من عام لآخر يضيف الملتقى الثقافي العائلي في "مشتى الحلو"، فعاليات ومهرجانات جديدة ونوعية إلى رصيده، بعدما بات نقطة جذب ليس للزائرين والسياح فقط، وإنما أيضاً للمواهب الشابة التي أثبتت علو كعبها وتميزها هذا الموسم، ليتعاظم دور الملتقى ورسالته الإنسانية، تزامناً مع استنباط أفكار جديدة لبرامجه المتنوعة، والتي كان إحداها فريق مشتى الحلو الفني التشكيلي.
التوت والحرير
تتحدث الشابة "لينا ديب" عضو في لجنة تنظيم الملتقى، وعضو في مؤسسة الملتقى الثقافي الخيري، عن ميزات الملتقى وأبرز فعالياته في الموسم الأخير، وتقول: "مهرجان هذا العام 2023 بنسخته الحادية عشرة وعنوانها "صدى التوت والحرير"، كان بمثابة نقلة نوعية على مستوى المهرجانات الكبرى من حيث التنظيم والفعاليات الثقافية والفنية المتنوعة، والمميز لهذا العام هو مكان الفعاليات التي أنجزت داخل معمل الحرير القديم، لتستعيد الذاكرة مهرجانات الحرير القديمة، حيث تناغم الفن مع جدران المعمل الحجرية ونوافذه المفتوحة على الجبل".
وتشير الشابة إلى أن فعاليات كثيرة، أغنت برنامج هذا العام باشتراك أسماء كبيرة، شارك بعضهم في ملتقى التصوير الزيتي تحت شجرة الدلبة التي تحتضن الملتقى سنوياً، إضافة إلى ورشة الرسم التي شارك فيها فنانون هواة من مشتى الحلو والمناطق المجاورة، استفادوا من تجارب الضيوف وخبراتهم، خاصة بما يتعلق بفن البورتريه.
مواهب ومحترفون
قدم الملتقى دعمه الكامل للمواهب بكافة فئاتها العمرية، فكانت دورات الرسم للأطفال بمراحل مبكرة لاكتشاف مواهب جديدة، والتركيز على اليافعين لتهيئتهم للدخول إلى كلية الفنون الجميلة، كذلك أقام الملتقى معارض دورية للمشاركين في الدورات وورشات العمل، وعرضت أعمال الهواة المميزة في المعرض كحافز للاستمرارية والسير في طريق الاحتراف.
وتؤكد "ديب" على وجوب تخصيص صالة عرض مجهزة بشكل دائم للمعارض، وإقامة معارض خارج نطاق الملتقى، مما يتيح المشاركة في معارض على مستوى أعلى، مع الإشارة إلى بعض الصعوبات المتمثلة بالمواصلات وتأمين الإقامة للفعاليات المختلفة، وتنظيم عدد كبير من الفعاليات بأيام محدودة.
وتبين عضو لجنة تنظيم الملتقى أنه بالرغم من وجود الكثير من العوائق، إلا أن الرغبة والتحدي وعدم التكرار هو سر نجاح المهرجان، الذي ارتدى حلته الجديدة من خلال الفنانين والنشاطات، فضلاً عن أن مشاركة الجيل الجديد من اليافعين والشباب في الفعاليات والتنظيم كان سبباً من أسباب إنجاح مهرجان هذا العام، إضافة إلى التميز الذي حققه فريق الفن التشكيلي، وهذا دليل على أن غاية الملتقى ورسالته قد تحققت من خلال تقدم مستوى المواهب السائرة نحو المستقبل بثقة، وهو إنجاز لرسالة الملتقى بنشر ثقافة الحياة والفن والجمال.
الطبيعة والفنون
بدورها الفنانة الشابة "أورور حنا" وهي من أوائل المشاركين في نشاطات الملتقى منذ عام 2013، حيث صقلت موهبتها على يد الفنان "علاء محمد" الذي رافق الملتقى منذ بداياته، لتشرف فيما بعد على نشاطات الأطفال والشباب الفنية وتعلمهم الرسم بتلقينهم المعلومات المناسبة. تشير الفنانة الشابة إلى أهمية وجود هكذا ملتقى في منطقة جبلية بعيدة عن النشاطات المتمركزة في المدن والبعيدة جغرافياً عن البلدة، كما أشارت إلى دور فريق مشتى الحلو التشكيلي الذي يعتبر نموذجاً هاماً في تطوير المواهب بمشاركته هذا العام في ورشة تدريبية تألفت من العديد من الشبان والشابات الموهوبين، الذين تدربوا لعام كامل وتكلل اجتهادهم بعرض لوحاتهم في البازار الخيري التابع للملتقى. الورشات التدريبية والدورات المختصة، تنوعت هذا الموسم حسب قول "حنا" حيث جرى تقديم اللوحات بقلم الرصاص والفحم والزيتي بالإضافة إلى فنون أخرى كالأشغال اليدوية والرسم والخزف، ليسلط الضوء على المواهب المتميزة وكيفية دعمها بالوسائل التعليمية والتعامل معها وفق المهارات والأعمار، مشيرة إلى أن فئة العشرينات هي التي شاركت في الورشة وعرضت لوحاتهم التي عبرت عن مواهب ملفتة وهذا ليس بجديد فطبيعة المنطقة والبيئة كفيلة بتوريثهم حب الفن والجمال تلقائياً.
وتؤكد "حنا" على دور الفنانين المحترفين الذين جاؤوا من مختلف المحافظات السورية لدعم هذه المواهب وتطويرها، وكان من السعادة مشاركة الاطفال أيضا بتقديم رسوماتهم وأتاحت لهم مساحة واسعة من الخيال والإبداع، إلى جانب حضورهم الدورات التدريبية التي أعطتهم الخطوط العريضة لكيفية التعامل مع القلم والورقة الريشة، ضمن تفاعل إيجابي كبير.
خطط قادمة
وتتابع"حنا" قولها بالتأكيد على المحاولات الدائمة في عمل ورشات تدريبة متجددة الأفكار والأسلوب للشباب، من خلال استقطاب فنانين سوريين وشرحهم لأساليب الرسم الجديدة والتكنيك الجديد، وتكمن الصعوبات من وجهة نظرها في شح المواد والأدوات وصعوبة تلبية الدعوات من قبل بعض الفنانين، بالإضافة إلى التمويل الضعيف القائم على التبرعات.
وتختتم الشابة حديثها بالإشارة إلى المعارض الدورية التي تتم في دمشق، وهاذا دليل على اهمية الفن التشكيلي في سورية، ودلالة إلى أنه فن غير منسي رغم جميع الظروف.
الشاب "سومر محفوض" شارك بلوحات رسمها بقلم الرصاص، وتعتمد على التظليل الذي أظهر الموهبة التي تميز بها، حيث يشير إلى دور الملتقى الكبير الذي أتاح لفريق الفن التشكيلي بعرض رسوماتهم، وتقديم الاهتمام والمتابعة لهم، بالإضافة إلى إتاحة المشاركة في الدورات التدريبية والورش الفنية، فمن المهم، على حد قوله، صقل أي موهبة بالتعلم الأكاديمي بإشراف المختصين، بدءاً من تحفيز الخيال لخلق الفكرة ومعرفة الأسلوب والتكنيك الصحيح للريشة، انتهاء "بتشطيب" اللوحة، فيكون ثمة حافزاً حقيقياً للاستمرار والاحتراف.
وإلى جانب عرض اللوحات في البازار الخيري، شارك الفريق في تجميل جدران المنطقة بالرسم على بعض الجدران، بجو تسوده الألفة،مشيراً بعض الصعوبات كصعوبة تأمين الألوان المطلوبة و قماش الرسم، بالإضافة إلى معاناة الكثيرين من غلاء أسعارها، ومن صعوبة التنقل وارتفاع تسعيرة المواصلات التي يجب مراعاتها في أيام الملتقى، والذي أصبح أحد أهم المقومات السياحة للمنطقة.