تراه يصرخ في صدى المقاعد الفارغة، وعلى خشبة بات صوتها تحت أقدامه موسيقا تذكره بالماضي الجميل، لتجده كلمات تحكي الخجل في غمرة من العجل وحكاية عمرها أكثر من (40) عاماً.

من نادي جمعية العمل الثقافي في اللاذقية بدأ عام (1968)، ومن الاحتفالات المدرسية التي كان يشغل كل أوقاتها في النزهة بخياله الواسع في سطور أخرجها له المرحوم المبدع محمد أسعد فارس حيث ترنح بين الكوميدي الهادف والتراجيدي المجتزء من حكايات الماضي والحاضر.

وفي عام (1971) سافر بعيداً إلى (برستينا عاصمة إقليم كوسوفو الآن) ليدرس في يوغسلافيا هندسة الكهرباء، وبعد مضي وقت من الزمن وخلال مروره في أحد الشوارع الجميلة لفت نظره لوحة كبيرة وزاهية العنوان نقش عليها بما معناه "أكاديمية الفنون المسرحية العامة"، وشده العنوان قبل المكان ومرت الليالي وهاجس الالتحاق بهذه الأكاديمية يرعش في جسده على الرغم من مساوئ هذا الانتماء بالنسبة لأهله الذين ينتظروه بعد مرور سنتين من سفره.

أ. شيخ خميس في احد المسرحيات

تقدم الطالب العربي الوحيد حينها إلى مقاعد أكاديمية الفنون في برستينا وترك معالم الهدف الذي غادر على أثره أرض بلاده، ليعود عام (1978) الفنان القدير الأستاذ عبد الله شيخ خميس إلى الوطن سورية وفي حوزته شهادة ما كان ينتظرها أحد منه ألا وهي شهادة تخرجه من الأكاديمية العامة للفنون المسرحية في يوغسلافيا.

استاء أهله من تصرفه، وخاصموا مسيرته لما في هذه المهنة من تنازل شعبي وقيمي للمسرح في حينها، واستمر إلى أن اجتاز الخدمة الإلزامية وفيها أبدع في كتابة النصوص وإخراجها بالتعاون مع الكثير من المبدعين حينها.

أ. شيخ خميس يحي جمهوره بعد انتهاء احد العروض

eLatakia جلست في لقاء ودي مع الفنان عبد الله شيخ خميس ودار حوار مطول راح يتحدث ملياً عن ذكريات المسرح بلا كلل ولا ملل فقال مكملاً مسيرة حياته: "إنني لم أتخيل نفسي أن أترك تلك الخشبة الصغيرة وأهرب من شفافية إيقاعها وبقيت هكذا أعمل داخل المسرح متنقلاً مابين التراجيدي منه والأطفال، حيث عملت كثيراً في مسرح الطفل ولذلك وبعد مسيرة إخراج وتمثيل وإعداد طويلة لم أستطع ترك المسرح وحتى بعد تقدم العمر الذي قلل من هامتي ولم يقلل من همتي أبدا"ً.

وعن المسرح اليوم قال الفنان شيخ خميس: "إن المسرح اليوم يرتاده من يبحث عن الضحكة والتفريغ الاجتماعي وترى نفسك اليوم على ازدحام مرعب إذا كانت الكوميديا عنوانه، أما غيره من المسارح لا ترى فيها إلا روادها وهم قلة بسبب التقدم التقني الذي طرح معادلة المسرح إلى المستويات الدنيا ورغم ذلك نشعر بوميض العودة التامة للمسرح وأجوائه القديمة نتيجة المهرجانات الكثيرة والمتعددة التي تدور بين كواليس المسرح نفسه وبالتالي الإقبال الكبير للناس إلى المسرح وحضور كل ألوانه وتعابيره.

أ.شيخ خميس في احد العروض المسرحية

أما عن المسرحيين الشباب اليوم فقال: "إن الذي يريد أن يصل إلى السمعة فالمسرح لا يأتي بالسمعة، بل يجب أن يعرف المسرحي الشاب أن المسرح ما كان ولن يكون إلا أبو الفن وأمينه العام منبع الفنان أياً كانت شهرته فلا أصل لغير المسرح، ولن ترى أي نجم تلفزيوني اليوم إلا والمسرح أصله، ولا شك أني أرى اليوم الكثير من الوجوه التي تعد بالنجاح وبإكمال الطريق عنا من بعد أن وصلنا فيه إلى ما نحن اليوم عليه.

وفي كلمة صغيرة تراها "غرغرة" بين جفني محدثنا أراد أن يختم حديثه فيها وبعد سكون قاتل لا يتعدى الثواني اليتيمة قال: "أحلم في عودة المسرح إلى الماضي وإلى شباك يكتظ بالمتفرجين لأننا نحن المسرحيين نبدع في عيون من يحضرنا ونبقى في قلوب من يسمعنا ونكتب على دفاتر من يذكرنا".

وتبقى الإشارة إلى أن الأستاذ عبد الله شيخ خميس له العديد من المشاركات التلفزيونية وكان أهمها مشاركته الأخيرة في المسلسل الأكثر حضوراً اليوم وهو "ضيعة ضايعة" والذي تبثه قناة أبو ظبي الفضائية بالإضافة إلى مشاركاته الكثيرة في أعمال تلفزيونية مثل: (وصمة عار، وسلسلة كان يا مكان مع الأخوين شيخاني) وغيرها من الأعمال الكثيرة، أما في السينما فقد شارك مشاركة لا تنسى في فيلم المتبقي الشهير، أما من أعماله الإذاعية البرنامج الشهير وقال البحر.