تتابع "مدونة وطن" في الجزء الثاني الحديث عن كواليس مباراة عمرها 36 عاماً، كان فيها منتخبنا الكروي قاب قوسين أو أدنى من بلوغ مونديال "المكسيك" 1986، قبل أن تضيع الفرصة ويذهب الحلم أدراج الرياح، وتذهب بطاقة التأهل للمنتخب العراقي.

حديث الذكريات نفتحه مع ضيفي المدونة الكابتن "وليد ابو السل" وزميله "مروان مدراتي"، اللذين كانا من نجوم المنتخب حينها.

في تلك المرحلة كان لدينا منتخب قوي ومتميز يضم خيرة نجوم الأندية، وتجاوزنا بهذا المنتخب كل المنتخبات العربية التي قابلناها بالنتيجة والأداء وتسجيل الأهداف، وكان يساندنا جمهور كبير في أرضنا ومن الجاليات السورية في الدول العربية، وصراحة كانت ثقتنا بأنفسنا عالية، وتوفرت لنا بوقتها كل أسباب النجاح، من معسكرات ودعم معنوي واهتمام إعلامي وتفاعل شعبي وجماهيري منقطع النظير

نتائج طيبة

قبل الاستماع لشهادتيهما نذكّر بنتائج منتخبنا الوطني حينها، والتي بلغها قبل وصوله إلى المباراة المؤهلة للمونديال.

الكابتن المهاجم "مروان مدراتي" نجم المنتخب عام .1986

في الدور الأول فزنا على "اليمن" مرتين، في "اليمن" بهدف من دون رد، وفي أرضنا بثلاثة نظيفة، وتابعنا المشوار بتعادل مع المنتخب البحريني في "المنامة" بهدف لهدف، وفزنا في ملعبنا بهدف سجله "عبد القادر كردغلي"، ثم واجهنا المنتخب الكويتي في أرضه وتعادلنا معه سلباً، وفزنا عليه في ملعبنا بهدف يتيم لمهاجمنا "مروان مدراتي" لنصل لمواجهة المنتخب العراقي.

الثقة والجمهور

يقول صاحب هدفنا في المرمى العراقي الكابتن "وليد أبو السل": «في تلك المرحلة كان لدينا منتخب قوي ومتميز يضم خيرة نجوم الأندية، وتجاوزنا بهذا المنتخب كل المنتخبات العربية التي قابلناها بالنتيجة والأداء وتسجيل الأهداف، وكان يساندنا جمهور كبير في أرضنا ومن الجاليات السورية في الدول العربية، وصراحة كانت ثقتنا بأنفسنا عالية، وتوفرت لنا بوقتها كل أسباب النجاح، من معسكرات ودعم معنوي واهتمام إعلامي وتفاعل شعبي وجماهيري منقطع النظير».

الكابتن "وليد ابو السل" صاحب هدفنا في مرمى المنتخب العراقي".

ويضيف "أبو السل": «كذلك المنتخب العراقي كان منتخباً له باعه وسمعته، ويضم أفضل النجوم في آسيا والعرب، وعندما لعب في أرضنا كان يريد الخروج متعادلاً من دون أهداف، وفي هذا اللقاء كنا الأميز، وسددت على مرماهم كرة في منتهى الخطورة أنقذها حارسهم "رعد حمودي"، وكانت طريقة لعبهم تعتمد على عدم فتح الملعب ومحاولة اقتناص فرصة وتسجيل هدف، وانتهى اللقاء معهم بالتعادل السلبي، وهنا مالت الكفة قليلاً لمصلحتهم».

مباراة مشحونة

ينتقل الكابتن" أبو السل" بحديثه عن مباراة الإياب، والتي جرت في مدينة "الطائف" ويقول: «كانت أجواء المباراة مشحونة ومضغوطة لنا ولهم لخطف بطاقة التأهل "للمكسيك"، لكن الحظ ابتسم لهم وسجلوا علينا هدفين، و قلصنا الفارق بهدف من ركلة جزاء سجلتها عن يمين حارسهم، وحاولنا تسجيل هدف ثانٍ، لكن دفاعهم أوقف محاولاتنا، وعادوا وسجلوا هدفهم الثالث الذي أعطاهم بطاقة العبور نحو "المكسيك"، ليخيم الحزن علينا وعلى جماهيرنا التي شجعتنا بكل حماسة، لتبقى أحداث تلك المباراة ذكرى جميلة في أرشيف الكرة السورية، ولتكون أقرب محاولات منتخبنا الكروي لطرق أبواب الكرة العالمية بين الكبار».

الكابن "ابو السل" الذي تحول لمحلل كروي بعد اعتزاله اللعب.

كواليس اللقاء

وعن كواليس تلك المباراة، يتحدث المهاجم "مروان مدراتي": «في لقاء الإياب فوجئنا بنزولنا مع المنتخب العراقي بالفندق نفسه، ولم يكن لذلك أي مبرر، خاصة أن كل منتخب لديه الطموح نفسه بخطف بطاقة لقاء الحسم والوصول لكأس العالم، لكن مجريات المباراة سارت لمصلحتهم، وسجلوا علينا مرتين، ولم نكن بوضعنا المعتاد، وفي الشوط الثاني تخلصت من مدافعهم وعكست كرة خطيرة داخل منطقة جزائهم أبعدها مدافعهم "عدنان درجال" بيده، ليعلن حكم المباراة السويدي عن ركلة جزاء سجلها الكابتن "وليد أبو السل" هدف التقليص، وهنا مر الوقت ثقيلاً عليهم، خشية تعرضهم لهدف التعديل والذي إن وقع سوف يخرجهم ويؤهل منتخبنا، لكنهم حافظوا على مرماهم وأضافوا الثالث علينا، وتأهلوا بالفرحة الجنونية، وهكذا ضاعت الفرصة من بين أيدينا، وهي فرصة قد لا تتكرر لعقود طويلة».

أحلى الذكريات

ويتابع "مدراتي" بعضاً من ذكرياته الجميلة التي بقيت في البال قائلاً: «لا يمكن لعشاق ومحبي الكرة السورية نسيان أحداث اللقاءين الحاسمين مع المنتخب العراقي الشقيق في "دمشق" و"الطائف"، فقد كنت ولا زلت مقتنعاً كل القناعة وحتى الآن بأن منتخبنا في تلك الفترة كان أفضل من المنتخب العراقي، وكان بالإمكان تجاوزهم والوصول لكأس العالم في "المكسيك"، لكن الضغط والشحن وهاجس تحقيق الفوز الذي رافقنا كان بحاجة للهدوء وطريقة تعامل أفضل مما جرى، منتخبنا كان مكتملاً بصفوفه وقادراً على تحقيق الفوز، ومن الأشياء الحلوة التي لا تنسى والتي زينت اللقاء، الجماهير الغفيرة التي ملأت ملعب "العباسيين" بلقاء الذهاب الذي كنا فيه الأفضل خلال التسعين دقيقة، وأتيحت لنا عدة فرص أهدرت منا للتسرع، مقابل خبرة لاعبي الفريق العراقي الذين نجحوا في كبح جماحنا، وهذا ما منعنا من تحقيق الفوز».

مثل منتخبنا في تلك المباراة: في حراسة المرمى: "مالك شكوحي"، في الدفاع: "عصام محروس الكابتن محمد دهمان- الراحل هيثم شحادة- راغد خليل"، في خط الوسط: "جورج خوري- عبد القادر كردغلي- نزار محروس"، في خط الهجوم: "مروان مدراتي- وليد أبو السل- محمد جقلان"، وشارك المهاجم "محمود السيد" بدلاً من الكابتن "محمد جقلان".

وكان مدرب المنتخب حينها الراحل "اواديس قولقيان" يساعده الكابتن "فاتح ذكي"، بينما ترأس بعثة منتخبنا "العميد فاروق بوظو" وقاد اللقاء الحكم السويدي "أريك فريد كسون".