث بعيون عربية من منظور عربي هذا من ناحية، وأن أقول من خلال هذا الفيلم للعالم أجمع أن العرب لديهم إمكانيات وتقنيات عالية لإنجاز أفضل الأفلام من ناحية أخرى»
هل ستستمر من خلال شركة "غود نيوز" التي تملكها باستقطاب نجوم سوريين، أجاب عن سؤالنا قائلاً: «هذه القبلية ليست واردة في أي بلد من البلدان في العالم، كما أننا لا نشعر بها إلا في الدول العربية وأعتقد أن الوقت قد حان حتى نتجاوز هذه المسألة نهائياً ليبقى الفن فناً، خذ "أمريكا" على سبيل المثال لا يمكنك أن تجد فيلماً أمريكياً خالصاً وإنما الممثل ايطاليا والمخرج فرنسياً والكاتب بريطانياً... دون أي ذكر لهذه المسائل».
تدور أحداث الفيلم جميعها في ليلة واحدة هي ليلة رأس السنة سعى من خلالها المخرج عكس الملهاة التي تدور في هذه الليلة بعيون عربية وغربية، لنتابع تفاصيل ما قاله: «معظم الأحداث جاءت في قالب كوميدي محورها شخصية "حسام" الذي يعيش في "الولايات المتحدة الأمريكية"، ويصله نبأ سار بأنه سيعود إلى وطنه "مصر" في ليلة رأس السنة مرافقاً لوفد أميركي وكأحد المنظمين للاجتماع السنوي الذي تقيمه لجنة الصداقة الأميركية المصرية، ومع اقتراب رأس السنة يزداد حماس "حسام" للعودة إلى بيته ليحتفل بهذه المناسبة مع زوجته التي لم يرها منذ عام ويحضر لها هدية "بيبي دول"، ولكنه وبدلاً من أن يلتقي بزوجته يتعرض لسلسلة أحداث كارثية يتورط فيها من دون قصد، قصة هذا الشاب هي التي شكلت مدخلا إلى الفيلم عبر طرح وجهة نظر عربية حول ما يجري في العالم العربي من خلال تقديم تواريخ عديدة ومشكلات كبيرة على الناس أن تعرفها وتدرك نتائجها».
يعتبر المخرج "عادل أديب" من كبار المخرجين المصريين وقدم مجموعة كبيرة من الأفلام نذكر منها: «عمارة يعقوبيان، حليم، ليلة البيبي دول"، وهو من عائلة فنية والده الكاتب والسيناريست "عبد الحي أديب" وأخوه "عماد أديب" يعمل في صناعة الأفلام، يملك شركة للإنتاج هي شركة "غود نيوز" التي أنتج من خلالها هذا الفيلم بكلفة /7/ ملايين جنيه، شارك في الفيلم مجموعة كبيرة من الممثلين نذكر منهم: "سلاف فواخرجي، جمال سليمان، نور الشريف، محمود عبد العزيز، محمود حميدة، ليلى علوي، جميل راتب... وآخرين.