«لقد استطاع مهرجان شقا أن يجمع بين أنواع الشعر الفصيح (العمودي) والشعبي، وأن يشارك فيه العديد من شعراء الفصحى أمثال الشاعر "فرحان الخطيب" والدكتور "فايز عز الدين" وغيرهما، وهذا يعطي تنوعاً وغنى للمهرجان، ويعود الفضل في تنوع الدعوات إلى من يقيم مهرجانات أدبية كمهرجان "شقا"، حيث بذل السيد "أبو طلعت أنيس ناصر" مدير مهرجان "شقا" جهداً كبيراً لنجاحه».

هذا ما تحدث به الشاعر الشعبي "فوزي حمشو" لموقع eSuweda بتاريخ 3/10/2008 ويضيف قائلاً: «لابد للشعر بأنواعه المختلفة أن يأخذ دوره في مجالات عديدة، خاصة إذا اتحد الشعر الفصيح مع ابنه الشرعي الشعبي في مهرجانات موحدة ليقدم للعامة الموهبة الشاعرية الفطرية، لأن التعبير بلغة الشعر بشكل مميز يدخل الأفئدة، ويحرك المشاعر الإنسانية ويساهم في خلق موروث جديد نابع من إرث قديم ومحلية صادقة، وهو أحد الثوابت التي يمكن مواجهة الغزو الثقافي بها».

أدوج عفافٍ عن اللوم مدروق/ لعل تتقارب تفاريج ضيجي بحيثه خصيصه لهل الود والذوق/ لا "أبو إياس" نبراس شيخ الفريجي نبع الذكا مرجع أديبٍ ومرموق/ وليا هرج بحرٍ وسبعٍ عميجي

ثم قدم الدكتور "فايز عز الدين" قصيدة بعنوان "من معاني الحياة" قال فيها:

الدكتور فايز عز الدين

«سألت وما في الحي رجع لسائلٍ/ فيا دمنة الحيين ردي سؤاليا

أيفرح محزون وتكشف غمة/ إذا عز في الدارين يوم صفاليا

الشاعر فرحان الخطيب

وما خلت أني في العهود مناكث/ ولا خلت أن العجز رغماً بداليا

فكل أمين في الثغور مرابط/ وكل أصيل فيه نبني المعاليا

قفطان الشوفي وفوزي حمشو وعارف مراد

وكل حكيم صاغ مجداً بعصره/ وكل سقيم هدّ مجد الأواليا

وأعطيت للجيلين حبي وصبوتي/ وأفنيت دهري في النوال لاليا

فيا جيرة النهرين من إرث بابل/ مدي حبالك أو أمد حباليا

عرفتك مأوى الغر عزاً ومنعة/ سقى الله أيام الكرام الخواليا

عليك سلام الله في كل ومضة/ ولسنا بلا الأعماق نجني اللآليا».

والتقى موقعنا الدكتور "فايز عز الدين" وسأله عن المعاني الاجتماعية التي قصدها في الحياة والبيئة فتحدث قائلاً: «العادات عموماً هي السلوك الاجتماعي والقيمي الذي تعارفت عليه الجماعة البشرية وتواضعت عليه، وصار يمثل ما يشبه الضابطة الاجتماعية والأخلاقية والإنسانية وحتى الروحية، وكلما تدرجت الجماعة البشرية في سلم تطور تدرجت معها عاداتها أيضاً، إذ إن العادات راحلة لرحيل عصورها وقادمة بقدوم عصورها وما بين هذين الحدين نرى إلى العادات العربية بمنظور عصرها الذي تواضعت الناس عليه لأنها كانت في ذلك الزمان منظومة لحياة لها قسطها المحدود من الحضارة المادية ولها قسطها أيضاً الثري من الحضارة العقلية، فإذا تحدثنا عما يتصل بفكر الإنسان وسلوكه فنجد أن العرب احترموا المنتج واحترموا الشجاع والكريم والكرم وإغاثة الملهوف والتجمع ولو أن منهم من قادة القوافل ما رسخ بعض العقليات الفردية لكن مفاهيم الجمرة أعطت دلائل على التكتل فالجمرة كانت عدداً من القبائل تتحالف لتأمين حياتها واستقرارها من غائلة الطامعين الغزاة والغزو وكان من أقبح العادات إلى جانب الثأر عند العرب، فالعرب جمعوا بين متناقضين في منظومتهم القيمية بين عادات فيها السمو الإنساني الكبير وعادات لا علاقة لها بالإنسانية مثل الغزو والثأر، أما في الراهن من حياتنا وقد تبدلت العصور فأخذت هذه القيم نفسها مضامين جديدة فاتسعت دائرة الكرم لتتعدى ما يسمى استقبال الضيف لتصبح كرماً في الحياة الاجتماعية عموماً وليأخذ الكريم معنى الأصيل ثم لتأخذ العادات الأخرى مفاهيم التجمع من أجل الوطنية والوطن الواحد، إذاً نحن الآن أمام عصرنة العادات، نشعر أنها في الأصل قيم مطلقة فالكرم قيمة مطلقة وهو ضروري في كل عصر، والنجدة قيمة مطلقة تصلح في كل عصر، لكن بعض الوظائف التي قد تتغير في النجدة ذاتها حين تكون النجدة مرفوعة من فرد إلى الوطن بمعنى أن تجد النجدة الحقيقية ليس لأجل "انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً" فتصبح هنا النجدة هي دفاع عن الوطن ووقفة مع الوطن وأيضاً مفاهيم الأخلاق التقليدية الحب والعاطفة والخير والإحسان والتكافل هذه العادات أيضاً لها قيم مطلقة فالخير في كل زمان ومكان مطلوب لكن الخير كقيمة عالية إذا ما سخرناه لخير أنفسنا شيء أو إذا كان الخير للجماعة والوطن فهو شيء آخر، إذاً العادة شيء والسمو والارتفاع فيها شيء آخر أيضاً، وفي قصيدتي جسدت العادات في مهرجان "شقا" للشعر الشعبي».

وقدم الشاعر الشعبي "هايل مهنا" ترحيباً بالشاعر "فرحان الخطيب، أبو إياس" بالأبيات الشعبية التالية:

«أدوج عفافٍ عن اللوم مدروق/ لعل تتقارب تفاريج ضيجي

بحيثه خصيصه لهل الود والذوق/ لا "أبو إياس" نبراس شيخ الفريجي

نبع الذكا مرجع أديبٍ ومرموق/ وليا هرج بحرٍ وسبعٍ عميجي».

ثم ألقى الشاعر "الخطيب" قصيدته بالشعر العمودي الفصيح، تغنى ببطولة المقاومة الوطنية اللبنانية واصفاً كيف استطاعت أن تحقق نصر تموز في ظلمة الصمت العربي، ومتذكراً القائد العام للثورة السورية الكبرى "سلطان باشا الأطرش" ومستشهداً بأقوال السيد "حسن نصرالله" "إن النصر آت"، والذي ألهب فيها حقاً مشاعر الحضور بالتصفيق والهتاف حين قال فيها:

«في الصيف يبترد الجنوب/ وتصطلي فيه النسائم

في الصيف تبترد القلوب/ فلم يعد لبنان صائم

وصحت عيون عروبتي/ نشوى على وطن المواسم

قبل الإله زكاة من/ زكى بفاتحة الولائم

مرحى لأبطال الجنوب/ لكل صنديدٍ مقاوم

مرحى لعرس المكرمات/ يطوف في بلد العزائم

مرحى لنصر الله يكوي/ علة الجسد المسالم

مرحى لنصر الله/ يلوي عنق جبار وظالم

مرحى لأنك بدر هذي العرب/ حين الليل قاتم

مرحى لأنك في دمي/ سلطان يفتك بالمظالم

كالتوءمين أراكما في الحرب/ يا نعم التوائم

لا ترض أنت وأنت نصر/ الله موسوم المعالم

هم يخسؤون وأنت نصر/ الله إن النصر قادم».

وتحدث الشاعر "فرحان الخطيب" لموقع eSuweda قائلاً: «إن مهرجان الشعر الشعبي في بلدة "شقا" هو تكريس لحالةٍ شعرية شفاهية تعوّد الناس أن يستمعوا إليها ويجتمعوا على معانيها القيّمة والنبيلة لأنها تحاكي مشاعرهم وتتغنى بتاريخهم المجيد، والمعروف أن هذه البقعة الجغرافية (الجنوبية) قدمت الكثير إبان الثورة السورية الكبرى التي قادها المغفور له "سلطان باشا الأطرش"، كبقعة المقاومة الجنوبية التي يقودها سيد المقاومة، فكان لا بد من أن يستل الشعراء أقلامهم ليدونوا مفاخرهم ومفاخر أجدادهم حينما استلوا سيوفهم في مقارعة الغزاة، ولعمري هذا الحشد الأدبي الجليل هو أمرٌ مهمٌ جداً حين ننتزعه من أمام الفضائيات والعولمة الزائفة ليتسمر أمام قصائد المبدعين المتمسكين بأصالتهم، فالوصول إلى خارج المحلية يكون بالتمسك بهذه المحلية بجدارة واهتمام».