يرسم الحرفي "منير ماضي" كروكيات مجسماته الخشبية التي يقوم بحفرها بأدواته البسيطة التي لا تتعدى الأزميل والمطرقة، ويقوم بإنشاء الزخارف العربية والإسلامية التي تعتمد على الأشكال النباتية أو الحيوانية أو الهندسية، ضمن المجسم الخشبي العام، وذلك رغم أنه مدرسته الوحيدة التي صقل فيها موهبته هي تجربته وغربته في "لبنان" وممارسته لعمله الذي تحول إلى مصدر رزقه وعيشه.

صقلٌ وتعلّم

يعمل الحرفي "منير" بحرفته ضمن مدينة "بانياس" في سوق المهن اليدوية والتراثية التابع لاتحاد الحرفيين، فهو يملك من الخبرة الكثير ما جعله محط اهتمام العديد من المهتمين باقتناء مجسمات محفورة بالخشب، خاصة أنه لا يوجد من أبناء المدينة سواه كحرفي يعمل بها.

موهبة الرسم التي نشأت معي منذ الصغر، طورتها كثيراً واهتممت بتفاصيلها وإمكانية توظيفها في مهنة الحفر على الخشب، وتوصلت إلى طرق وأساليب مبتكرة منها الرسم المباشر على السطح الخشبي، وبعدها استخدام الكروكيات الورقية الكاملة بعد تفريغها لإنشاء نسخة على السطح الخشبي، وحالياً أستخدم جزءاً واحداً فقط من كروكي، وأقوم بإسقاط بقية الفكرة الذهنية مباشرة على السطح الخشبي

يقول الحرفي: «حاولت جاهداً منح مهارات وخبرات الحفر على الخشب لأبنائي أولاً والمهتمين ثانياً ولكني لم أنجح، والحجج أنها صعبة وتحتاج إلى صبر كبير لتعلم كيفية صقل الكتلة الأساسية أولاً، وإيجاد تناسب النفور الهوائي للزخارف المحفورة مع السطح العام للكتلة، ولكن رغم ذلك لم أتوقف عن التعلم المستمر، عبر المزج بين الخط العربي والهندسي، وتارة بالتمازج بين الزخارف النباتية والحيوانية، وأحياناً ابتكر تصميماً ينسجم مع الخطأ ليتحول إلى نموذج حديث غير مطروق سابقاً».

من أعماله

واقعيّة وتجريديّة

أدوات عمله

ما يجسده الحرفي في أعماله ومشغولاته الحرفية والتزيينات والزخارف التي يقدمها يقترب فنياً من المدرسة الواقعية أحياناً، خاصة ببورتريهات "السيد المسيح" أو "السيدة مريم العذراء"، ومن المدرسة التجريدية أحياناً أخرى، حيث يظهر ذلك بطبيعة الزخارف التي يقدمها على السطوح الخشبية التي تحمل بنفورها واستقلاليتها على السطوح ما يجول في مخيلته العميقة بعيداً عما سماه منطق العمل.

ويضيف: «منذ كنت في التاسعة من عمري تجول في مخيلتي أفكار بعيدة جداً عن الواقع، فأرى كل شيء مختلفاً عما هو موجود ومصور واقعياً، حيث أجرده من الزوائد وأرده إلى أصله، وهذا ما أغنى موهبتي في تلك الفترة، ودفعني لتطويرها مع تطور الأفكار، ما انعكس على الأعمال النهائية، حيث باتت مختلفة في أجزاء كبيرة وكثيرة منها عن مهنة الحفر على الخشب رغم قلة عدد العاملين بها، وهو ما أثر إيجاباً على طبيعة العمل الحرفي، فبات الراغبون باقتناء أعمال حفر لمنازلهم يقدمون المواد الأولية أحياناً وفقط ويتركون حرية اختيار التصاميم لي».

الحرفي منير ماضي

ويتابع: «موهبة الرسم التي نشأت معي منذ الصغر، طورتها كثيراً واهتممت بتفاصيلها وإمكانية توظيفها في مهنة الحفر على الخشب، وتوصلت إلى طرق وأساليب مبتكرة منها الرسم المباشر على السطح الخشبي، وبعدها استخدام الكروكيات الورقية الكاملة بعد تفريغها لإنشاء نسخة على السطح الخشبي، وحالياً أستخدم جزءاً واحداً فقط من كروكي، وأقوم بإسقاط بقية الفكرة الذهنية مباشرة على السطح الخشبي».

أدوات تقليديّة

لم يتشجع الحرفي "منير" لاستخدام الأدوات الحديثة التي سهلت وبسطت العمل، وإنما حافظ على مطرقته وأزميله لإخراج الزخارف النباتية والحيوانية والهندسية، لأنه يرى هذه الأدوات جزءاً لا يتجزأ منه ومن عمله.

ويقول: «لدي مطرقة وحوالي عشرين نوعاً من الأزاميل اليدوية البسيطة التي اعتدت عليها ولم تفارقني طيلة سنواتي الخمسين بالعمل، لأنها تطاوعني دائماً ولم تخرج عن أفكاري وتراني لا أعتبرها موجودة بين يدي وإنما من يقوم بالحفر هي أفكاري وبشكل مباشر، وهذا جعل من الأعمال مميزة ونافرة في الفراغ ومختلفة عن الأعمال التي تستخدم المعدات الحديثة، وكذلك جعل من مختلف أنواع الأخشاب المستخدمة القاسية والطرية سواسية من حيث صعوبة وسهولة التعامل معها، كما يمكن إصلاح الأخطاء في العمل بسهولة وبساطة حين وقوعها».

إبداع وتميّز

تضفي القوالب والإطارات المحفورة على الخشب، شكلاً مختلفاً ومميزاً على أي عمل، من وجهة نظر الحرفية "كوثر عثمان" التي تعمل بإعادة تدوير توالف البيئة وتحاول أن تضع منتجاتها الحرفية ضمن إطارات محفورة على الخشب، فهي من وجهة نظرها تضفي عليها جمالية مختلفة، خاصة عندما يكون تصميم الحفر ونسبة نفوره في الهواء يتناسبان مع مضمون اللوحة الفنية، وهذا ما تمكن منه الحرفي "منير ماضي" فأبدع وتميز بأسلوبه والتصاميم التي يقدمها والتي هي غالباً متقنة في تجانساتها مع بعضها البعض وغير مكررة، ما يعني أن كل تصميم هو عبارة عن لوحة متفردة تتناسب مع توظيفها.

يشار إلى أن الحرفي "منير ماضي" من مواليد "تعنيتا" بريف مدينة "بانياس" عام 1956، متزوج وله ثلاثة أبناء.