بعد أن كانت فكرتها تقوم على تقديم بعض المعلومات والخدمات الطبية عبر صفحتها على فيسبوك، تحولت "ميدلايف" إلى مؤسسة طبية إنسانية غير ربحية مع بداية العام 2023، وعلى الرغم من أن مقرها محافظة "طرطوس" إلا أن نشاطها يشمل كافة أراضي الجمهورية العربية السورية.

الفكرة تتوسع

تضم المؤسسة فريقاً تطوعياً يتألف من مجموعة من الأطباء والصيادلة والطلبة الجامعيين.

تضم "ميدلايف" خبرات هدفها المساعدة وإعادة البسمة على وجه من فقدها، ولطالما كانت المؤسسة الملهم والمشجع ومنها تعلمت معنى التعاون كعائلة واحدة، كما تعلمت أن القيادة ليس احتكار قرارات وأفكار بل عمل يقوم على التعاون والتشاور

يستذكر الدكتور "أمين نحاس" وهو من مؤسسي "ميدلايف" بدايات التأسيس فيقول: «بدأت الفكرة منذ 2019 بشكل فردي مع الدكتور "خالد جمعة"، ذلك بنشر معلومات طبية توعوية على صفحة فيسبوك، ثم أخذت الفكرة تتوسع لتشمل أشخاصاً من مجالات طبية متعددة وعلى مستوى كافة الجامعات السورية..

من زيارة مشفى الأطفال في طرطوس

في البداية لم يكن عددنا يتجاوز 10 أشخاص، لكن في العام 2022 بدأنا ننظر إلى فكرة أشمل كأن نكون بين الناس على أرض الواقع لنشر الثقافة الطبية التوعوية عن طريق الندوات، كذلك أن نكون قريبين من طلاب الطب بكافة اختصاصاته عن طريق ورشات تعليمية في مجالات تهمهم، وذلك كله بشكل تطوعي مبني على محبة حقيقية، وبهدف رفع الوعي وحب العمل التطوعي في مجتمعنا، وبالفعل بدأ فريق "ميدلايف" يحظى بمصداقية كبيرة على الصعيد المحلي والعربي، وتعتبر المؤسسة الآن من أهم المصادر الطبية الإلكترونية في "سورية"».

يرى د. "نحاس" أن لكل بداية عقبات تواجهها وانطلاقاً من هذه العقبات كان الفريق يسعى لمزيد من التطور، ويضيف: «كان التحدي الأكبر يتمثل في عدد الأعضاء القليل، وبفكرة التطوع بشكل عام لدى الطلاب والأطباء، بالإضافة إلى صعوبة الوصول إلى الفئات المستهدفة، لذلك كانت الأفكار كثيرة لمواجهة التحديات وتذليل الصعوبات، وهي أفكار كانت ولا تزال تحتاج الكثير من الدعم المعنوي والمادي، حيث أن فريقنا غير ممول بل يعتمد على الجهود الشخصية لكل فرد من أفراد الفريق».

من حملة دعم الوصفات المزمنة

ثقافة التطوع

مساعدات مقدمة لمتضرري الزلزال

يشير د. "نحاس" إلى أن العمل التطوعي يُعد من أهم وسائل النهوض بالمجتمعات، خاصة في الوقت الحالي بالنسبة لمجتمعنا، حيث أصبح هذا العمل يكتسب أهمية متزايدة، ويقول: «التطوع مهمة غير ربحية، ولا يمثل مهنة إلزامية لمن يعمل به، ويمكن للجميع المشاركة في الأعمال التطوعية فهي ليست حكراً على أحد، ونحن من خلال "ميدلايف" نسعى دائماً وبشكل تطوعي إلى نشر وإبراز ثقافة العمل التطوعي في التنمية الشاملة للمجتمع، ومحاولة استثمار أوقات الأفراد بما يعود عليهم وعلى المجتمع بالخير، كذلك نشر الثقافة الطبية من خلال كوادرنا المؤهلة علمياً، واكتشاف القيادات والطاقات المعطلة وصقلها والاستفادة منها، وإكساب المتطوعين المزيد من الخبرات والمهارات، وأيضاً تقديم الاستشارات الطبية بوساطة كادرنا الطبي وتقديم الخدمات العلاجية، وتوفير بعض المشاريع الجماعية لتطوير الجانب العلمي والعملي لدى الطلبة، ومساعدتهم في حل بعض قضاياهم الجامعية بالتنسيق مع اتحاد الطلبة والكادر التدريسي والعمداء، وغيرها من الأهداف التي يسعى الفريق لتحقيقها».

يضم فريق "ميدلايف" حالياً حوالي 170 متطوعاً من كافة الاختصاصات، ومؤخراً تم فتح المجال أمام الاختصاصات غير الطبية للمساهمة في عمل المؤسسة وفريقها، على أن تتحقق لدى المتطوعين عدة مقومات عنها يقول د."نحاس": «بالنسبة لقبول الانضمام إلى فريق المؤسسة للأشخاص من داخل المجال الطبي يجب أن يكون المتقدم ملتزماً بأنظمة العمل التي تحددها المؤسسة، والقيام بالأعمال المنوط به القيام بها على أكمل وجه، وتحمل كافة المسؤوليات، وتقبّل توجيهات المسؤولين في المؤسسة، والمبادرة والاستعداد للعمل التطوعي في الأنشطة والفعاليات التطوعية، وإحسان التعامل مع الآخرين، والاهتمام بالمظهر الخارجي بما يتماشى مع الأنظمة والآداب العامة، كذلك المحافظة على سرية المعلومات الخاصة بالمؤسسة، وعدم استغلال التطوع أو المهمة لتحقيق أي أهداف شخصية، الانضباط في أوقات العمل والمهام حسب الاتفاق وعدم تركه من دون إشعار مسبق، وعدم احتكار الخبرات والمهارات ومحاولة إيصالها إلى جميع المتطوعين، واتباع التسلسل الإداري في الإجراءات الإدارية، وعدم توريط الفريق في مواقف شخصية».

خدمات ومبادرات

وعن الخدمات التي تقدمها المؤسسة والفئات المستهدفة يقول: «نسعى إلى تقديم مختلف المساعدات الطبية (أدوات طبية– أدوية– عمليات جراحية)، وأن نكون صلة وصل بين الداعمين والمرضى، وتقديم الدعم النفسي مع أخصائيين، كذلك استشارات طبية أونلاين، تقديم الاهتمام والدعم لطلبة الكليات الطبية، والمشاركة بعدة مبادرات مجتمعية أهمها إطلاق مبادرة "ساعد معنا ضحايا الزلزال"، ومبادة ثقافية بمناسبة الأيام العالمية لأمراض متعددة أهمها "متعايشين مع السكري"، وغيرها من الخدمات، وخلال هذا العام 2023 قدمت المؤسسة أكثر من 15 مبادرة منها تقديم تكاليف الأدوية بشكل كامل لمريض يعاني من قصور كلوي نهائي، وسماعات طبية لمريضة تعاني نقص سمع عصبي، وتقديم مساعدات وأدوية لأمراض مزمنة لمدة 3 أشهر لعائلات من ضحايا الزلزال، كما قدمنا مستلزمات عملية جراحية (خزع مثانة) لطفل، وتوزيع هدايا للأطفال المرضى في مشفى أطفال "طرطوس"، وغيرها».

متعاونون

من مستشفى "الحج صالح" تحدث د. "محمد حج صالح" عن طبيعة التعاون بين المشفى والمؤسسة مبيّناً أنه في حال العمل الجراحي فإن المشفى يتقاضى 50 أو 60 بالمئة من الأجور المتعارف عليها في مستشفيات أخرى، وفي حال الاستشارات الطبية لمرضى العيادات فهي مجانية بالكامل، أما عند الحاجة لتصوير شعاعي أو إيكو فبسعر التكلفة من دون أرباح إضافية.

الصيدلانية "عبير القهوجي" في بداية عملها مع الفريق كان كاتبة محتوى، ثم بدأت بتطوير مهاراتها تدريجياً حتى استلامها الإشراف على إحدى خلايا الفريق، وهي اليوم تشرف على عدد من الخلايا، وتقول "القهوجي": «تضم "ميدلايف" خبرات هدفها المساعدة وإعادة البسمة على وجه من فقدها، ولطالما كانت المؤسسة الملهم والمشجع ومنها تعلمت معنى التعاون كعائلة واحدة، كما تعلمت أن القيادة ليس احتكار قرارات وأفكار بل عمل يقوم على التعاون والتشاور».

من جانبها تحاول الصيدلانية "جيسيكا بشور" تأمين ما يلزم من أدوية ومستلزمات طبية على الرغم من صعوبة ذلك في بعض الأحيان، وتضيف: «بدأت العمل كمتطوعة مع "ميدلايف" بعد كارثة الزلزال فحاولت تأمين ما يمكنني من أدوية ومستلزمات طبية، ولا يزال التعاون مع المؤسسة قائماً حتى اليوم لما تمتاز به مصداقية عالية وتنظيم ممتاز، وكذلك السرية الكاملة والحرص على عدم التعريف عن المساعدات المقدمة للأشخاص، ومتابعة تفاصيل الحالات».

وعن تجربتها من الفريق بيّنت الطبيبة "هيا شعبان" أنها تطوعت مع الفريق منذ بدايات التأسيس انطلاقاً من محبتها بتقديم الثقافة الطبية للمجتمع عامة وطلاب كليات الطب على وجه الخصوص، وتوضح أن الفريق سرعان ما تقدم بخطوات مميزة ليصبح بفضل جهوده أوسع انتشاراً وأكثر تنظيماً.

أما الصيدلانية "مايا حجوز" فقد أكدت أن البدايات واجهت الكثير من التحديات، مبينة أن التعاون والعمل بروح الفريق وحب العمل التطوعي ساهم بتجاوز كل العقبات.

وبدورها ترى الصيدلانية "أسيل كرمان" أن أهمية ما يتم تقديمه في المؤسسة تتجلى بمجموعة من الخدمات التي تقدمها سواء للشريحة الطبية أو حتى شريحة الأطفال في المجتمع، وهذا برأيها ميزها عن غيرها من الخدمات التي تقدمها مؤسسات أخرى، وتشير إلى أن تجربتها مع المؤسسة هي تجربة مليئة بالعطاء والرضا الداخلي.

أجريت اللقاءات بتاريخ 14 و 15 آب