كانت الأيام الثلاثة التي تلت نكبة الزلزال في السادس من شهر شباط الماضي، كافية للخروج بمبادرة تعليمية دعت إليها المعلمة "ناهد عزام" ولاقت الدعم من المدرسات "بثينة شلغين" و"شذا الصحناوي"، وقد أطلق عليها مبادرة "إيد بإيد" وتتمثل بتقديم دروس مجانية للطلاب الذين تضرروا من الكارثة.

الفكرة والانطلاقة

المبادرة توسعت بشكل كبير حيث تضم 42 معلماً لتدريس ما يقارب 500 طالب وطالبة عبر الشبكة بشكل تطوعي كامل، وهي لاتزال مستمرة لغاية هذا التاريخ، حسب المعلمة "ناهد عزام" في مدرسة "إبراهيم زين الدين" في مدينة "شهبا".

تقول "عزام" في حديثها لمدونة وطن: "انطلاقاً من عملي فقد تركز التفكير على الطلاب الذين تضرروا من الزلزال، وخصوصاً أولئك الذين فقدوا السكن والكتاب والمدرسة، وأخذت أبحث عن وسيلة للتواصل وتقديم العون وباشرت بالبحث عبر صفحات شبكات التواصل، ووجدت منشوراً من صفحات "اللاذقية" لطالب ثالث ثانوي بحاجة لنسخة كتب للشهادة الثانوية لأن كتبه صارت تحت الأنقاض، وعلّقت للطالب حينها أنني قادرة على المساعدة خاصة أنني منذ سنوات أتواصل مع طلاب، وأقدم جلسات مجانية للطلاب داخل وخارج المحافظة".

المعلمة ناهد عزام

وتضيف "عزام": "لم يتفاعل الطالب مع تعليقي، وعدت ونشرت على صفحتي أننا نستطيع المساعدة، ومد يد العون لطلاب المدن المتضررة بجلسات مجانية، ولاقى المنشور تفاعلاً كبيراً من زملائي المعلمين في "السويداء"، وباقي المدن وكانت البداية من زملائي في ثانوية "إبراهيم زين الدين" بشكل لافت وكبير، فتواصلت مع مديرة الثانوية "بثينة شلغين" التي قدمت قاعات المدرسة، لتكون البداية من الثانوية والاجتماع لتنسيق العمل وجمع النسخ والتخطيط بشكل مبرمج، وتطوعت المدرسة "شذا الصحناوي" لتقسيم المجموعات وجلسات المدرسين لتنطلق المبادرة بعد أيام قليلة".

آلية العمل

كنا في تلك المرحلة بحاجة لحلقة تواصل مع الطلاب على الأرض، تقول "عزام": "فنحن على مسافة بعيدة، وساعدتني إحدى طالباتي للتواصل مع الطالبة "فرح أبو بكر" من مدينة "حلب"، وهي طالبة صف عاشر جمعت الطلاب المتضررين وكل من يحتاج جلسات في الشهادتين الإعدادية والثانوية بفرعيها، ليكون محور العمل بيني وبين زميلاتي "بثينة" و"شذا" والطالبة "فرح"، وظهرت المبادرة التي سميناها "إيد بإيد"، وانطلقت الجلسات منذ العاشر من شباط، وتفاعلت بتطوع كامل من زملاء لنا استلموا عدة مجموعات، وقدموا بحماسة ساعات تدريس طويلة في كل المواد".

المعلمات ناهد عزام بثينة شلغين وشذا الصحناوي القائمات على المبادرة

وحول طريقة التعليم تضيف "عزام": "يقوم المدرس أو المدرسة بتسجيل الجلسة بداية من تصوير الدرس والقواعد أو المفردات، وشرح الدرس والتدريبات بالوقت المناسب له لنترك للطلاب حرية التواصل وفق الوقت المناسب للكهرباء والانترنت، وكل طالب يتفاعل يسجل دخوله وما يحتاج من توضيحات، وكان التفاعل جيداً جداً في كل الجلسات والمجموعات وهذا ما أكد وصول المعلومة للطلاب وتحقيق الفائدة المرجوة لهم".

من جهتها توضح مديرة ثانوية "إبراهيم زين الدين" "بثينة شلغين" أنه ومنذ انطلاق المبادرة تمت دراسة الاحتياجات لتحقق المبادرة الفائدة المرجوة منها، وكون التعامل من خلال الانترنت وجهاز الموبايل حصراً، فإن عدداً كبيراً من الطلاب استعانوا بهواتف أقاربهم، وتم حل مشكلة الإنترنت بفتح باب التبرع من المعلمين الذين تطوعوا ضمن المبادرة وعددهم 42 معلماً ومعلمة، وتم تحويل رصيد لحوالي 110 طلاب وطالبات بشكل شهري لضمان التواصل، كما تم التنسيق وبشكل شخصي لإيصال 19 نسخة كتاب في الشهادتين الزعدادية والثانوية، و80 كتاباَ بشكل فردي.

احدى المدارس المتضررة

وتتذكر "زين الدين" حالة استثنائية، وتقول: "تواصلت معنا إحدى الأمهات في "إدلب" وعبرت عن حاجة الطلاب لجلسات تقوية لكن وفق المنهاج القديم، لنحاور المدرسين الذين تطوعوا مشكورين لتقديم الجلسات وتغطية كافة المواد بجهود المدرسين المتطوعين، معنا دون مقابل".

تنسيق وتنظيم

المعلمة "شذا الصحناوي" تقول: "بعد أن تم التواصل مع أصدقاء ومعارف من تلك المحافظات، سواء مدرسين أو طلاب لنشر الفكرة والبدء بالتسجيل، تم التواصل أيضاً مع شركة سيرياتيل وقامت بهذه المساعدة أختي مهندسة الاتصالات "لبنى الصحناوي"، وتم التنسيق مع فروع الشركة في محافظة "حلب" و"إدلب" و"اللاذقية" من أجل تأمين التغطية في مناطق وجود الطلاب، وأيضاً تم طرح إهداء باقات انترت من الشركة، وقمت بتنظيم أسماء المدرسين ضمن مجموعة (إيد بإيد) وتقسيم الشُعب للطلاب وتنظيم برنامج مناسب لكل مدرس لضمان انتظام الجلسات، حيث إلتحق بالمبادرة 480 طالباً وطالبة، و38 شعبة للشهادة الثانوية للفرعين علمي وأدبي والصف التاسع منهاج قديم وحديث، ولازلنا مستمرين لغاية هذه التاريخ، وهناك مجموعات أقفلت بعد أن أنجز المعلمون الجلسات النهائية وتم تقديم مناهج المواد كاملة والمجموعات الباقية في طور الانتهاء".

رسالة إنسانية

تقول "فرح أبو بكر" الطالبة التي قامت بالتنسيق مع المبادرة من "حلب": "هذه المبادرة تمت بجهود معلماتي الأفاضل، وهي دليل على الرسالة الإنسانية للمعلم والإخلاص في أداء الرسالة، ولأنني كنت حلقة الوصل مع عدد كبير من الطلاب أعرف أن المبادرة قدمت العون لكل الطلاب المسجلين، وهم اليوم مستعدون رغم تداعيات الزلزال لدخول الامتحان بكل ثقة وهذا ما كنا نطمح إليه".

"لين جلب" الصف التاسع من "حلب" تقول: "كانت المبادرة مميزة بوقتها وحققت استفادة كبيرة بالنسبة لي كنت مسجلة بمعهد إلى جانب المدرسة قبل الزلزال، وعند الانقطاع عن المعهد والمدرسة والتعب النفسي وما رافقه من آلام، علمت من "فرح" بالمبادرة فدخلت ووجدت جلسات كل المواد ووفق أوقات الإنترنت تابعت المواعيد وكل الدروس، وكان وقتي مختلفاً بالنسبة للجلسات وأتابع بوقت آخر، وهذا ما ساعدني كثيراً لترميم ما فاتني من دروس وعوض الأساتذة الفاقد بشكل جيد وتابعونا بكل المراحل وكنت أرسل الأسئلة وتتم الإجابة بمحبة وود"

أخيراً: يعتزم القائمون على المبادرة الاستمرار بالعمل بذات الطريقة لتشمل كل طلاب" سورية" والإعلان سيتم قريباً مع اختتام جلسات هذا العام الدراسي للانطلاق بمرحلة جديدة بشكل مجاني كامل.