خاض "ناصر مزهر" من "السويداء" مغامرة صناعة كرة القدم بمواصفات عالمية كللت بالنجاح، في ظروف اقتصادية صعبة. لكنها أثمرت خيراً له وللنوادي والمهتمين بكرة القدم والأيدي العاملة التي دربها لتخيط الكرات بمهارة وإتقان.

فكرة مختلفة

فكرة إنتاج كرة القدم وطريقتها المعقدة فرضت التروي عدة سنوات ليحضر لها قواعد العمل والانتشار، كي تكون ملبية لحاجة الأندية، والأكاديميات الرياضية في مرحلة ارتفعت بها الأسعار والمواد الأولية لكن فكرة انشاء معمل خاص بكرات القدم بقيت حاضرة لديه ليطلق المعمل منذ قرابة العام ويلاقي استحسان النوادي واللاعبين.

وصل عدد ورشات الخياطة التي تم تشغيلها من قبل المعمل خمسة وثلاثين ورشة من الشابات والشبان الذين يعملون في الخياطة والحبكة في المنازل، وقمنا بتدريبهم واختبارهم من حيث الغرزة المطلوبة، والسعي لرفع الطاقة الانتاجية الشهرية للمعمل الذي بدأ بمئة كرة خلال الشهر الواحد واليوم العمل تطور ليفي بالطلبيات محلياً وخارجياً

يلفت انتباهنا "مزهر" إلى أن معمل كرات القدم الذي أقامه يختلف عن كثير من المعامل، من حيث العملية الانتاجية هنا لا آلات ضخمة ولا خطوط إنتاج كبيرة يشغلها عدد كبير من العمال. الفكرة التي طبقها جاءت مختلفة عن كثير من الصناعات الرياضية، ويبدو أنها بدأت تحصد النجاح تبعاً لإمكانية تصنيع كرات عالية الجودة تورد لأكاديمية عالمية من جهة وأخذت تتسع بالانتشار على المستوى المحلي، والأهم أنها خلقت أكثر من 35 فرصة عمل لشباب وشابات اجتازوا مراحل التدريب وانطلقوا للعمل من خلال المنزل كما أخربنا.

ناصر مزهر مع خوان ماركوس

يضيف "مزهر": «لابد للمهتم بصناعة الكرات من أن يعرف أن العملية الانتاجية ليست آلية بالكامل بل هناك بصمة لليد العاملة في تكوين وتشكيل كرة متينة ذات جودة عالية، لأننا نقوم بالقص من خلال آلات مخصصة لقص قطع بقياسات محددة الطباعة للاسم والماركة، ومن بعدها تبدأ مهمة العاملات بخياطة القطع بالشكل الفني والمهارة المطلوبة، ويتم هذا العمل في المنزل، وطبعا لهذه الخياطة أصول وقواعد حيث يجري الاعتناء بالشكل والمتانة واستمرارية القطعة ومن بعدها تسلم للمعمل لإتمام إجراءات التشكيل».

"مزهر" يثني على طاقم العمل من الشبان والشابات اللذين اهتموا باكتساب المهارة وتفاعلوا مع التدريب بشكل جدي وحثيث مقدرين فرصة العمل التي لا تلزمهم بالدوام بالمعمل، ويكفي العمل من خلال المنزل وتسليم القطع بشكل أسبوعي حسب الاتفاق، وهذه إحدى الطرق الحيوية التي ساهمت في تطوير وتفعيل العمل.

طريقة الخياطة اليدوية للكرات

نحو العالمية

أطفال أكاديمية سما مع الكرات المصنعة محليا

كرات SPACEBALL التي ينتجها معمل "مزهر" وفق شروط "الفيفا" باعتباره المعمل الوحيد في المنطقة الجنوبية، باشر التصنيع لكرات خاصة لأكاديمية ISAT العالمية في الأرجنتين، وذلك بعد زيارة مدير أكاديمية "آيسات" في "دمشق" التي تحمل الترخيص الذهبي العالمية "خوان ماركوس" وصاحب عشر أكاديميات على مستوى العالم للمنطقة منذ أكثر من عام، واطلع على المعمل الذي جهز منذ عام ألفين وستة عشر، لتأمين طلبيات من كرات القدم بمواصفات الأكاديمية وألوانها وهذا العقد كان بداية مشرقة للعمل الذي تطور بشكل جيد جداً على المستوى المحلي.

ويضيف: «وصل عدد ورشات الخياطة التي تم تشغيلها من قبل المعمل خمسة وثلاثين ورشة من الشابات والشبان الذين يعملون في الخياطة والحبكة في المنازل، وقمنا بتدريبهم واختبارهم من حيث الغرزة المطلوبة، والسعي لرفع الطاقة الانتاجية الشهرية للمعمل الذي بدأ بمئة كرة خلال الشهر الواحد واليوم العمل تطور ليفي بالطلبيات محلياً وخارجياً».

يختتم "مزهر" حديثه بما يواجه هذه الصناعة من صعوبات تفرضها الحالة الإقتصادية الحالية تبعاً لمشكلة الحصول على الخامات الأولية بالعملة الصعبة والحصول عليها بالوقت المناسب، وكلف العمل والنقل والأجور التي أخذت تقلص الأرباح للحدود الدنيا، لكنه يعتبر أن فرصة الاستمرار قائمة كون المعمل خلق فرصة لتقديم عدة خدمات تضاف للتصنيع منها الصيانة للكرات القديمة وانتاج قياسات معينة لتدريب الصغار وعدة خدمات يبني عليها الكثير من الثقة بأهمية المشروع، وما يمكن أن يقدمه للرياضة المحلية ولكل من يحتاج هذا النوع من كرات القدم عالية الجودة.

فرص عمل

"سناء موال" تجد في المعمل فرصة عمل مناسبة كونها تسمح لها بالعمل في المنزل لتستقبل الجلود التي تردها مقصوصة بشكل أنيق وآلي وتعيدها بعد الخياطة والحبك تقول: «أعمل من خلال المنزل وهذه ميزة كبيرة للعمل حيث أنظم وقت العمل وفق راحتي وأحرص على تخصيص وقت طويل للعمل، لكن هنا أوقات الراحة ممكنة وزيادة ساعات العمل أيضا ممكنة، فقد تعلمت الخياطة بالخيوط المخصصة وتشميعها أو التعامل مع الخيوط المشمعة وتطبيق أول ثلاث قطع ومنها إلى تكوين شكل الكرة ولا أنكر أن البداية كانت صعبة لكن بعد التدريب ارتبطت بهذا العمل ولدي متعة كبيرة بتمضية ساعات بالخياطة والحبكة التي تحتاج أيضا لجهد عضلي لكنه محبب بالنسبة لي ومنتج بشكل جيد».

"إيمان عبيد" إحدى العاملات بدأت العمل بالخياطة وانتقلت للعمل في المعمل تخبرنا عن تسلسل صناعة الكرة التي تصنع من أجود الجلود المستوردة وهناك خط إنتاج للتسويق المحلي

وتضيف: «إجراءات كثيرة مثل العمل والطباعة وتفاصيل مختلفة لتكتمل عملية انجاز قطعة واحدة، فهذه الصناعة دقيقة لكن العمل فيه متعة ولا يمكن إلا أن يكون العامل محباً لهذه الحرفة التي تحتاج كثير من الفن والدقة وبالنسبة لي أعتبرها فرصة جيدة للعمل واكتساب مهارة كبيرة.

جودة وثقة

يخبرنا "سامر نصر" مدير أكاديمية "سما" في "السويداء" لتدريب الأطفال على رياضة كرة القدم يفتخر بهذا المنتج المحلي الذي أصبح منافساً لكثير من الماركات المستوردة ويقول: «تجربتنا مع كرات SPACEBALL بالأكاديمية عمرها عام وقد تم اعتمادها بالتدريب تبعاً للجودة. الميزة الأجمل أن المعمل أخذ ينتج القياس أربعة المطلوب لتدريب الأطفال وقد حصلنا على عدد جيد من الكرات من انتاج المعمل وقد أثبتت جودتها، وقدم لنا صاحب المعمل خدمات ضرورية مثل الصيانة للكرات القديمة وهذه لأول مرة تتوافر في "السويداء" حيث تمكنا نحن وكل من طلب منه صيانة كرات قديمة مختلفة وهذه خدمة كبيرة ومفيدة».

في الوقت الذي يجد فيه "مالك زين" وكيل أكاديمية آيسات الكروية التي تحمل الترخيص الذهبي وبالتشاركية مع اتحاد كرة القدم أن المنتج الجديد بالعادة يحتاج لفترة طويلة ليحصل على ثقة المتعاملين لكن كرات SPACEBALL حصلت على ثقة الوكلاء والمتعاملين، من حيث العزل ومتانة الخيط المستخدم والجلود خاصة الجلود المستخدمة بصناعة الكرات المعتمدة في "الفيفا" لذلك توزع في "دمشق" والطلب متزايد عليها من باقي المحافظات

يقول: الكرات أثبتت الجدارة والطلب يتطور خاصة أن هناك قدرة للمعمل على إنتاج كرات وطباعة أي شعار خاص بنادي أو أكاديمية أو أي شركة ومؤسسة عليها، وبدأت عملية الإعداد للتسويق في لبنان.