لم تنحصر المبادرات التي انطلقت لإغاثة المنكوبين من الزلزال على تقديم الإعانات والملابس والأغذية فحسب، بل تعداها إلى إقامة مطابخ ميدانية لتقديم وجبات الطعام مباشرة للمتضررين، وفي هذا السياق بادرت مجموعة من الشباب والشابات في مدينة "طرطوس" إلى إنشاء مطبخ ميداني صغير في مقهى "تاج محل"، لطهي وجبات طعام منزلية للمتضررين من الزلزال في عدة مناطق في "اللاذقية" و"جبلة" بهدف التخفيف من الآثار النفسية والاجتماعية عن المنكوبين.

مبادرة فردية

فكرة المبادرة الفردية التي أطلقتها مجموعة من الشباب والشابات بجهدهم الخاص، هدفها تخفيف هول المصاب، بحسب الصيدلانية "رهف سلوم" متطوعة في المبادرة، التي تقول لـ"مدونة وطن eSyria": «إن تنظيم العمل كان له دور كبير في نجاح مختلف المراحل التي تعتبر معقدة نوعاً ما، ناهيك عن عدم تداخلها مع بعضها البعض، ما يعني أن الزمن بالنسبة لفريق العمل كان محسوباً ومدروساً، ويتم تنسيقه مسبقاً عبر مجموعات على وسائل التواصل الاجتماعي».

يشارك في المبادرة مجموعة من الشباب والشابات المنتمين لمختلف الاختصاصات العلمية والمهنية، وكذلك شباب مندفعين وجدوا أن هذا العمل يخلق سعادة بالنسبة لهم، فبادروا بتقديم المكان وهو مقهى "تاج محل" لمتابعة العمل

وتشير الدكتورة "فرح مخلوف" متطوعة في المبادرة، إلى أن الأخيرة استهدفت منكوبي الزلزال في عدة مناطق من محافظة "اللاذقية"، وهي مستمرة في استهدافهم بوجبات الطعام المنزلي، التي وصلت حتى المناطق الريفية من المحافظة وصولاً لأرياف مدينة "جبلة"، وكان الهدف من التوسع تحفيز الآخرين على الانخراط فيها وخاصة الراغبين بالمساعدة من أصحاب الأيادي البيضاء، ما سيساهم بزيادة عدد الوجبات لما يفوق /1000/ وجبة محضرة بكل محبة وسعادة.

رهف سلوم

وتضيف: «يشارك في المبادرة مجموعة من الشباب والشابات المنتمين لمختلف الاختصاصات العلمية والمهنية، وكذلك شباب مندفعين وجدوا أن هذا العمل يخلق سعادة بالنسبة لهم، فبادروا بتقديم المكان وهو مقهى "تاج محل" لمتابعة العمل».

مواكبة الكارثة

فكرة المبادرة الأساسية كانت وليدة حدث الزلزال الذي ضرب مختلف المحافظات السورية 6 شباط الحالي، لمساندة المتضررين منه إنسانياً في مختلف مراكز الإيواء والمنازل التي لجؤوا إليها، وتقديم وجبات طعام منزلية بعيداً عن الوجبات الجاهزة، والتي من شأنها المساهمة بالتخفيف من مشاعر الأسى والحزن جراء فقدانهم لجنى العمر، وفق حديث الدكتورة "مريم مخلوف" المتطوعة في المبادرة، حيث أكدت أن عمليات نقل وجبات الطعام تتم وفق معايير وظروف مدروسة للمحافظة على جودة الطعام ونكهته الطازجة، وبمساعدة متطوعين من أبناء المجتمع المحلي أيضاً للوصول إلى مختلف المناطق المنكوبة، ومن الوجبات التي يتم تحضيرها بشكل دائم لتشعر متناولها ببيتوتية العمل، هي البرغل مع الحمص أو الشعيرية وإلى جانبها مرقة الفاصولياء، ويتم التحضير للوجبات اليومية مسبقاً بناء على ما هو متوفر من مواد أولية مقدمة من مبادرين خيّرين أصحاب أياديٍ بيضاء.

فرح مخلوف

ويهدف التحضير المسبق حسب تأكيد الصيدلاني "غيث إبراهيم" أحد المتطوعين، إلى الاستفادة من كل ما هو متوفر تلافياً لأي عمليات هدر قد تحصل، منوهاً إلى أن صاحبة فكرة المبادرة "سالي حسون" وجدت بعد زيارة المناطق المنكوبة لرصد الاحتياجات التي يمكن تقديمها، حيث كانت المشاهدات الأولية تشير إلى أن الحاجة هي لكل شيء تقريباً، فالدمار هائل والمتضررين فقدوا جميع وسائل العيش المنزلي، وهذا ما دفعنا لاختيار تقديم وجبات الطعام المنزلي الطازج بكونها الأكثر إلحاحاً.

تعاون وتشاركية

في حين تقول الصيدلانية "رهف سلوم": «الجميل بالمبادرة أن الجميع متعاون ومندفع للعمل من دون أي تعليمات من أحد ولا يوجد آمر ومأمور، فمن يجد عمل يمكنه القيام به يبادر على الفور من تلقاء نفسه، وهذا أدى إلى تنظيم المتطوعين بالعمل ضمن مجموعات منها مجموعة التحضير، ومنها مجموعة الطهي ومنها مجموعة التوضيب ومنها مجموعة التوصيل».

وسام عبود

ومن أبرز أوجه العمل الميداني الإنساني في عمل المطبخ الميداني هو المبادرة، ففي حال عدم توفر أي مواد أولية لإتمام وتجهيز وجبة الطعام، يبادر الجميع لتأمين النواقص، وهذا برأي "وسام عبود" متطوع وصاحب كافيه "تاج محل" مكان المطبخ الميداني وغرفة عملياته، ما دفعه لأن يكون جزءاً من العمل كلل، إضافة إلى الاندفاع الكبير الذي شاهده لدى الشباب والشابات، حيث تم إلغاء مختلف الحجوزات والمواعيد المسبقة في المقهى والاعتذار من الزبائن الدائمين لصالح إتمام مراحل المبادرة بكل نجاح.