لعل السائل عن قرية "خربة عواد" بريف "السويداء"، أو من أتاها زائراً ومستطلعاً ومستكشفاً، سيقرأ على جدران منازلها القديمة أنها تحمل شهادة ميلاد مضى عليها نحو ألفي عام، ورغم كل تلك السنين إلا أن روح الحياة ما زالت تنبض في أرض هذه القرية المحاذية للحدود الأردنية من الجهة الجنوبية.

حضارات متعاقبة

يؤكد رئيس دائرة آثار السويداء "خلدون الشمعة" في حديثه للمدونة أن الدراسات التاريخية والأثرية والتي أجريت على أرض تلك القرية، تشير إلى أن ولادتها أبصرت النور عمرانياً وبشرياً منذ أكثر من ألفي عام، ولتبقى منذ ذلك التاريخ ولاّدة لحضارات متعاقبة، فألق الماضي ما زال ممزوجاً بعراقة الحاضر، ورائحة من سكن منازلها ما زالت تعبق في كل زاوية من زوايا القرية، التي يعود تاريخها إلى العصر الروماني، وصولاً إلى العصر الإسلامي، مضيفاً: الزائر لقرية "خربة عواد" لا يمكنه أن يخرج منها قبل أن يدون على دفتر ذكرياته ما تحتضنه تلك القرية من معالم أثرية ونقوش حجرية تحمل ذكرى من عبر وسكن، حيث ترقد على أرضها العديد من المعالم الأثرية المهمة، كبيوتها القديمة التي مازالت بمنزلة السجل التاريخي المؤرخ لهذه القرية، ونقوشها الحجرية التي تحكي قصة حضارة مضت، لكن أحداثها لم تمحَ بل ما زالت بمنزلة الكتاب التاريخي المفتوح لمن يود معرفة المزيد عن القرية، وغيرها من الأوابد الأثرية.

قرية نموذجية

ورغم تصنيفها زراعياً بأنها خارج خط المطر، إلا أن سكان القرية لم يتركوا "كار" الزراعة منذ أن وطأت أقدامهم أرض القرية في منتصف القرن التاسع عشر، لتصبح الزراعة -حسب قول أحد سكان القرية "رهيج غرز الدين"- المصدر الوحيد الذي يعتاش منه الأهالي، ولاسيما بعد أن وصلت إليها المياه عبر بئرها الزراعية، ما دفع الفلاحين للتوجه نحو زراعة أراضيهم المْتعطشة للأشجار المْثمرة باللوزيات والزيتون، ولتتحول الأرض من بائرة إلى مْنتجة محققةً لهم اكتفاءً ذاتياً ومورداً مالياً، وليذهب البعض الآخر إلى تربية المواشي التي شكلت هي الأخرى رديفاً معيشياً لهم ولأسرهم، فضلاً عن خيار الاغتراب الذي اختاره البعض لعدم توافر فرص عمل على ساحة القرية، نتيجة بعدها عن مركز المدينة الذي يبلغ نحو 55 كم.

البيوت القديمة في القرية

بدوره يقول "نضال النجم" رئيس بلدية قرية "عنز": إن سواد حجارتها البازليتية المزوج حالياً ببياض بيوتها الحديثة، أعطى قرية "خربة عواد"، لمسة جمالية تسكن الذاكرة وتستوطن القلب، فالزائر إليها يشعر كأنه يحاكي التاريخ ليقص له حكايات الماضي والحاضر باحداثها الحلوة والمرة.

ويضيف: "تعد القرية من القرى الصحية النموذجية ولاسيما بعد إعلانها خلال سنوات مضت خالية من الأمية والتدخين، ما خوّلها لأن تكون قرية صديقة البيئة، وقد أقيمت على أرضها وبفضل رغبة أبنائها بالبقاء في القرية، العديد من المشروعات التنموية الصغيرة التي أصبحت بمنزلة الرديف المعيشي للأهالي".

صورة لمدخل القرية
خلدون الشمعة رئيس دائرة آثار السويداء