الحاجة التي فرضتها ظروف التربة والزراعة المنزلية في المنطقة الساحلية، والتي يُعتمد عليها في تحسين الوضع الاقتصادي كانت المحفز الأساسي للبحث عن فكرة إنتاج الفحم الحيوي والجهاز الخاص لإنتاجه أو ما يسمى بالمفحم الحيوي، وهو ما دفع المخترع "محمد إبراهيم" للعمل على تحقيق هذه الفكرة واقعياً، وتصميم جهاز لهذه الغاية حصل من خلاله على شهادة الباسل للإبداع والاختراع.

الحاجة أم الاختراع

الحاجة أم الاختراع، وهي السبب الأساسي للبحث عن الحلول العلمية وتطبيقها على أرض الواقع، يقول الدكتور "إبراهيم"، والذي تعرّف من خلال عمله الزراعي وقربه من المزارعين بشكل عام، على المشاكل التي تعترض عملهم والتي تتمثل بصعوبة توفر الاحتياجات الأساسية من السماد للتربة لتغذية المزروعات، وخاصة في الفترة الأخيرة والعقوبات الاقتصادية المفروضة، ما يجعل من الضرورة بمكان البحث عن بدائل محلية.

بشكل عام للأعمال الزراعية مخلفات متعددة منها ما ينتج عن بعض المحاصيل مثل قشور الفول السوداني ومنها ما ينتج عن التقليم وأخرى تنتج عن مثلاً عصر الزيتون، وقد اعتاد الجميع على التخلص منها طبيعياً عبر الحرق في الغالب أو رميها في الأودية والأنهار، وهذا ما سبب تلوثاً للبيئة بشكل عام وفي بعض الأحيان قد يتسبب بخلق أخطار كبيرة كحرائق هائلة، وتلافياً لكل ذلك يمكن جعلها مصدراً جيداً للمزارعين لتعويض القلة في المواد السمادية وتحسين جودة التربة والترشيد باستخدام المياه، من خلال تفحيم المخلفات ببطئ أو ما يعرف علمياً بالتحلل الحراري اللاهوائي ضمن درجات حرارة ما بين /400- 700/ درجة

يتكون الجهاز كما يصفه المخترع، من أسطوانتين متداخلتين محمولتين على غرفة احتراق واحدة، مع وجود مخرج لنواتج الاحتراق في الأعلى بجانب الرأس الحراري الذي يمكن توظيفه للطهي والتسخين والتدفئة الشتوية، كما ينتج فحماً حيوياً يحسن خصوبة التربة ويخفف مضار الأسمدة الكيميائية على المنتجات الزراعية.

الدكتور محمد مع جهاز المفحم الحيوي

ولعل ما أعطى هذا الجهاز مزايا إضافية سهولة حمل المفحم الحيوي وتحريكه عند الحاجة ووضعه في المواقع الزراعية المستهدفة، وفق ما أكده الدكتور "إبراهيم" وكذلك التصميم البسيط والفريد للمفحم الذي ينتج كميات لا بأس بها في كل وجبة تفحيم، ويمكن زيادتها بزيادة حجم المفحم.

آلية عمل

في وصفه لآلية عمل الجهاز يقول الدكتور "إبراهيم": «بشكل عام للأعمال الزراعية مخلفات متعددة منها ما ينتج عن بعض المحاصيل مثل قشور الفول السوداني ومنها ما ينتج عن التقليم وأخرى تنتج عن مثلاً عصر الزيتون، وقد اعتاد الجميع على التخلص منها طبيعياً عبر الحرق في الغالب أو رميها في الأودية والأنهار، وهذا ما سبب تلوثاً للبيئة بشكل عام وفي بعض الأحيان قد يتسبب بخلق أخطار كبيرة كحرائق هائلة، وتلافياً لكل ذلك يمكن جعلها مصدراً جيداً للمزارعين لتعويض القلة في المواد السمادية وتحسين جودة التربة والترشيد باستخدام المياه، من خلال تفحيم المخلفات ببطئ أو ما يعرف علمياً بالتحلل الحراري اللاهوائي ضمن درجات حرارة ما بين /400- 700/ درجة».

الدكتور محمد بعد إنتاج الفحم الحيوي

ويتابع "إبراهيم": «بعض المواد المستخدمة تنتج كميات من الفحم الحيوي الناعم والمسامي كقشور الفول السوداني، والبعض الآخر يحتاج إلى عملية طحن كمخلفات التقليم، والهدف من أن يكون الفحم الحيوي مسامياً "ناعم" لكونه يعطي خاصية الاحتفاظ بالمياه، فكلما كانت المادة ناعمة أكثر كانت درجة تشبعها بالمياه أكبر وبالتالي تحافظ على رطوبة التربة بشكل دائم، مما يعني أنها ستعطي النبات المياه لفترات مستمرة دون أن يحدث في التربة جفاف سريع،

ومن جانب أخر كلما كان المنتج يتمتع بنعومية عالية كلما كان السطح النوعي له مرتفعاً، أي أن سطح امتصاص الفحم الحيوي مع التربة كبير جداً، وهذا ينعكس على بطئ تقديم المواد السمادية من الفحم الحيوي إلى النبات ولفترات زمنية طويلة مستمرة، ما يعني المحافظة على خصائص التربة وتخفيف استهلاك الأسمدة وتحقيق أقصى الفائدة منها للنبات، كما أن الفحم الحيوي يساعد في مكافحة عمليات غسل التربة».

الدكتور محمد خلال اللقاء

ويشير "إبراهيم" إلى نقطة مهمة وهي أن قدرة الفحم الحيوي على الاحتفاظ بالعناصر الغذائية كبيرة، أي أن عملية إضافة الأسمدة للتربة لا يسبب غسلاً لها بوجود الفحم الحيوي، وإنما يحافظ عليها لفترة طويلة وتراكمية، مما يؤدي إلى توفير كبير في الأسمدة وتخفيف الأعباء المادية على المزارع.

صديق للبيئة

على الجانب الآخر وفيما يخص البيئة وتلوثها بشكل عام وارتفاع نسبة ثاني أوكسيد الكربون في الهواء، يرى الدكتور "إبراهيم" أن عمليات التخلص من المخلفات الزراعية بالحرق واحدة من أسباب ارتفاع هذه النسبة، بينما استخدام المفحم لإنتاج الفحم الحيوي يمنع انطلاق الكربون للهواء واتحاده مع الأوكسجين لتشكيل ثاني أوكسيد الكربون، وإنما يتم حجزه ضمن ذرات الفحم وتخفيف تلوث الهواء.

ويبين أن استخدام الفحم الحيوي يمنع انجراف التربة الطينية والرملية نتيجة غزارة الهطولات المطرية، لذلك كانت الغاية الحصول على الفحم الحيوي من تصميم جهاز تفحيم بسيط التكاليف قابل للنقل ومرن بالتعامل معه خلال العمل، أي أنه من الممكن لأي مزارع بيوت محمية أن يقتني المفحم ويضعه أمام بيوته المحمية لينتج من مخلفات زراعته فحماً حيوياً يخدم عمله الزراعي ويخفف عليه من تكاليفها.

مزايا نوعية

الحرفي "أحمد سليم" صاحب الورشة الصناعية في منطقة طرطوس الصناعية والتي جرى فيها تنفيذ تصميم الجهاز، يؤكد أن عملية تنفيذ التصميم لم تستغرق الكثير من الوقت، وعلى العكس تمت العملية بزمن قياسي، علماً أن المواد التي تم استخدامها كانت مواداً معاد تدويرها لتخفيف التكاليف المادية وعدم توفر بعضها، ونوه إلى أنه يمكن التحكم بالكمية التي يستوعبها المفحم من خلال زيادة حجمه بشكل عام وزيادة غرفة التفحيم الداخلية.

بدوره يشير المزارع "محمد سلوم" إلى أن استخدامه للفحم الحيوي خفف من استخدام الأسمدة من خلال محافظته عليها ضمن التربة وعدم غسله بمياه الري، والتي خفف استخدامها نتيجة بقاء التربة مشبعة ورطبة، حيث أن هذه الرطوبة في التربة ساهمت بنمو متناسق للنباتات الزراعية المنزلية كالبطاطا والسلق والخس والبقدونس والبصل وغيرها من الحشائش الزراعية، حيث من المعروف أن هذه النباتات تحب الانتظام في الري والتسميد وهو ما قدمه لها استخدام الفحم الحيوي، والأهم أن النتائج الزراعية كانت ممتازة من حيث النوعية والكمية.