تعددت أسماؤها ما بين "الجرو، الزرزور، الانتياس" تبعاً لعمرها وحجمها، وهذا ارتبط أيضاً بطبيعة لحمها الشهي ونكهته اللذيذة وسعرها المرتفع، ما جعل تصنيفها يبتعد عن تصنيف الأسماك الشعبية، ويصبح ضمن تصنيف الأنواع مرتفعة الثمن، ولها زبائنها الخاصين كالرياضيين والمسنين.

قيمة غذائيّة

قيمتها الغذائية العالية جعلتها مقصد الباحثين عن وجبة لحم دسمة مرتفعة البروتينات والفيتامينات والعناصر النادرة.

إن زبائن هذا النوع يدركون نكهتها المميزة والتي لا يمكن أن يجدوها في أي نوع آخر من الأسماك، لذلك تراهم عندما يجدونها معروضة للبيع في المحال التجارية لا يسألون عن سعرها غالباً، والبعض يتواصل مع الصيادين بشكل مباشر للحصول عليها من دون دخولها لمزاد البيع، حيث يدفع الثمن من دون نقاش

يقول "بشار جرجس": «يبحث كثيرون عن سمكة "الزرزور" أو "الجرو" كما تسمى في أولى مراحل حياة سمكة "الانتياس"، ويسألون الممتهنين لصيد السنارة عن صيدهم اليومي إن كان يشمل هذا النوع ليحصلوا عليه، فهم يدركون نوعية الفائدة الغذائية والصحية فيها، وخصوصاً لكبار السن وحاجتهم لها للحفاظ على بنيتهم الصحية مع التقدم في السن».

سمكة زرزور

بدورها تؤكد أخصائية التغذية "خلود يوسف" أن ارتفاع سعر سمكة "الانتياس" ناتج عن قلة الدسم فيها وارتفاع نسبة البروتين ووجود معادن نادرة، أي إن قيمتها الغذائية عالية ومناسبة جداً لمن يبحث عن الحصول على بنية رياضية جيدة، لذلك يبحث عنها الرياضيون بشكل عام، ناهيك عن نوعية المعادن فيها وقيمها التي تغني عن الجرعات الدوائية، وتكون أشبه بالعلاجية كالزئبق واليود، وكذلك بالنسبة للفيتامينات ومنها الفيتامين (د) أو كما يسمى فيتامين الشمس الذي لا يوجد إلا في السمك أو الخضار الورقية، حيث توجد بنسبة جيدة في هذا النوع من السمك، ويساعد في تثبيت الكلس على العظام ويقوي المناعة، وهو ضروري جداً للمسنين لمنع هشاشة العظام والحصول على مناعة عالية.

وتشير "يوسف" إلى غنى هذا النوع من الأسماك بفيتامين (ب12)، والذي نادراً ما يتواجد بكميات كبيرة في الأغذية كما في هذا النوع من السمك، حيث يقوي الأعصاب ويحميها من الالتهابات؛ كما تحوي نسبة عالية من الأحماض الدهنية "الأوميغا 3" التي تحمي من الزهايمر بالنسبة للمسنين، وتقوي الذاكرة بالنسبة للشباب، ونسبة هذه الأحماض الدهنية في سمكة الانتياس تفوق بقية الأسماك.

فراس رحمون يمسك سمكة انتياس

مُميّزة الشّكل

اخصائية التغذية خلود يوسف

إضافة إلى قيمتها الغذائية تتميز سمكة "الانتياس" بأنها جميلة الشكل والقوام، وتعد حركتها ضمن المياه البحرية بطيئة مقارنة مع الأنواع الأخرى من ذات فئتها، وشكلها ليس مغزلياً وإنما أقرب إلى المفلطح في جميع مراحل حياتها، وهذا النوع من الأسماك البلدية غير المهاجرة والمقيمة بشكل دائم في مياهنا البحرية له زبائنه الخاصون الباحثون عنها بشكل دائم لتكون وجبة موائدهم الأساسية، مع تعدد مراحل نموها وطبيعة لحمها في كل مرحلة.

يقول الصياد وبائع السمك "عصام طه": «إن زبائن هذا النوع يدركون نكهتها المميزة والتي لا يمكن أن يجدوها في أي نوع آخر من الأسماك، لذلك تراهم عندما يجدونها معروضة للبيع في المحال التجارية لا يسألون عن سعرها غالباً، والبعض يتواصل مع الصيادين بشكل مباشر للحصول عليها من دون دخولها لمزاد البيع، حيث يدفع الثمن من دون نقاش».

ويرى الصياد "طه" أن لكل مرحلة عمرية من حياة السمكة حكاية مختلفة تتعلق بالنكهة وطبيعة لحمها، فعندما يكون حجم السمكة صغيراً لا يتعدى قبضة اليد مرة ونصف ووزنها لا يتجاوز /700/ غرام بالحد الأقصى، يكون اسمها "جرو" وهنا يمكن صيدها بواسطة شراك الصيد المعتادة، ويكون لحمها طرياً جداً وغضاً، ولونها أبيض ناصع ونكتها لذيذة جداً.

من جهته يصف الشيف "خالد الترك" لحمتها بأنها من أفضل لحوم الأسماك على الإطلاق من فئتها وحجمها، حيث يمكن قليها بالزيت النباتي.

ويضيف: «يكون لون السمكة في مرحلة "الجرو" من ناحية البطن فضياً لامعاً، بينما ناحية الظهر يكون لونها رصاصياً غامقاً، وفي منتصفها وبشكل طولي من بداية الرأس وحتى نهاية الذيل يوجد خط لوني أصفر فاقع، وكأنه يفصل بين هذين اللونين، وكذلك بالنسبة للزعنفتين الجانبيتين لونهما أصفر، بينما شكلها العام طولاني وفيه انتفاخ واضح في منطقة الظهر بالقرب من الرأس، ما زاد قيمة اللحمة الطرية فيها وجعلها محببة للمسنين والرياضيين، لخلوها من الحسك في هذه المنطقة، وبالنسبة لسعر الكيلوغرام منها فهو مرتفع، ويبدأ من حوالي (40) ألف ليرة وحتى الـ(50) ألفاً».

مراحل عمريّة

التاجر والصياد "فراس رحمون" تحدث عن المرحلة العمرية الثانية من حياة سمكة "الانتياس" البلدية التي تعيش مع مياهنا البحرية، والطلب الكبير عليها بين الزبائن، ويقول: «عندما تنمو سمكة "الجرو" لبضعة أشهر إضافية يتغير شكلها ولونها وطبيعة لحمها، ويصبح اسمها "زرزور" وهنا يظهر التغير اللوني الخارجي على منطقة الظهر، فيصبح مائلاً للزرقة المرقطة على شكل دوائر وبقع لونية رائعة الجمال، ووسط كل دائرة لونان أو أكثر متداخلان فيما بينهما ما بين الفضي والرصاصي والفضي والرصاصي الفاتح، وتكون لحمتها طرية جداً، وسعرها أقل من سعر "الجرو" بحوالي عشرة آلاف ليرة، ويفضلها الغالبية مطهوة بالفرن مع الفليفلة الحرة، ويكون حجمها أكبر ووزنها يصل لحوالي (5) كيلوغرامات».

ويتابع: «عندما يكبر حجم "الزرزور" إلى حوالي عشرين كيلوغراماً وما فوق يصبح اسمها "انتياس" ويتم صيدها بالسنارة، وتباع على شكل لحمة حمراء بالوزن حسب رغبة كل زبون، أو قطعة واحدة إن كان لديه القدرة المالية لشرائها دفعة واحدة، حيث يتجاوز سعر الكيلوغرام منها (20) ألف ليرة، ويمكن أن يصل سعرها لحوالي (500) ألف ليرة سورية، كما حدث منذ عدة أشهر حيث بيعت بهذا السعر لشخص من مدينة "بانياس"».