"التنبكجي" كلمة تركية تعني الشخص الذي يقدم التنباك أو الأركيلة ويقوم على خدمة من يدخنها حتى الفراغ منها، والتنبكجية صنعة انتشرت مع انتشار الأركيلة في بلدان الشرق العربي منذ عشرات السنين كما في إسبانيا واليونان وغيرهما من بلدان البحر الأبيض المتوسط .

يقوم التنبكجي بتنقية التنباك وتنعيمه ونقعه بالماء لدقائق معدودة ثم يفركه باليدين حتى يصبح شبيهاً بالقرص ويضعه على رأس الأركيلة ويجهزه للزبون ويحملها إليه جاهزة وتحت (النَفَس) وتسمى هذه العملية في عرف أهل الكار بـ (البريمو)، وكما في كل مهنة عتيقة هناك صبي صنعة في مهنة التنبكجية مهمته الطواف بمجمرته على المدخنين وبيده ملقط منادياً نارة نارة

تسمى طريقة تحضير "الأراكيل " ( البريمو) وهي تسمية تركية تعني "الأركيلة" ذاتها، وتقوم هذه الطريقة على تنقية التنباك الأصفهاني، أما الذي يجلب من الساحل السوري فيسمى (بذرة عجمية أو التنباك اللاذقاني ويتم تنعيمه ونقعه بالماء لمدة ثلاث دقائق ويفرك حتى يصبح هشاً ثم يجمع ملء الكف ويوضع على رأس "الأركيلة" ويوضع فوق التنباك جمر مشتعل يُحضر بواسطة (الوجاق) والنفس الجيد هو الذي يفرك التنباك فيه جيداً وينظف من الشوائب ويغسل بماء ساخن ومن ثم يُعصر جيداً للتخفيف من مذاقه الحاد

وقبل الدخول إلى عالم التنبكجية والتعرف إلى أسرار المهنة وتفاصيلها الفلكلورية التي لا تزال صامدة أمام اجتياح المقاهي الالكترونية وعلب الكوفي شوب يجدر بنا أن نتعرف إلى الأركيلة أو الشيشة التي تتألف من زجاجة بلورية كالقنينة تختلف كبراً وصغراً وعلى النموذج الأصلي لهذه الأراكيل نرى صورة "طهماز" وهو رجل تركي تعود إليه فكرة الأراكيل منذ عشرات السنين والتي طورها العرب كثيراً وقد تكون الأركيلة من غير البلور كمعدن النحاس الأبيض وهذا النوع يحوي نقوشاً لزخارف نباتية وهندسية .

أبو راشد حمصة

ومن أقسام الأركيلة الجوزة وتسمى أيضاً (بورية) وهي مصنوعة من قشرة جوز الهند الأولى ويتم ثقب هذه الجوزة وإزالة لبها حتى تصير فارغة ثم تجلى جلياً وتصقل صقلاً ناعماً ويتم ثقبها من رأسها كما أن فيها ثقبٌا ينزل منها فيوضع في الثقب الأعلى قلب من خشب مخروط ومثقوب وفي الثقب الثاني قصبة مجوفة ويوضع رأس من نحاس أصفر على القلب وبعد وضع التنباك فيه وثقبه ثقوباً صغيرة يتعاطى شاربها من القصبة دخانا التنباك وهناك القزازة التي يوضع فيها الماء .

*التنكنة والبريمو

ومن أقسام الأركيلة أيضاً النبريج ويدعى أيضاً البربيش أو النبريج وهو مصنوع من الجلد وبداخله سيخ معدني على شكل حلزوني يجعل النبريج مرناً أثناء الشرب ويلّبس النبريج أحياناً بأدوات الزينة كالخرز والشراشيب وغيرها حسب الذوق

وهناك أنواع من التنباك ومنها الأصفهاني والعجمي واللاذقاني ودخلت في السنوات الأخيرة الى سورية أنواع مختلفة من التنباك من أهمها المعسل بأنواعه التفاحي والهزيزي والنعناعي والزغلولي ومن أقسام الأركيلة( النارة) وهي الجمرة المتوهجة من الفحم وتُعرف على ألسنة الناس أيضاً بـ (البصة ) ومن أقسامها (الأمزك) وهي الخشبة التي تكون في نهاية النبريج وتوضع في الفم و"التنكنة" هو الاسم الذي يطلق على مكان عمل التنبكجية حيث تختلط روائح التنباك المفرود بأنفاس الأراكيل ولهيب الوجاق الذي يستخرج منه الجمر.

التنبكجي "أبو راشد حمصة" الذي يعمل في هذه الصنعة منذ أكثر من ربع قرن يحدثنا عن بعض أسرار هذه المهنة قائلاً : «تسمى طريقة تحضير "الأراكيل " ( البريمو) وهي تسمية تركية تعني "الأركيلة" ذاتها، وتقوم هذه الطريقة على تنقية التنباك الأصفهاني، أما الذي يجلب من الساحل السوري فيسمى (بذرة عجمية أو التنباك اللاذقاني ويتم تنعيمه ونقعه بالماء لمدة ثلاث دقائق ويفرك حتى يصبح هشاً ثم يجمع ملء الكف ويوضع على رأس "الأركيلة" ويوضع فوق التنباك جمر مشتعل يُحضر بواسطة (الوجاق) والنفس الجيد هو الذي يفرك التنباك فيه جيداً وينظف من الشوائب ويغسل بماء ساخن ومن ثم يُعصر جيداً للتخفيف من مذاقه الحاد».

ولإعادة نبريج الأركيلة أصول واجبة الاتباع، فكان الضيف يطوي الجزء الأعلى من النبريج ثم يعيده إلى مضيفه قائلاً: "من كف لا يُعدم" فيجيبه المضيف "ومن أخ لا يندم" وحول ذلك يقول "حمصة": «من المعيب تقديم النبريج باتجاه الزبون بشكل مباشر بل يطوى (الأمزك) للخلف، ويقوم الزبون بضرب ظاهر يد التنبكجي ضربة خفيفة إشعاراً بأخذ النبريج وهي حركة رمزية دلالة على الشكر كما من المعيب أن توضع "الأركيلة" فوق الطاولة -كما يقول أبو راشد "حمصة"- مضيفاً: «إن هذا التصرف كان في الماضي يسبب المشاكل داخل المقهى لأن هذا يعني في عرف القبضايات نوعاً من التحدي والاستخفاف، وكذلك لا يجوز أن يشعل أحدهم سيكارته من فحم الأركيلة أو نفض رمادها في الصينية وإلا سبب ذلك مشاكل قد تصل إلى حد القتل».

وكان (شريبة) الأراكيل كما يقول "محمد النكدلي" المشرف على تنبكجية مقهى "الروضة" في "حمص" يجلسون صفاً واحداً في المقهى لا على طاولة واحدة ونادراً ما يتبادلون الأحاديث فشرب "الأركيلة " يفرض جواً من السكون والتأمل قد يمتد لساعات بحسب نوع النفس ويؤكد "النكدلي" أن نساء "حمص" كن في الماضي بخلاف نساء المدن السورية يشربن الأراكيل في منازلهن وخصوصاً في وقت العصر والصبحية ويقمن بتحضيرها بأنفسهن وحتى الآن ما زالت هذه العادة جارية في مقاهي العائلات لا في المنازل فحسب.