تعد كرة الطاولة واحدة من أجمل وأرشق الرياضيات الفردية والجماعية، وقد استطاعت أندية محافظة "حلب" إثبات وجودها بقوة على خارطة اللعبة، فنالت العديد من بطولات الدوري والكأس، وتألق لاعبوها مع المنتخبات الوطنية وعلى المستوى العربي.

موقع مدونة وطن "eSyria" فتح ملف هذه الرياضة الشيقة واستضاف عدداً من نجومها الذين تألقوا في ممارسة هذه اللعبة أيام زمان، وبالوقت نفسه كشفوا عن الواقع المؤلم الذي تعيشه اللعبة هذه الأيام.

تاريخ مشرق

في البداية يتحدث الحكم الدولي ورئيس اللجنة الفنية الحالي لكرة الطاولة "وجيه السقا" عن ماضي اللعبة وما حققه لاعبوها من إنجازات: "الأندية واللاعبون الحلبيون لهم تاريخ عريق في رياضة كرة الطاولة على مستوى البطولات المحلية والعربية، وللتذكير حتى منتصف الثمانينيات كان أكثر من نصف أندية الدوري العام من مدينة "حلب"، وأغلب نجوم منتخبنا الوطني من أنديتنا أيضاً، ونادراً ما كانت تفلت بطولة منا، وتألق لاعبونا بالفردي ونالوا الكثير من البطولات، ومن أهم الأندية التي اشتهرت ومارست اللعبة، أندية "الأهلي والحرية والجلاء والسكك والواحة والشرطة"، وذاع صيتها في تحقيقها للبطولات ولمهارات لاعبيها".

اللاعب الدولي السابق والمدرب الوطني"عماد مارديني"صاحي الباع والإنجازات في اللعبة.

واقع متردٍ

الحكم الدولي ورئيس اللجنة الفنية بمدينة"حلب""وجيه السقا".

ويكشف الكابتن "السقا" عن حال الأندية الحلبية الآن والتي تمر بحالة تدهور وتراجع وإهمال متعمد من إدارات الأندية التي لاتدعم هذه اللعبة وتحاول إلغاءها من كشوفها، حسب قوله، فقد تراجع حالياً عدد من يمارسها لتقتصر على أندية "الحرية ونبل والسكك" وبمستويات لا ترقى للمطلوب وبنتائج وحضور متواضع.

ويضيف: الأزمة المنصرمة والحالة المادية، لعبت دوراً سلبياً في عدم الاهتمام الكافي، فاللعبة غير مفعلة حالياً بشكل رسمي في أكبر الأندية الحلبية والسورية وهو "نادي الأهلي" وكذلك في نادي "الجلاء" وهو العريق في اللعبة وصاحب بطولات سابقة، ونتيجة هذا الإهمال ابتعد العديد من نجوم اللعبة عن ممارستها.

المدرب الوطني "بشار عبد الباري" وأحد نجوم اللعبة السابقين بكرة الطاولة.

وعن خطة العمل يشير "السقا" إلى أنها تعتمد على صقل المواهب والبراعم الصغار، والبناء من جديد وبالتعاون مع الاتحاد العربي السوري للعبة من خلال دعمنا بطاولات وتجهيزات ومضارب وكرات ومقرات وصالات ومشاركات محلية وخارجية، وآخر الإنجازات الفردية كانت ممثلة بلاعب من فئة الصغار هو "هوفيك ميساكيان" الذي أحرز بطولة القطر ويمثل المنتخب الوطني حالياً.

تراجع مخيف

اللاعب الدولي السابق ومدرب منتخب "سورية" السابق "عماد مارديني " يبين أن الأندية الحلبية كانت تشكل العمود القوي في الدوري العام الممتاز ممثلة بـأندية "الأهلي" و"الاتحاد" سابقاً و"الجلاء" و"الحرية" واليرموك" و"السكك الحديدية"، وفي سجل هذه الأندية عدد كبير من بطولات الدوري وكأس الجمهورية إضافة إلى تحقيق الإنجازات الفردية المحلية والعربية.

ويرى "مارديني" في حديثه أن اللعبة حالياً في تراجع مخيف غير مبرر من إدارات الأندية التي تصرف الملايين على استقدام لاعب بكرتي القدم والسلة، فيما تتهرب من تنشيط وإحياء لعبة كرة الطاولة لأسباب غير مقنعة وحجج واهية لامعنى لها، ناسفة ما حققته اللعبة من بطولات، فقد كان المنتخب السوري في طليعة المنتخبات العربية والآسيوية، وكان يحسب له ألف حساب وفي سجله انتصارات وبطولات لها وزنها.

نجوم "حلب"

ويستذكر "مارديني" تاريخ وإنجازات نجوم اللعبة في المدينة فيقول: بداياتي في ممارسة اللعبة كانت في عام 1984 في "نادي الحرية" وصعدت معه للدرجة الأولى ثم أحرزت معه لقب الدوري، ومنه انتقلت لنادي "الشرطة" المركزي ونلنا البطولة لثلاثة مواسم متتالية مع كأس الجمهورية، ولعبت لنادي "الاتحاد" وأحرزت معه لقب الدوري والكأس ، ودربت أيضاً فريق "السكك" ونلت معه لقب الوصيف، ونلت مع فريق "شرطة حلب" لقب وصيف الدوري وبطولة كأس الجمهورية.

ويتابع "مارديني" حديثه بالقول: نجوم "حلب" السابقون كان لهم باع وصولات وجولات في هذه الرياضة الجميلة وخاصة بحقبة الثمانينيات والتسعينيات، ومن أبطال اللعبة بوقتها أذكر "بهاء الأميري وعبد الملك فنصة وجمال ريشي وجمال خياط وأحمد كيال وبسام علوظي وأمين الحريري وعامر بركات وصفوان غزال"، هؤلاء كانوا من الجيل الذهبي، لعبوا لأنديتهم والمنتخب الوطني وحازوا على بطولات كثيرة، ومن بعدهم دربت لاعب المنتخب السابق "محمد أوغلي" والذي يشرف على تدريب المنتخب الوطني حالياً وكذلك دربت أخي "لؤي" الذي يشرف على تدريب نادي "عمال حماة.

بحاجة لاهتمام

من جهته يشخّص "بشار عبد الباري" اللاعب وعضو الاتحاد السابق لكرة الطاولة الواقع المتردي للعبة ويقول: للأسف العديد من كوادر ونجوم اللعبة هجرها لعدم الاهتمام بها إضافة لتجاهلها من رؤساء الأندية بشكل متعمد، واللعبة بشكل عام تحتاج لاهتمام ودعم المواهب والفئات العمرية مع تأمين التجهيزات وميزانية خاصة، حتى تتطور وتستعيد ألقها ووهجها وسمعتها ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب.

وعن مشواره في اللعبة يقول "عبد الباري": اللعبة شيقة وممتعة ومارستها لأكثر من عشرين عاماً ما بين لاعب ومدرب ومن دون توقف في صالاتها المحلية والعربية، وتدرجت مع "نادي الاتحاد" وأحرزت معه عدة بطولات، ونلت مع نادي "الواحة" لقب الكأس، ومع "الجلاء" لقب الدوري عام 2004، ولعبت أيضاً لنادي "الجيش" المركزي، وأحرزت معه لقب البطولة للرجال، ودربت نادي "القلعة" بكل فئاته، ومثلت منتخب "حلب" ولعبت ببطولة الأندية العربية ونلت المركز الخامس على مستوى الرجال، وأصحاب الفضل علي باللعبة "القاضي أمر الله فنصة ووليدي الأفندي وعبد الكريم كلزية"، وتم تكليفي برئاسة بعثة منتخب "سورية" للسيدات في عام 2016 في "هونغ كونغ."

رياضة للجميع

يقول "ضياء موصللي" وهو العامل بجامعة حلب /60/ عاماً: كرة الطاولة عشقي، أمارسها منذ أكثر من ثلاثين عاماً بشكل يومي وأحرزت فيها عدة بطولات على مستوى الجامعة، هي رياضة شيقة وممتعة ومفيدة ولاتسبب أي إصابات وفوائدها الصحية والبدنية كثيرة ولاتحصى وتلعب من قبل المتقدمين بالعمر والشباب والصغار بكل سهولة.

أما زميله "محمود داية" فيقول: أحب هذه اللعبة كثيراً وأمارسها يومياً في صالة الجامعة مع زملائي العاملين، هي لعبة تستهوي الجميع من الرجال والنساء تنشط الجسد والعقل والذكاء وتعطي الجسد مرونة وتساعد بحرق الدهون ومصاريفها عادية جداً.

تم إجراء الحوارات مع نجوم اللعبة ما بين "حلب واسطنبول" بتاريخ الثالث والعشرين من شهر أيار لعام 2023.