البيت الذي تعقد تحت أعمدته عادات وتقاليد عربية أصيلة، فهو الذي يستقبل الضيف ويؤوي المحتاج ويطعم الجائع ويكسي العريان، وتدور بين ثناياه حكايات "سوالف" الرجال عن هذا وذاك في الرجولة والشهامة.

الحرفة التي تعطي صورة صادقة عن جهود الإنسان للتكيف مع بيئته الصحراوية وحسن استغلال مواردها الطبيعية وتطويعها لصالحه، وللاطلاع على تفاصيل "بيت الشعر" التقى eHasakeh بالسيد "علاوي إسماعيل" ابن البادية "الجزراوية" في منزله البالغ من العمر (60) عاماً، ليحدثنا عن بيت الشعر:

هناك تسميات لكل بيت وهذه التسميات مستمدة من عدد الأعمدة الموجودة داخل البيت التي يستند عليها بيت الشعر وهي: "القطبة" وعبارة عن عامود واحد، "المثولث"، و"المربع"، و"المخومس"، و"المسودس"، و"المسوبع"، و"المثومن"، و"المتوسع"، وأكبرها البيت المصنوع من أحد عشر عموداً ولا يوجد إلا عند الشيوخ وقل ما يستعمله البدو لكبر حجمه

«تعتبر الخيمة البدوية أو بيت الشعر من أساسيات الحياة بالنسبة للبدو، حيث نقيم بيوتنا بطريقة بسيطة تتلاءم مع حركاتنا المستمرة، لذلك كانت الخيمة أكثر الوسائل المناسبة لحياتنا التي تتسم بعدم الاستقرار. وتتميز الخيمة بخفة حملها وسهولة نصبها ورفعها فضلاً عن أنها تصنع من نتاج الحيوانات التي نربيها، وتتخذ الخيمة شكلاً دائرياً وتثبت من ثلاثة أطراف بالأرض، أما الرابع فيرفع ليسمح بدخول الهواء، كما أن من السهولة تغيير طرفها المتحرك حسب اتجاهات الريح وشدتها، وتتشابه جميع خيام العشيرة في البساطة عدا خيمة الشيخ فهي تتميز بكبر حجمها وبثراء فرشها، وفضلاً عن بساطة مواد الخيمة وسهولة حملها فإنها تهيئ للبدوي حماية نسبية من برد الشتاء ومن حر الصيف، وهي أكثر ملائمة لجو الصحراء ولا سيما في الصيف. وتختلف تشكيلة نصب خيام القبيلة حسب الفصول ففي الشتاء تكون الخيام متباعدة نوعاً ما حسب توفر المياه والرعي، أما في الصيف فتتقارب متخذة شكل الدائرة حول نبع الماء وتكون في المقدمة خيمة الشيخ ليهتدي إليها الضيوف».

وعن المكونات الأساسية لإنتاج بيت الشعر يجيبنا "أبو ياسر" بقوله: «يصنع بيت الشعر من صوف الأغنام وشعر الماعز مستعينة المرأة البدوية بالأدوات التالية: "المطرق": وهي عصا دقيقة يتم استخدامها في عملية تنظيف الشعر وتنقيته، ويستمد البدوي "المطرق" من أغصان الأشجار مثل "العوسج" المسماة عندنا "السدرة".

و"الكرداش": وهي قطعتان خشبيتان لكل واحدة منهما مقبض لليد وفي سطح كل واحدة منهما عدد من الأسنان ويوضع على الشعر لتنظيفه من الشوائب.

"التغزالة": عبارة عن قطعة خشبية يستمدها البدو من قطع الأشجار المختلفة فيشق احد طرفيها شقين، ووظيفتها مساعدة المرأة البدوية في تسهيل عملية الغزل.

أما "المغزل": وهو قطعة من أعواد الشجر الأملس ويكون في رأس المغزل قطعة حديدية تسمى "السنارة" ووظيفة "المغزل" الأساسية برم الشعر وغزله.

"الدرجة": وهي مجموعة خيوط الشعر المغزولة والمبرومة بواسطة المغزل وتشبه "الدرجة" الكرة المدورة لكنها أكبر منها حجماً، وبدون هذه الدرجة لا تستطيع المرأة البدوية أن تعمل أي نوع من الأسدية.

"السدو": إذا أرادت المرأة البدوية أن تعمل نوعاً من أسدية، فيجب أن يكون لديها عدد كاف من "الدرجة"، حتى تستطيع أن تبدأ عملية إنتاج السدو».

أما المواد اللازمة لخياطة بيت الشعر وتحضيره حسب ما يذكر "أبو ياسر" فهي: «"المخيط": أداة حديدية تشبه الإبرة لكنها اكبر حجماً منها يبلغ طولها /8/سم تقريباً، "الخلال والمريرة": الخلال قطعة من الحديد أيضاً طرفيها مدوراً وتشبه المخيط لكنها اكبر حجماً، "الأطناب": وهي الحبال المصنوعة من صوف الضأن أو الماعز أو الإبل وتستخدم لشد بيت الشعر وتثبيته، "المنساب والفهر": المناسيب يقصد بها البدوي الأوتاد وهي قطعة حديدية ووظيفة المناسيب هي تثبيت الأطناب في الأرض، "المنحلة": وهي تشبه العجلة لكنها صغيرة الحجم وتصنع من الحديد أو الخشب ووظيفتها تسهيل عملية سحب الطنب الذي يحتاج إلى المزيد من القوة عند تثبيته بواسطة المنساب في الأرض».

وعن خصائص بيت الشعر يقول "أبو ياسر": «بيت الشعر من الداخل مقسماً تقسيماً خاصاً في استعماله عند البدو وحسب العادات والتقاليد ويكون غطاء بيت الشعر من السدو الذي لا يخلو من وجود فتحات صغيرة تسمح بمرور الهواء في فصل الصيف، أما في مواسم الأمطار فتتضخم خيوط الشعر وتضيق حلقاتها بفعل المياه، وبذلك لا تتسرب المياه إلى داخل بيت الشعر، وعند إشعال النار بداخل بيت الشعر فإن الدخان يصعد إلى الخارج عن طريق الفتحات الموجودة في سقفه، ويقسم البيت إلى قسمين قسم يسمى "المحرم" مخصص للنساء، والآخر يسمى "الديوان" أو "الربعة" وهو مخصص للرجال والضيوف».

وعن مسميات بيت الشعر كما ذكرها "أبو ياسر": «هناك تسميات لكل بيت وهذه التسميات مستمدة من عدد الأعمدة الموجودة داخل البيت التي يستند عليها بيت الشعر وهي: "القطبة" وعبارة عن عامود واحد، "المثولث"، و"المربع"، و"المخومس"، و"المسودس"، و"المسوبع"، و"المثومن"، و"المتوسع"، وأكبرها البيت المصنوع من أحد عشر عموداً ولا يوجد إلا عند الشيوخ وقل ما يستعمله البدو لكبر حجمه».

وعن الأصبغة المستعملة لتلوين "السدو": «كرد فعل على صرامة البيئة الصحراوية، تستعمل المرأة البدوية الألوان الصارخة كالأحمر والبرتقالي في منسوجاتها، وهي تعكس حساً فنياً وذوقاً جمالياً فطرياً. وقبل شيوع الاصبغة الكيماوية، كانت النساء البدويات تستعين ببعض النباتان الصحراوية في تلوين الأصواف مثل: "العرجون" وهو نبات بري حولي يعطي لوناً برتقالياً مائلاً إلى الأصفر.

وكانت النساء تستعملن لتثبيت اللون "الشب" و"ألفوه" و"أللومي". وتضيف المرأة في البادية الكثير من اللمسات الجمالية إلى منسوجاتها، مثل: "المراود" و"الخروج" و"القواطع"، وتزينها بالدرز والكراكيش والجدائل الملونة أو بالودع والجلود. وترتكز أهم النقوش المستعملة على أشكال هندسية، تعتمد مبدأ التناسب والانتظام، وتأثيراً بالتناسق العام للجسد الإنساني، وبالتكرار المنتظم في الطبيعة في الطبيعة مثل: تعاقب الليل والنهار وتوالي الفصول، وفي امتداد أفق السهول والرمال. يتجلى ذلك في حياكة اليدوية في الخطوط الأفقية والمتوازية المميزة لنقوش السدو، الحاوية لأشكال هندسية مبسطة، تظهر غالباً مثلثات أو نقاطاً أو هرميات صغيرة متكررة».