يعد المذيع الشاب محمد السعيد أحد أبرز وجوه الشاشة السورية وإذاعة دمشق نظراً لامتلاكه الصوت الواضح والقدرة على تقديم المعلومة والخبر بشكل جيد إلى المشاهد أو المستمع وحضوره الملفت الأمر الذي تجلى في تقديم للنشرات الإخبارية ومحاورته الضيوف والمحللين بأسلوب فيه المهنية والحرفية العالية .

من منا لا يميز صوت السعيد الذي يتسلل إلى قلوبنا وعقولنا في معظم الأوقات

على جناح المحبة بعبارة " طيب الله أوقاتكم " فهل هناك أجمل من هذه التحية؟

من منا لا يحبه ، حتى لو سمع صوته من خلال برامج محطة سبيس تون للأطفال أو من خلال إطلالته الفريدة على الشاشة، تلك الإطلالة التي يتفنن فيها بالنسبة لغيره من زملاء المهنة.

السعيد اسم على مسمى، فالبسمة لا تفارق وجهه، وسعادته تغمر مساحات واسعة من قلوب من يحيطه ويعمل معه كونه يعرف كيف يفرض احترامه على الآخرين وكيف يحترم الرأي السليم والعمل الناجح.

هذه الصورة البانورامية عن السعيد تفتح الباب أمام أسئلة كثيرة عن البدايات والمهنة.

  • أنت بدأت مع محطة " سبيس تون " للأطفال وأنت الآن في الحقل السياسي ..ما الفرق ..ومن شجعك للدخول إلى عالم السياسة ؟
  • في الحقيقة أنا لا زلت في سبيس تون والآن " سبيس باور " وهي محطة موجهة لليافعين والفتيان والمراهقين ولكن قبل هذا وذاك أنا انطلقت من عالم الإعلان والبرامج الوثائقية في بداية التسعينيات، ولا شك الفرق كبير بين عالم الطفولة والسياسة، فأنت تتحدث عن عالم بريء وعالم مليء بالمتفجرات والألغام والمتغيرات اللحظية إن لم نقل يومية، ولكن رغم هذا فأنا مهتم بعالم السياسة مذ كنت يافعا فأنا ابن قضية، أنا من الجولان المحتل، وتعلمنا أنا وأخوتي أن نصغي مع الأهل مذ كنا أطفالا ً إلى نشرات الأخبار عبر الراديو ونسمع رجاءهم وحلمهم مع كل خبر، هل سيعود الجولان ؟ ( رح نرجع عالبلاد) وهذا كان واضحا ً وجليا ًبشكل كبير أثناء حرب تشرين التحريرية التي تابعنا مجرياتها وتفاصيلها لحظة بلحظة، ويستمر هذا الشغف حتى اللحظة.

    خلال عملك مذيعا ً في التلفزيون والإذاعة السورية، هل ترى أن الثقافة تساعد المذيع على تطوير مجال عمله والسير نحو الأفضل ؟

    هذا مؤكد وضروري بل هو حاجة، و حاجة أساسية، الشكل الوسيم مطلوب والصوت الجميل مطلوب أيضا ولكن كل هذا سيذهب بفعل الزمن، ويبقى الرأس المليء وتبقى الثقافة، وأنا برأي قبل الشكل والصوت، هناك الثقافة والأداء هما

    الأهم، وهذا ما أحاول التركيز عليهما في عملي.

  • الجمهور يحبك كثيرا فماذا قدمت حتى الآن على الشاشة السورية وعبر الإذاعة ؟
  • في الإذاعة قدمت برامج (سينما الإذاعة، صور شامية، مهن شامية، البرنامج المفتوح، تحت الأنظار هي زاوية أسبوعية في برنامج معكم على الهواء- ولازالت- ..بالإضافة إلى البرامج الإخبارية ونشرات الأخبار ..وكلفت بمهام خارجية كثيرة .

    أما في التلفزيون فقدمت برامج ( أروقة الصحافة، عم بتضوي الشمس، صحافة متلفزة، حوار خاص ) وحاليا أعكف على إعداد برنامج جديد اسمه ( الجذور) بالإضافة إلى برامج المناسبات القومية والوطنية ، وكلفت بتغطية أحداث سياسية خارج سورية كمؤتمر عدم الانحياز في كوبا ومؤتمر منظمة المؤتمر الإسلامي في داكار بالسنغال، ومن بيروت تغطية عودة القوات السورية إلى أرض الوطن ومن بيروت أيضا شاركت في إعداد وتقديم برنامج عن الضاحية الجنوبية بعيد انتهاء العدوان الإسرائيلي على لبنان ،وعدت من هناك بحجر من ركام قناة المنار بعد تدميرها أحتفظ به حتى هذه اللحظة، ومنذ أيام قليلة قمت بتغطية انتخاب الرئيس اللبناني الجديد العماد ميشيل سليمان وأجريت حوارا ً مع الرئيس اللبناني السابق إميل لحود ومع رئيس تيار الوطني الحر النائب ميشيل عون، وأجريت عددا من اللقاءات مع المسؤولين العرب منهم ( الرئيس عمر البشير، ورئيس وزراء الجزائر عبد العزيز بلخادم ،ورئيس الوزراء اللبناني الأسبق سليم الحص وغيرهم عدا عن لقائي بعدد من الشخصيات العربية الهامة في سورية مثل ( إسماعيل هنية ـ نوري المالكي، إضافة إلى كبار المسؤولين السوريين ) عدا عن المناسبات التي تحدث في سورية، حيث شاركت بتغطية واسعة منذ عملت في الإذاعة و التلفزيون، مثلا تغطية ( المؤتمر العاشر للحزب، مؤتمر الأحزاب العربية، مؤتمر البرلمانات العربية، مؤتمر نصرة فلسطين، فعاليات الجولان، وأخيرا ً القمة العربية)

    وجميع تلك البرامج التي ذكرتها هي إما من إعدادي أو مشارك في إعدادها.

    هل أنت راض عن وضعك وما تقدمه من برامج ؟

    لا أحد يستطيع أن يقول عن نفسه إنه راض فلا زلت أطمح إلى الكثير وإلى لقاء شخصيات أخرى، وأسعى جاهدا ً إلى تقديم ما أحبه فعلا ً على صعيد العمل الإعلامي هو برامج التحقيقات.

    هل هناك تواصل بين جيلكم وجيل المذيعين القدامى ؟

    تواصلنا هو أكثر مع الجيل الذي لم يسبقنا كثيرا، هناك علاقات لطيفة تجمعنا بهم وتواصل مهني وإنساني وهذا موجود فعلا، أما مع الجيل القديم فللأسف التواصل غير موجود.

    ماذا عن علاقات المذيعين والمذيعات لجهة المنافسة ومحاولة تقديم الأفضل والظهور على الشاشة في برامج دسمة ؟

    المنافسة ضرورية ومشروعة، والشاشة والساحة والقمة تتسع للجميع، ولكن أيها الزميل العزيز، من حقك أن تفعل ما تريد وأن تظهر كل ساعة ولكن ليس على جثتي، كما للزملاء حق، لي الحق أيضا .

    نظراً لخبرتك وتجربتك الطويلة، ما هي الجوائز التي حصلت عليها حتى الآن ؟

    من أبرز هذه الجوائز، الجائزة الذهبية لمهرجان القاهرة عن أفضل تحقيق بعنوان (سلام من صبا بردى) لعام 2006 والجائزة الذهبية لمهرجان القاهرة عن أفضل تحقيق أيضا بعنوان (أموت اشتياقا ً ..أموت اختناقا ً) لعام 2007.

    ما تقييمك لبنية نشرات الأخبار خلال تقديمك لها في التلفزيون السوري ؟

    لا شك أننا تطورنا كثيرا ً في نشرات الأخبار عما سبق، فهناك الخبر المصور، وهناك المراسل من مكان الحدث، وهناك اضاءات من المحلل السياسي والمراقب والمسؤول، وهذا جميل جدا ً وضروري، ولكننا لا زلنا في نشراتنا نمازج بين المحلي والعربي والدولي، وأنا برأيي لو تصبح جميع نشراتنا تعنى بالشأن المحلي فسيكون هذا أفضل .

    لماذا أفضل ؟

    لأنه وبصراحة في ظل وجود الفضائيات الإخبارية الكبرى فإن خبرنا يضيع أمامها، وأنا شخصيا ً أحصل على الخبر المحلي من قناتنا وأحصل على الخبر العربي والدولي من قنوات أخرى، وكم أتوق إلى تقديم نشرة أخبار محلية صرفة وأتحدث إلى المراسلين من رئاسة الوزراء ومجلس الشعب والوزارات والمحافظات ..الخ، وفي نهاية النشرة نقدم موجزا ً قصيرا ً عن الأخبار العربية والدولية، صدقني سنجذب الجمهور أكثر مما نحن عليه الآن.

    كيف يمكن للمذيع أن يساهم في إغناء النشرة وتطويرها ؟

    أنا مع المحرر المذيع أو المذيع المحرر دائما ً وأبداً، ولي تجربة واسعة في هذا المجال من خلال تقارير أصنعها بنفسي عن الأحداث وتفاعلاتها خاصة ما يجري في العراق ولبنان وفلسطين من عدوان وممارسات إرهابية لقوات الاحتلال هناك .

    ما هي مواصفات المذيع بنظرك ؟

    برأي الثقافة أولاً وثانيا ً وثالثا ً، ورابعا ً وخامسا ً الأداء، وسادسا ً الصوت وسابعاً الشكل.

    كيف يجد المذيع نفسه عندما يكون في الشارع أو السوق أي بين الناس ؟

    سأقول لك شيئا طريفا، هناك من لا يعرفك فعلا ً، وهناك من يدعي أنه لا يعرفك، وهناك من يعرفك ويعبر عن حبه لك ، وهناك من يعرفك ويحاول إزعاجك ، وهناك من يعرفك فلا يريد أن يأخذ منك ثمن ما اشتريت من عنده، وهناك من يعرفك فيأخذ منك ثمنا ً مضاعفا ً لمشترياتك على اعتبار أنك تعمل في التلفزيون و (مشهور!) ..(وحلها إذا بتنحل معك )

    بعد خبرة واسعة في المجال السياسي، إلى أين تريد التعمق، وما المجال الذي ترغبه ؟

    لا زلت بحاجة إلى المزيد من الخبرة في المجال السياسي، فنحن - كما قلت سابقا ً- نعيش في عالم متغير بشكل سريع جدا ً وعلينا أن لا نقرأ الحدث فقط بل ما وراء الحدث حتى نستطيع أن نفهم ما يجري وأن نستمع إلى آراء المحللين والمراقبين وأصحاب الرأي عدا عن المتابعة اليومية للصحف والافتتاحيات، أما عن المجال الذي أرغب به حقيقة فهو التحقيقات ..الشارع ..المناطق الغامضة..والمثيرة..صدقني أنا لا أحب الأستوديو ولا البدلة ولا " الكرافات "، أحب الجينز والميدان والغبار و اكتشاف مناطق الغموض وأدعو لي أن أحقق هذا الأمر .

    هل تفكر بالعمل في الخارج ؟

    تلقيت بعض العروض ورفضتها ولكن إن وجدت محطة ستضيف لي مهنيا ً وماديا ً ..فلم لا ؟

    ما هو المذيع النجم في العالم العربي بالنسبة لك ؟

    هناك أكثر من واحد، ونجومي المفضلون أكثرهم من الإذاعة ( ماجد سرحان ومديحة المدفعي و أيوب صديق ونور الدين زوركي ..من إذاعة بي بي سي وسعاد نحاس وطالب يعقوب من إذاعة دمشق وندى الصالح من التلفزيون السوري وهذه السيدة الرائعة خسارة أن تفارقنا باكرا ً فبصوتها وأدائها وشكلها كانت تسمرني أمام الشاشة، وأتمنى لها أن تعود الآن، هناك يسري فودة وجمال ريان وخديجة بن قنة من قناة الجزيرة ) هؤلاء جميعا ً أساتذة في مجالهم وأطرب لسماعهم، وقد تأثرت بهم وتعلمت منهم الكثير .

    يقال في الوسط الإعلامي إن أسلوبك يشبه أسلوب جمال الريان ..ما صحة ذلك ؟

    أنا لا أنكر حبي وإعجابي بجمال الريان وباقي مذيعي قناة الجزيرة، وهم كما قلت قبل قليل أساتذة في مجالهم ، وهم – لا شك – شكلوا مدرسة إعلامية تعلم منها – ولا يزال- الجميع قد أكون متأثرا باللاوعي بمدرسة قناة الجزيرة ككل وليس شخصا ً بعينه – وهم بالمناسبة متأثرون يبعضهم أيضا، ولكن لي أسلوبي وشخصيتي و (مشهدي الخاص) وأنا أعمل في هذا المجال منذ عام 1992أي قبل ظهور قناة الجزيرة بست سنوات، وعد إلى تسجيلاتي القديمة في سورية أو في محطة ( إم بي سي ) راديو في السعودية ، فقد تعاملت معهم مدة سنتين، فستجدني ها أنا ذا لم أتغير، وراقبوا جيدا ً نشرات الأخبار بعين حيادية، وليست بعين من يحاول أن يسجل عليك نقطة شئت أم أبيت .

    بكل الأحوال التأثر ليس عيبا ً، وبالمناسبة يقال لي إنني أشبه جمال الريان من حيث الشكل، فربما اختلط الأمر على البعض بين الشكل والمضمون، أو أرادوا تسجيل نقطة ( رمادية ) في سجلي المهني، لأنهم سيحاولون اصطيادك بأي شيء هو من وحي خيالاتهم الواسعة لا أكثر ،لأن من يعمل عندنا هم أقل بكثير من يجلس ليسجل عليك سقطاتك وانتكاساتك، وهذه هي الحقيقة للأسف، وأنا لا يزعجني هذا الأمر إنما توسعت في الجواب على هذا السؤال من باب التوضيح لا أكثر.

    تميز بأنك تختم النشرات بعبارات جميلة، ما القصد منها، وهل هذا النوع تراه ضروريا ؟

    بعد نشرة مليئة بالقتل والتدمير والزلازل والبراكين والأعاصير و الظلم، نحتاج أن نختم النشرة بابتسامة، وطيب الله أوقاتكم.