حي "المحافظة" واحد من أجمل أحياء مدينة "حلب" يتربع على مساحة جغرافية واسعة ومهمة في الطرف الشمالي الغربي للمدينة، ويتداخل بشكل انسيابي واستراتيجي جميل مع الأحياء المجاورة له، فمن الجهة الغربية هناك الحرم الجامعي ومن الجهة الشرقية يجاور حي "الجميلية" مركز المدينة التجاري، يلقب بعميد الأحياء الراقية، سكنه وأسسه أغنياء وتجار وصناعيو المدينة في الخمسينيات من القرن الماضي، يتميز بجماله العمراني وهدوئه.

جغرافيا وحدود

يتحدث مختار الحي الشاب "أحمد أبيض" عن مزايا حيه الواسع والجميل وأهميته وعادات وتقاليد أبنائه ويقول: «يعد "حي المحافظة" من أجمل وأهم أحياء المدينة على الإطلاق يقطنه ما يزيد على 500 أسرة بتعداد وصل إلى 26 ألف نسمة، وهو يعتبر من الأحياء ذات الكثافة السكانية المرتفعة، ويمتاز أهالي الحي بثقافتهم الواسعة وحبهم لبعضهم ووقوفهم بجانب بعضهم في الأفراح والشدائد والمحن».

يعد "حي المحافظة" من أجمل وأهم أحياء المدينة على الإطلاق يقطنه ما يزيد على 500 أسرة بتعداد وصل إلى 26 ألف نسمة، وهو يعتبر من الأحياء ذات الكثافة السكانية المرتفعة، ويمتاز أهالي الحي بثقافتهم الواسعة وحبهم لبعضهم ووقوفهم بجانب بعضهم في الأفراح والشدائد والمحن

تجاور "حي المحافظة" أحياء "الفرنسيسكان وفيصل والجميلية والجامعة والميرديان وسوق الإنتاج الصناعي الزراعي ومشفى الرازي وملحق مديرية التربية والجهاز المركزي للرقابة ومديرية مالية حلب وفرن الرازي"، وكل تلك الأحياء والمرافق لها وزنها وقيمتها الاقتصادية والمالية والطبية والتجارية.

مختار حي المحافظة "أحمد أبيض" يتحدث للمدونة عن حيه.

نهض الحي بحقبة الخمسينيات من القرن الماضي على أرض زراعية واسعة، وبناه تجار وصناعيو المدينة الذين جاؤوا إليه من أحياء "حلب" القديمة، ونظراً لأهميته ومكانته اتخذت الكثير من النقابات المهنية مقراً لها في وسطه، مثل نقابة أطباء الأسنان والمهندسين الزراعيين والأطباء البيطريين والمحامين ورابطة المحاربين القدامى، كما لفت الحي أنظار الجميع إليه بجمال منازله وحدائقه الواسعة، ولازال الحي القبلة المفضلة للكثير من أهالي المدينة نظراً لقربه وتلاصقه بـ"جامعة حلب" ومشفى الرازي وسوق الإنتاج الزراعي الصناعي.

ويضيف مختار الحي: «الحي هادئ ونظيف ومخدم من جميع النواحي، وفي داخله عدد كبير من المدارس التعليمية المتنوعة ولكافة المراحل مع روضات الأطفال وحديقة واسعة فيها ألعاب للأطفال، وفي وسط الحي سوق الإنتاج الزراعي والصناعي المهم، ومشفى الرازي ومخبز الرازي، وعدد كبير من خيرة أطباء المدينة ولجميع الاختصاصات، مع كم وافر من الصيدليات والمشافي الخاصة»ويختم حديثه "أن أضرار الزالزال في الحي كانت بسيطة ومحدودة جدا بسبب ابنيته المدعمة".

حديقة المحافظة وسط جمال البناء بالحي.

مع أهالي الحي

الدكتور محمد سعد شايب ابن حي المحافظة يعدد مزايا الحي.

طبيب الأطفال "محمد سعد الشايب" -70 عاماً- يقول: «أسكن في حي المحافظة منذ ستين عاماً عندما جاء بنا والدي من أحياء "حلب" القديمة وتحديداً من حي "محطة بغداد"، وهنا أكملت دراستي الثانوية والجامعية بكلية الطب، وفي وسط الحي أقام والدي البناء الخاص بنا، وسكنا فيه، وداخل البناء مقر عيادتي، أعرف كل مزايا وعادات أهالي "حي المحافظة" بحكم إقامتي الطويلة هنا وتواصلي اليومي معهم، الناس هنا يحافظون على منازلهم الجميلة المسورة بالأشجار، وهم يتمتعون بالود والعلاقة الحميمة فيما بينهم، يتشاركون كأسرة واحدة بالفرح والحزن، لديهم ثقافات واسعة وتحصيل علمي مرتفع».

أما العم "وليد خزنة" -77 عاماً- يقول: «أقطن في هذا الحي منذ أكثر من خمسين عاماً، وأذكر بدايات تأسيسه التي كانت فوق أراضي زراعية، ويعد الحي مع "حي الشهباء" المجاور له من أجمل أحياء المدينة، ويتميزان معاً بالهدوء والهواء النقي والمناظر الخلابة والمساحات الواسعة، وينفرد "حي المحافظة" عن غيره بتواجد الكثير من الدوائر الخدمية والطبية فيه، ويعد أهالي الحي مضرب مثل بالأخلاق والأدب والعلم يحترمون ويلقون التحية على بعضهم، وهم من ميسوري الحال ويعملون بتجارة الأراضي والبنيان، يقفون مع بعضهم عند الشدائد ويحافظون على عاداتهم النبيلة، وأغلبهم قبل توجهه لأشغاله يمارس رياضته الصباحية في حدائق الحي».

ذكريات

بدوره يقول الصيدلاني الشاب "محمد بولاد": «صحيح أنني لست من أبناء "حي المحافظة"، لكنني أحن للعودة والسكن فيه من جديد واسترجاع ذكريات الدراسة الجامعية التي قضيتها فيه كمستأجر لمدة ست سنوات، وداخل الحي كوّنت الكثير من الصداقات، الناس هنا يتميزون بالاحترام، ونادراً ما تسمع عن خلافات وإذا ما حدثت تنتهي بالود وبسرعة وبأسلوب حضاري يدل على فهمهم لطبيعة بعضهم وأخلاقهم الحميدة».

وختام الحديث عن "حي المحافظة" كان مع الفنان التشكيلي "عبد المحسن خانجي" صاحب دار "الخانجي" الذي يقول: «عندما تذكر "حي المحافظة" فأنت تتحدث عن الجمال والهدوء والرقي وحسن الجوار والتعامل بين الناس، ومن هذا الأساس كان اختيار "صالة الخانجي" مقراً لها في وسط "حي المحافظة"، الناس هنا لهم طباعهم الحميدة، تبرز نخوتهم ومحبتهم لبعضهم وبشكل خاص خلال شهر رمضان وفي الأعياد والمناسبات الاجتماعية والدينية، يعملون كخلية نحل، أما سويتهم الثقافية فمرتفعة لأبعد الحدود».

تم إجراء اللقاءات والتصوير داخل "حي المحافظة" بتاريخ الخامس والعشرين من شهر شباط لعام 2023.