بعد كارثة زلزال السادس من شباط 2023 وآثارها المدمرة على البشر والحجر تتجه الأنظار اليوم إلى تداعيات الزلزال وكيفية تجاوز آثاره من كافة النواحي.
وإن كانت الأضرار في مدينة "صافيتا" أقل من تلك التي خلفها الزلزال في محافظتي "حلب واللاذقية" فإن المدينة طالها ضرر هي الأخرى وخصوصاً أبنيتها الأثرية فضلاً عن توافد الكثير من العائلات المتضررة إليها.
بلغ عدد الكشوفات حتى اليوم حوالي 50 كشفاً، 90% من منازل المنطقة قد تعرضت للتشققات التي لا تشكل خطورة حتى الآن، لأن الجملة الإنشائية فيها ضمن الطبيعي، وحالات الإخلاء اقتصرت على بناء واحد قديم آيل للسقوط في قرية وادي المجاور
كشف وتقييم
في اليوم الثالث بعد الزلزال شكل محافظ طرطوس لجنة الأمر الإداري رقميّ 37 - 40، والذي قسم منطقة "صافيتا" إلى ثلاث مناطق للاطلاع وإجراء تقييم للضرر، عبر ثلاث لجان بحسب ما يقول المهندس "كمال غنوم" نائب رئيس مجلس مدينة "صافيتا" ومسؤول في لجان الكشف عن تداعيات الزلزال.
ويضيف: «تستقبل بلديات منطقة صافيتا المؤلفة من 25 بلدية، طلبات المواطنين الراغبين بالكشف على ممتلكاتهم بشكل مجاني، حيث بلغ عددها أكثر من 300 كشف تقريباً حتى الآن، وقامت اللجنة المعنية بمعاينة المنازل والمباني والمرافق، وتوصلت اللجان إلى أن معظم المشكلات هي قديمة نتيجة النشّ وإهمال صيانة الأبنية، بينما تم إخلاء بناءين قديمين فقط بالقرب من سور البرج الأثري».
إجراءات مُتزامنة
يرى "غنوم" أن الزلزال بالتأكيد قد أتعب الأبنية، ونتيجة لهذه التداعيات أوقفت النقابة والبلديات رخص البناء لغاية انتهاء الهزات الارتدادية ولحين معاينة الأبنية من اللجنة، كما قامت بإخضاع أي بناء جديد لمعايير فحص الزلازل، ويقوم مجلس المدينة بدراسة إلغاء بعض القوانين السابقة، كمنع "تلبيس" البناء بقطع الحجر، تحسباً لوزنه المجهد للبناء في ظل التنفيذ السيئ لبعض الأبنية، ودراسة تفعيل لجان الأبنية التي تفرض إصلاح البناء القائم ويعتبر تقريرها بمثابة قرار قضائي يؤخذ بعين الاعتبار.
ويناشد "غنوم" مراقبة الشخص للتشققات في منزله خاصة في الأعمدة و كتلة الدرج، وتجاوز الهلع للتمييز بين الشقوق القديمة والتصدعات .
أضرار بسيطة
وفي نفس السياق يقول رئيس بلدية "كفرون" وقطاعاتها المهندس "يوسف ابراهيم": «بلغ عدد الكشوفات حتى اليوم حوالي 50 كشفاً، 90% من منازل المنطقة قد تعرضت للتشققات التي لا تشكل خطورة حتى الآن، لأن الجملة الإنشائية فيها ضمن الطبيعي، وحالات الإخلاء اقتصرت على بناء واحد قديم آيل للسقوط في قرية وادي المجاور».
ويتابع حديثه: «تم الكشف عن 9 مدارس في المنطقة، حيث اكتشفت بعض التصدعات على ثلاثة أعمدة بمحاذاة المدخل الرئيسي في مدرسة "حكر كابر"، أما مدرسة كفرون بدرة التاريخية التي بنيت عام 1887، ظهرت تشققات خفيفة على الجدران، وانتفاخ ما بين البناء القديم والحديث يستدعي المعالجة، وقد رفعت اللجان تقريرها للمباشرة بالتدعيم».
ويناشد "إبراهيم" الأهالي إلى مراقبة الجملة الإنشائية لمنازلهم ومراجعة البلدية لطلب الكشف الطارئ للقيام بالإجراءات المناسبة .
في برج صافيتا
تعرض برج صافيتا لتصدعات استدعت حصر الأضرار وإحالتها للمعالجة السريعة، بحسب ما أكد رئيس دائرة الآثار في طرطوس المهندس "مروان حسن" الذي أشار إلى أن كشف اللجنة المختصة أكد ظهور شقوق متفاوتة العرض من الجهة الشرقية من أرضية الطابق العلوي من البرج، مع وجود انزياحات في حجارة أطراف البرج الخارجية نتيجة الاهتزاز، وظهور توسع في بعض الفواصل الحجرية في الطابق السفلي، يستدعي الحقن منعاً لتوسعها، وكانت الرؤية الأولية إلى وجوب إجراءات إسعافيه تنفذ مباشرة، وأخرى تستدعي المراقبة على المدى البعيد للمعالجة الكاملة للبرج».
ويضيف "حسن": «سوف تتم المباشرة بإجراءات سريعة تستدعي عزل التشققات في سطح البرج ومعالجة الأقواس المنزاحة بإعادتها لمكانها الطبيعي، كما تقوم اللجنة بالكشف على جميع المواقع التاريخية في المحافظة، وبعد إنجاز عملية "التقييم، التوصيف، التوثيق" يتم وضع أوليات تدخل وفق برنامج يتفق عليه مع المديرية العامة للآثار والمتاحف.. وللأسف تعرض العديد من المواقع والمباني الأثرية للضرر على مستويات مختلفة بين الخفيفة والمتوسطة والخطرة في محافظة "طرطوس" عامة».
مع الوافدين
في الكوارث تنشط الأعمال الإغاثية الطارئة، التي ظهرت تداعياتها لاحقاً، وهنا يتحدث مسؤول حملة الملتقى الثقافي العائلي بمشتى الحلو "جورج متري" عن الاحتواء العاطفي الكبير الذي قدم لمتضرري الزلزال المقيمين، والذين بلغ عددهم حتى اليوم حوالي 400 عائلة والعدد في تصاعد، في منطقة "المشتى" الشهيرة بشتائها القارص، وبناء عليه قدم الملتقى كتاباً عن طريق بلدية "مشتى الحلو" إلى المحافظة، يطلب فيه تأمين مازوت التدفئة لمتضرري الزلزال المقيمين ومعظمهم من كبار السن والأطفال، مع الإشارة إلى رصد الملتقى مبلغاً من المال ثمناً للمازوت في حال الموافقة.
يتابع "متري" حديثه: «مع عودة الطلبة إلى جامعاتهم سنعاني من نقص الكوادر الشبابية المتطوعة التي قامت بعمل استثنائي لوجستياً ونفسياً بالتخفيف من الرهاب والفزع الذي رافق معظم المتضررين، والذي ظهر بتخوفهم من النوم في المنازل والنوم في العراء، مع صعوبة إقامتهم في منازل الأهالي مدة زمنية أطول، وهنا يقوم الملتقى بتوزيعهم على مراكز الإيواء والبحث عن فنادق ومنازل للإيجار، ريثما تتضح الأمور مستقبلاً، ناهيك عن النقص في المواد الغذائية وحليب الأطفال»