يبدع عدد من العاملين المتخصصين في مجالات متنوعة مشغولات يدوية لها بصمة خاصة تميزها عن مثيلاتها في الأسواق وبأسعار مناسبة يجمعهم شغف العمل في مشروع "بيتينيا" الذي أسسته المهندسة "خميلة سلمان" بكثير من الإرادة والجهد.

نقطة الصفر

قصة حبي للعمل اليدوي بدأت منذ الطفولة بتشجيع والدتي الدائم لتطوير موهبتي في فن الرسم الذي مارسته في أوقات الفراغ وتضيف المهندسة "خميلة سلمان" في حديثها لـ"مدونة وطن": ثم بدأ هذا الشغف يتزايد حتى صرت أضفي لمساتي على ما أرسمه فتبدو الرسوم أكثر حيوية، وفي مراحل لاحقة بدأت بصناعة بعض أدوات التنكر والمعدات المسرحية وبطاقات الدعوة المزخرفة، وفي المرحلة الإعدادية طورت مشغولاتي بشكل أكبر فصنعت بيوت العنكبوت الملونة والبراويز واللوحات وغيرها، الأمر الذي دفع أخي الأكبر إلى تقديم دعمه لي من خلال تسجيلي في دورات الرسم في أحد المراكز المهمة "أورنينا"، كما بدأت أنجذب أكثر للتظليل والرسم السريالي في تلك المرحلة.

إن ما يميز العمل اليدوي في الورشة هو تنفيذه بكل الحب حسب رغبة الزبون، وتسليمه في أسرع وقت ممكن، كما أن العلاقة بين العاملين في الورشة يتميز بروح التعاون واللهفة والأهم هو البصمة التي تميز كل قطعة عن أخرى

وتتابع حديثها: بعد حصولي على الشهادة الثانوية اخترت الدراسة في كلية هندسة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، فكان لا بدّ من الابتعاد عن هوايتي وشغفي والتفرغ التام للدراسة حتى السنوات الجامعية الأخيرة، حيث مثلت حادثة وفاة أحد الأشخاص الأعزاء نقطة العودة لشغف العمل اليدوي بعد أن قمت بكتابة آية من القرآن الكريم بوساطة مواد طبيعية بجانب مرقده، وبعد التخرج وجدت نفسي مخيّرة ما بين العمل في مجال دراستي أو العمل اليدوي، لكنني اخترت الأخيرة منها مجدداً وانطلقت من نقطة الصفر».

إكسسوارات وهدايا

"بيتينيا"

جانب من دورات الرسم للأطفال

عن فكرة تأسيس ورشتها الخاصة بالأعمال اليدوية تقول المهندسة "خميلة": «الفكرة جاءت بعد زيارة إلى "دمشق"، عندما وقفت في المدينة القديمة أمام أحد المحال التجارية كنت قد شاهدته سابقاً في إحدى المسلسلات وجذبني بشدة، ويضم هذا المتجر الذي تعود ملكيته لسيدة ألمانية الجنسية قطعاً تراثيةً مصنوعة يدوياً على الطراز القديم، عندها لمعت في مخيلتي فكرة تأسيس ورشتي الخاصة المشابهة لهذا المتجر، وهنا كان لا بدّ من تكثيف البحث حول كل ما يتعلق بالعمل اليدوي، وتنفيذ كل فكرة بدقة وعناية مع وضع لمستي الخاصة عليها، وأخذت أتنقل بين المكتبات ومحال الأقمشة والأكسسوارات لتأمين ما يلزم، كما أقمت دورة مجانية لتعليم فن الرسم والأعمال اليدوية، وخلال الدورة قمت بتقديم الهدايا التي صنعتها بنفسي بهدف التعريف بمشغولاتي، كذلك أنشأت صفحتي الخاصة عبر الفيسبوك بهدف عرض ما أصنعه، كما قمت بعرض المشغولات على عدد من المحال التجارية التي أبدى أصحابها الكثير من الإعجاب والاهتمام، وأصبحت أعمالي اليدوية تحقق طلباً متزايداً على الرغم من مواجهتي للعديد من التحديات أبرزها سكني في الريف ما نتج عنه ضياع الكثير من الوقت في التنقل بين الطرقات، أيضاً ارتفاع الأسعار الجنوني لمختلف المواد اللازمة لعملي».

نحو تحقيق الحلم

تقدمت المهندسة "خميلة" لإحدى المنح المقدمة من دائرة العلاقات المسكونية للتنمية، وخلال المعسكر التدريبي تلقت تدريبات مكثفة ومحاضرات مهمة عن ريادة الأعمال وكيفية دراسة السوق، وكيفية البدء بمشروع من نقطة الصفر، ودراسة الجدوى الاقتصادية له، وتقول: «بعدها تم قبول مشروعي مع عدد من المشاريع، وبدأت الخطوة الأولى تجاه مشروعي الحلم، وبعد أن كنت أعمل بمفردي قمت بدعوة أول العاملين معي في المشروع وهي السيدة "فدوى" لتشاركني خطواتي الأولى في العمل في ورشتي "بيتينيا"، وسرعان ما لاقت تصميماتنا الإعجاب من الكثيرين، وانتقلت الورشة لتصبح متجراً واقعياً، وازداد عدد الراغبين بالانضمام للورشة وأصبحنا اليوم فريقاً مكوناً من خمسة أشخاص متخصصين بالتطريز والخياطة وصناعة القرطاسيات والحقائب وحفر الخشب، وبالنسبة إلي وإلى جانب العمل اليدوي أهتم أيضاً بالأمور التسويقية ومتابعة توجهات الزبائن والتسليم والشحن وغيرها، ونسعى بشكل دائم إلى رفد الفريق بالخبرات اللازمة.

مشغولات يدوية من بيتينيا

وفي الآونة الأخيرة تم التعاقد من قبلنا مع مركز "إنيرجي" للأنشطة المتعددة، حيث قمنا برسم جميع اللوحات الجدارية فيه، ونعمل كذلك على اقامة دورات تدريبية بالعمل اليدوي لليافعين من أصحاب الموهبة، كذلك لنا تعاون مميز مع ورشة طلي بماء الذهب والفضة في "دمشق"، الأمر الذي لاقى إقبالاً كبيراً من الزبائن».

عن تجربة

من جانبها بيّنت العاملة في ورشة "بيتينيا" للأعمال اليدوية "فدوى عجوز" أن المهندسة "خميلة" هي من شجعتها لتستثمر موهبتها في الفن، فبدأت بإنجاز الطلبيات بعد تأمين المواد اللازمة لصناعتها وتضيف: «إن ما يميز العمل اليدوي في الورشة هو تنفيذه بكل الحب حسب رغبة الزبون، وتسليمه في أسرع وقت ممكن، كما أن العلاقة بين العاملين في الورشة يتميز بروح التعاون واللهفة والأهم هو البصمة التي تميز كل قطعة عن أخرى».

ومن زبائن الورشة "بشرى سليمان" التي أكدت أن ما دفعها لشراء المشغولات اليدوية من "بيتينيا" هو الأنماط الجديدة التي يتم ابتكارها وأسلوب عرضها، إلى جانب متانة وجودة القطع الفنية، والحرص على تقديم القطعة حسب رؤية الزبون، وإمكانية إعادة صناعتها في حال طلب الزبون ذلك، وأشارت إلى أن هذا الأسلوب في التعامل والصبر على تنفيذ أدق التفاصيل إلى جانب الأسعار المناسبة كان دافعاً لها للتعامل مع الورشة.

بدورها "أريج حسامو" أكدت أن المهندسة "خميلة" تبقى في حالة استعداد تام للتواصل مع الزبائن فيما يخص إضافة أي تفاصيل أو تعديلات مع إبقاء لمستها التي تميز مشغولاتها عن مثيلاتها في الأسواق، وحرصها على أن تبقى الأسعار مناسبة للقدرة الشرائية على الرغم من كونها أعمالاً يدوية تحتاج الكثير من الدقة والجهد والوقت