يتابع موقع "مدونة وطن eSyria" وفي مادته الثالثة سلسلة حواراته مع بعض نجوم منتخبنا الوطني لكرة القدم السابقين، وذكرياتهم عن مباراتي منتخبنا مع منتخب "العراق" في "دمشق" و"الطائف" والتي كانتا مفتاح التأهل إلى مونديال "المكسيك" عام 1986، وكيف خرجنا وأضعنا فرصة لم تتكرر حتى اليوم.

وضيوفنا هم الكباتن "رضوان الشيخ حسن" و"جهاد أشرفي" و"جورج خوري" لنستمع لما قالوا للمدونة.

أحد أهم أسباب عدم تأهلنا الشحن والضغط الإعلامي الزائد الذي تعرضنا له، ومع ذلك تبقى تلك المباراة ذكرى جميلة في تاريخ الكرة السورية ونقطة مضيئة رغم عدم تأهلنا ولحلم هرب من بين أيدينا، ولذكرى نجوم حقيقيين أحبوا لعب كرة القدم لمنتخبهم من دون أي مقابل في سبيل رفعة اسم بلادهم في المحافل العالمية

المدفعجي والإصابة

يقول المدافع الكابتن "رضوان الشيخ حسن" والذي يعمل حالياً في "قطر" كخبير ومحلل كروي: «ذكريات تلك الأيام لا تزال حاضرة.. قبل لقاء المنتخب العراقي في "دمشق" تفوقنا على المنتخب الكويتي بملعب "العباسيين" بهدف يتيم سجله مهاجمنا "مروان مدراتي" بكرة رأسية من ركنية رفعها "وليد ابو السل" قبل نهاية المباراة بعشر دقائق، وفي هذه المباراة لعبنا بتشكيلة مؤلفة من "الحارس الراحل "أحمد عيد"، وفي الدفاع "محمد دهمان" و"جهاد أشرفي" والراحل "عصام محروس" و"راغد خليل"، وفي الوسط "رضوان الشيخ حسن" و"عبد القادر كردغلي" و"نزار محروس" و"فؤاد غرير"، وفي الهجوم "مروان مدراتي" و"وليد أبو السل"، وفي يوم مباراتنا المهمة أمام المنتخب العراقي بـ"دمشق"، تعرضت منذ الصباح الباكر لارتفاع شديد بالحرارة، ولعبنا المباراة يوم الجمعة، حيث إن أغلب العيادات الطبية تكون مغلقة، وهنا قام الصحفي المرافق للمنتخب "علي شحادة"، بأخذي إلى طبيب من طرفه بمخيم اليرموك، وشرح له حالتي وضرورة تقديم العلاج والمسكنات السريعة، وشاركت باللقاء وسددت كرة بالقائم لمرمى "رعد حمودي"، منتخبنا كان الأفضل بهذا اللقاء، وأهدرنا عدة فرص مناسبة للتسجيل، فيما اعتمد الفريق العراقي على إغلاق نصف ملعبه، وكان كل همه إنهاء وقت المباراة على عجل وعدم السماح لنا بالتسجيل، وبعد المباراة ونتيجة الجهد الزائد الذي بذلته تم إسعافي من جديد للمشفى لإكمال العلاج».

الكابتن "جورج خوري".

معسكر بارد

الكابتن "رضوان الشيخ حسن".

يضيف الكابتن "رضوان": «ذهبنا بعد نهاية لقاء الذهاب إلى معسكر استعدادي إلى "بلغاريا" وكان سيئاً جداً، ولم يكن موفقاً نهائياً في توقيته حيث الأجواء الباردة هناك عكس أجواء "الطائف" الحارة والتي كنا سنذهب إليها، وبعد معسكر "بلغاريا" لعبنا في "قطر" مباراتين وديتين انتهتا بالتعادل، ومن ثم توجهنا نحو "الطائف" لخوض لقاء الحسم أمام المنتخب العراقي، ومن جديد عاد المرض وداهمني مع ارتفاع شديد بدرجة الحرارة، وفحصني الطبيب البلغاري المرافق لبعثة منتخبنا، وأعلم إدارة المنتخب بصعوبة مشاركتي بالمباراة، وطلبوا مني المكوث بالفندق وأخذ قسط من الراحة، وجلست على أعصابي أتابع دقائق المباراة من أمام شاشة التلفاز لحظة بلحظة واتفاعل معها، ونزل بالتشكيلة بدلاً مني الكابتن "محمد جقلان" وكان موفقاً جداً».

ويختم الكابتن "رضوان" حديثه للمدونة بالقول: «حقيقة كان منتخبنا في وقتها بأحلى أيامه ونجوميته وعزه، وما يميز كرتنا السورية دائماً أنها خصبة وولّادة بالنجوم الكثر والمواهب، وقادرة على تحقيق حلم التأهل لنهائيات كأس العالم شريطة توفر الظروف الموضوعية والإدارية من احتراف حقيقي وملاعب صالحة وخبرات تدريبية وعلمية ودوري قوي ومنتظم، ورعاية واهتمام أفضل بصقل المواهب الناشئة، واستثمارات ناجحة تدر الأموال على الاندية».

الكابتن "جهاد أشرفي".

فريق كبير

بدوره يقول قلب دفاع المنتخب "جهاد أشرفي": «في تلك الفترة كنت في أحسن أيامي ومستواي بصفوف نادي "الاتحاد"، وعلى أثر ذلك دعاني مدرب المنتخب الراحل "أواديس" للانضمام لصفوف المنتخب، ولعبت كامل تصفيات كأس العالم كلاعب أساسي أمام منتخبات "اليمن" و"البحرين" و"الكويت" ومباراتي الفصل والتأهل أمام "العراق"، ومن سوء حظي أصبت بعارض صحي طارئ قبل بدء المباراة الأخيرة، لعبت أمام المنتخب العراقي مباراة كاملة في ملعب "العباسيين"، وظهر منتخبنا في تلك المباراة بمستوى مميز وهددنا كثيراً مرمى حارسهم "رعد حمودي" بكرات خطرة من الكباتن "رضوان ووليد وأبو السل والمحروس"، وحضر المباراة جمهور غفير شجعنا بحماسة وصفق لنا على حسن الأداء، وما عابنا في تلك الفترة الضغط والشحن الإعلامي الزائد وكأن الفوز مضمون لنا، ونحن نلعب أمام فريق كبير له نتائجه المميزة وحضوره في المنطقة، وقبل لقاء الإياب في "الطائف" أصابني أنا والكابتن "رضوان الشيخ حسن" ارتفاع في درجات الحرارة، وصباح يوم المباراة تناولت جرعات مهدئة من الأدوية والمسكنات، وتحسنت حالتي نوعاً ما تحت تأثير العلاج المسكنات، لكن جسدي كان متعباً ومرهقاً، ولعبت الشوط الأول ، وأتيحت لنا فرصة مبكرة لم تستثمر، مقابل خبرة وهدوء الفريق العراقي بنجومه الكبار، وسجل علينا بواسطة هدافه "حسين سعيد"، وبين الشوطين طلبت من الكابتن "أواديس" تبديلي لشعوري بالإرهاق وعدم قدرتي على مواصلة اللعب، لكنه طلب مني التحمل، ومع بدء الشوط الثاني، استجاب لي بعد عشر دقائق، ونزل عوضاً عني الكابتن الراحل "هيثم شحادة"، وأريد أن أختم بأن منتخبنا كان يملك لاعبين كبار، ولم نكن نخشى مواجهة الفريق العراقي كثيراً، وكنا نحتاج فقط لبعض الواقعية وعدم المغالاة، والهدوء والتخفيف من الشحن الإعلامي الزائد، لتطوى صفحة المباراة، وتدخل في أرشيف الذكريات بحلوها ومرارتها، كمحطة ونقطة مضيئة وذكرى جميلة في مسيرة الكرة السورية يمكن الاستفادة منها بكل تفاصيلها لمراحل قادمة مشابهة قد نصل إليها».

أخطاء إدارية

أما نجم خط وسطنا "جورج خوري" فيستعرض بعضاً من ذكرياته عن تلك المرحلة ومحطاتها ويقول: «تعتبر تصفيات كأس العالم عام 1986 التي خضناها، من أهم التصفيات التي لعبها منتخبنا الوطني في تاريخه على الإطلاق، وكنا قاب قوسين من دخول بوابة الكرة العالمية، لولا بعض الأخطاء الإدارية التي وقعت بوقتها والضغط والشحن الإعلامي الزائد الذي تعرضنا له، وهناك أمر مهم هو ما أعلمنا به العميد "فاروق بوظو" ونحن بالتمرين، حيث بشرنا بأن مباراة الذهاب لمنتخبنا مع المنتخب العراقي ستكون في "الطائف" والحسم في ملعبنا بـ"دمشق" وفرحنا جداً بهذا الخبر، ومعروف في مباريات كرة القدم من يلعب الذهاب خارج أرضه تكون حظوظه أقوى، وفوجئنا قبل بدء اللقاءات بعكس الأمور، حيث الذهاب أصبح في أرضنا والإياب في "الطائف، لم تكن نعلم كيف وبأي طريقة تم تبديل موقع المباراتين ولماذا؟ وكما هو معروف انتهى اللقاء الأول الذي سيطرنا فيه كثيراً بالتعادل في أرضنا، وفي لقاء الإياب في "الطائف" سيطرنا لمدة ربع ساعة وضاعت لنا فرصة خطرة من الكابتن "نزار محروس"، وبعدها تفوق علينا المنتخب العراقي بفارق عاملي السن والخبرة ونجومية لاعبيه والتجانس فيما بينهم أكثر منا، ومن الأمور التي لم تكن موفقة هو نزولنا بالفندق نفسه مع المنتخب العراقي، ونحن وإياهم في حالة تنافس وشحن وقلق، ومنتخبنا كان في عز قوته وأغلب المنتخبات العربية ترغب باللعب معنا، ولدينا نجوم من طينة الكبار».

وبرأيه يضيف "خوري": «أحد أهم أسباب عدم تأهلنا الشحن والضغط الإعلامي الزائد الذي تعرضنا له، ومع ذلك تبقى تلك المباراة ذكرى جميلة في تاريخ الكرة السورية ونقطة مضيئة رغم عدم تأهلنا ولحلم هرب من بين أيدينا، ولذكرى نجوم حقيقيين أحبوا لعب كرة القدم لمنتخبهم من دون أي مقابل في سبيل رفعة اسم بلادهم في المحافل العالمية».

تم إجراء الحوارات عبر الهاتف من "الدوحة" و"اسطنبول" و"دمشق" بتاريخ الحادي عشر والثاني عشر من شهر تشرين الثاني لعام 2022.