في سعيه إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي لأسرته أولاً ولمجتمعه، عمل "شادي حمزة" بالاعتماد على خبرته الزراعية وجهده الذاتي للوصول إلى أفضل الزراعات اقتصادياً، وبعد مشوار طويل بدأ بزراعة الزعتر الخليلي والنباتات الطبية بحقول مخصصة، لينتقل إلى مشروعات أكبر، منها مزارع الفطر بأنواعه ومن بعدها الزعفران.

خبرة وطموح

"شادي حمزة" 1978 من قرية "عرمان" المعروفة بخصوبة أراضيها والخبرة الزراعية التي يمتلكها أهلها، وارتباطهم بأرضهم وعشقهم للزراعة، لا يعتبر عمله وتجربته فقط كمصدر للدخل، بل أيضاً وسيلة لتقديم كل ما هو جديد وممتع وفق حديثه.

تجارب كثيرة خضناها معاً بناء على ثقته بالنجاح، فهو مزارع صنع خبرته بنفسه من دون الاعتماد على أحد، مشروعاته مكلفة لكنها حققت النجاح لأنه لا يتأخر عن العمل الذي يعتبره واجباً مقدساً تجاه مجتمعه وأهله

يقول: «تعلمت من جدي أساليب الزراعة التقليدية واستفدت من خبرته الكبيرة، في البداية حاولت التوسع بالزراعة الطبية مثل الزعتر الخليلي وباقة من النباتات الطبية للاستفادة من خواصها الصحية، وتابعت بعدها في مجال زراعة العكوب كنبات محلي ينبت في المناطق الوعرة، ومنها إلى الزعفران مع العلم أنني لم أحصل على شهادات علمية، فالتجربة والطموح دافعي الأول لتأسيس مزارع في "عرمان" وبلدة "قنوات" ومنطقة ظهر الجبل وجعلتها مسيرة عمل ناجحة أفتخر بها لأنها نتاج تعب وجهد ومحبة للأرض».

شادي حمزة يحمل من انتاج مزرعته للفطر المحاري الوردي

تجارب ناجحة

مع فريد صعب أثناء العمل

زراعة نبات "العكوب" وفق "حمزة" بدأت من ملاحظة جذوره على أطراف الحقول، فأخذ يرعاها بتركها من دون حراثة للمحافظة على جذورها، ومن ثم التعشيب والتعامل اليدوي معها لتنمو بشكل دائم تبعاً لطبيعة هذا النبات الغني بالمعادن والعناصر الغذائية وهو غالي الثمن تبعاً لندرته.

"حمزة" أعاد زراعة العكوب ومنذ عشر سنوات يورد للأسواق كميات جيدة منه خلال فترة الإنتاج في الشتاء لفترة تزيد على شهرين، وتمكن من استخلاص البذور لزيادة المساحات، وباع منها لعدة مناطق في سورية منها "السقيلبية وريف دمشق وحمص" وداخل "السويداء".

من مزرعة الفطر

يقول "حمزة": «منذ ست سنوات وبكثير من الفضول وحب الاطلاع على زراعة الزعفران في العالم، وأهمية النبات وقيمته الغذائية بوصفه زراعة رابحة، كانت البداية بزراعة ألفين وخمسمئة بصلة في فلينات وليس في الحقول كونها التجربة الأولى، حاولت اختبار عدة أنواع من الأتربة رغم غلاء أسعار الأبصال وكانت البداية جيدة من حيث إنتاج الأبصال والأزهار، لكن في العام الثالث تعرضت لخسارة كبيرة بسبب استخدام سماد عضوي غير مخمر لكنني لم أتوقف، وتابعت في العام الذي يليه لتعويض الخسارة وزراعة حقول أوسع وكانت ناجحة تبعاً لعدة مقومات.. تواصلت مع وزير الزراعة في تلك المرحلة المرحوم "أحمد القادري" وقدم لي الدعم، وحظي المشروع بتغطية إعلامية كبيرة ومتابعة لكونه مشروعاً رابحاً وقدم رسالة عن التجربة، وتمكنت من خلاله من توزيع الأبصال لعدد جديد من المزارعين والمهتمين بالتجربة إضافة لإنتاج نوعي لأبصال كبيرة الحجم، وأتمنى لو يوجد مراكز تهتم بالبحث المخبري لهذه الأبصال الكبيرة لتقييم التجربة».

نتائج مثمرة

ويضيف "حمزة": «منذ البداية بهذه الزراعة وكذلك زراعة العكوب والفطر، أقوم بتوثيق كل النتائج في كل موسم لضمان الاستفادة من المعلومات وحماية ما وصلنا إليه من نتائج تدفعني للمتابعة والعمل في المجال الذي أعتبره محور نشاطي ومشروعي الكبير ومصدر رزقي مع عدد كبير من العائلات وأفرادها هم اليد العاملة التي تساعدني في العمل».

عانى "حمزة" من صعوبات كبيرة تضاف إلى كلف الإنتاج وصعوبة العمل، مؤكداً ضرورة احترام الخبرة والحاجة لإحداث هيئة متخصصة لمراقبة هذه الزراعة بوصفها زراعة منزلية، ومد المزارعين بالخبرات اللازمة كمرجعية على مبدأ متابعة زراعة التبغ وغيرها من الزراعات المهمة.

وعن زراعة الفطر يتحدث "حمزة" الذي أسس مزارع منذ عام 2011 وزرع الفطر المحاري بأنواعه الفطر الوردي والأصفر وحالياً الفطر الأسود إلى جانب فطر المائدة، ولكنه مؤخراً اتجه للفطر المحاري تبعاً لتوقف استيراد الكمبوست المطلوب لزراعة فطر المائدة، لكن أيضاً يعاني من نقص المحروقات وارتفاع كلف الإنتاج، ويشغل المشروع خمس عوائل يعملون معه في مزارعه في بلدة "قنوات" ويضيف: « مزارع الفطر ناجحة ونمتلك خبرة كبيرة في هذا المجال لكننا نحتاج الدعم، وقد طالبت بمعاملة مزارع الفطر على أنها مشروعات استنبات مثل استنبات الشعير خاصة أن شروط الترخيص صعبة، منها وجود عقار خارج التنظيم علماً أن المشروع بحاجة لخدمات الكهرباء والماء ولابد من الاستثناءات في هذه الظروف».

أيادٍ بيضاء

"وسام النبواني" مزارع من قرية "عنز" يصف "حمزة" بالمزارع الخبير والمتفاني بعمله، فقد جمع خبرته بجهد ذاتي وكلفة مادية كبيرة ليؤسس لعمل زراعي ناجح ومتطور ويقول: «"شادي" يعمل بيديه ولا يتكل على أحد، صمم عمله باتزان وثقة بالنجاح محاولاً استثمار كل الفرص ليخلق مشروعاته الزراعية الناجحة، ومن خلالها يقدم خبرة كبيرة لكل من يحتاج مساعدته في مجال الزعفران والفطر والنباتات الطبية وباستمرار يختبر زراعات جديدة ونادرة».

"فريد صعب" عامل زراعي يتابع العمل معه منذ عشر سنوات ولديه ثقة كبيرة بما يقدمه "شادي" من عمل وما أسسه من مشروعات متميزة حققت النجاح رغم التعب والعناء يقول: «تجارب كثيرة خضناها معاً بناء على ثقته بالنجاح، فهو مزارع صنع خبرته بنفسه من دون الاعتماد على أحد، مشروعاته مكلفة لكنها حققت النجاح لأنه لا يتأخر عن العمل الذي يعتبره واجباً مقدساً تجاه مجتمعه وأهله».