انطلقت مبادرة "نورتونا" من كنيسة "رقاد السيدة" في قرية "السودا"، من قبل الأب "أنطونيوس مسوح"، بعد أن لمس معاناة الأهالي خلال قدومهم إلى أداء الصلاة التي تقام خلال فترة الصوم ليلاً، حيث كانت الصعوبة الأكبر تعترضهم خلال عودتهم من الكنيسة إلى منازلهم خاصة فيما يتعلق بمعاناة كبار السن والأطفال، وهنا كانت فكرته بضرورة وجود حل بديل لإنارة الشوارع والساحات الرئيسية في القرية، وذلك من خلال الطاقة البديلة.

المرحلة الأولى

يقول الأب "مسوح" لمدونة وطن: «في البداية تواصلت مع عدة جهات للاستفسار عن التكلفة، وطرحت موضوع المبادرة مع مجلس الرعية في الكنيسة، حيث تم دفع مبلغ مالي معين من صندوقها الخاص، كما قمت بطرح الفكرة على عدد من الأشخاص الذين رحبوا بفكرة المبادرة وقدموا الدعم أيضاً، ثم طرحت الفكرة كذلك أمام الأهالي في إحدى العظات بالكنيسة، والحقيقة أنهم تبرعوا بمبالغ محدودة كل حسب قدراته، وعلى الرغم من بساطة التبرعات إلا أنها كانت تعني الكثير لنا، وشكّلت بدايةً عظيمة لتحويل الفكرة إلى واقع ملموس».

في البداية واجهتنا صعوبات تتعلق بالجانب المادي، فكانت الخطوات الأولى بطيئة جداً، ثم شهدت تسارعاً بعد البدء بجمع التبرعات، كذلك واجهتنا صعوبة توفير المعدات الخاصة بالإنارة والتي حرصنا أن تكون ذات جودة عالية ومكفولة، حيث تم تأمينها من عدة محافظات هي "دمشق، واللاذقية، وحلب"، أضف إلى ذلك عدم توفر آليات وأخصائيين، حيث لجأنا إلى مهندس من اللاذقية قام بتدريب عدد من شباب القرية الذين لم يوفروا جهداً في العمل التطوعي لتركيب المعدات

فكرة المبادرة كذلك تم توجيهها إلى المغتربين عبر منشورات الصفحة الرسمية للكنيسة على موقع فيسبوك، لكنها في البداية لم تلق الاستجابة المطلوبة إلا بعد مضي /15/ يوماً، حيث بدأ المغتربون بالتبرع لتنفيذ المبادرة، ومستفيداً من بعض علاقاته الشخصية بعدد من المغتربين قام الأب "مسوح" بالتواصل معهم حيث لقي استجابةً جيدة من بعضهم كل حسب إمكانياته، وتم شراء /16/ بروجيكتوراً بإضاءة بيضاء وباستطاعات مختلفة تراوحت بين /200/ و/100/ و/40/ واط.

الأب أنطونيوس مسوح

المراحل اللاحقة

أثناء تنفيذ العمل

لطالما كان الأب "مسوح" مُصراً على أن تكون الإضاءة الخاصة بالكنيسة وساحتها ومنطقة السوق باللون الأصفر، والهدف الحفاظ على الشكل الجميل من خلال انعكاس الإضاءة على المنطقة القديمة وحجارتها السوداء وأبنيتها الأثرية، لذلك تم خلال عدة شهور تأمين المنظومة المطلوبة، وبدء عمليات تركيب الإنارة الخاصة بتلك المناطق، حيث تم تزويدها بـ /10/ بروجيكتورات باستطاعة /100/ واط.

وهكذا شملت الإنارة المنطقة حول الكنيسة، والجزيرة، والسوق القديم، وساحة البلدية، وعدة شوارع رئيسية، وهي مناطق تم اختيارها بدقة وبعد دراسة من قبل القائمين على التنفيذ.

إحدى المناطق المنارة

وبالنسبة للشوارع الفرعية والأحياء المكتظة بالسكان فقد تم بتركيب عدد من البروجيكتورات ذات الاستطاعة /20/ واط، والهدف التخلص من حالة التعتيم في تلك المناطق، كما تواصل بعض الأهالي مع الكنيسة لتأمين معدات ذات جودة للإنارة أمام بيوتهم وعلى حسابهم الخاص.

صعوبات

المبادرة خلال مراحل تنفيذها واجهت عدة صعوبات عنها يقول الأب "مسوح": «في البداية واجهتنا صعوبات تتعلق بالجانب المادي، فكانت الخطوات الأولى بطيئة جداً، ثم شهدت تسارعاً بعد البدء بجمع التبرعات، كذلك واجهتنا صعوبة توفير المعدات الخاصة بالإنارة والتي حرصنا أن تكون ذات جودة عالية ومكفولة، حيث تم تأمينها من عدة محافظات هي "دمشق، واللاذقية، وحلب"، أضف إلى ذلك عدم توفر آليات وأخصائيين، حيث لجأنا إلى مهندس من اللاذقية قام بتدريب عدد من شباب القرية الذين لم يوفروا جهداً في العمل التطوعي لتركيب المعدات».

انطباع إيجابي

لقي نجاح المبادرة صدى إيجاباً، ليس فقط للقائمين عليها بل لكل أهالي قرية "السودا" الذين لم يوفروا جهداً في العمل، ومنهم "عيسى حجار" الذي ساهم بجميع مراحل العمل منذ البداية، وقد أبدى استعداداً كبيراً للعمل في المراحل القادمة التي يتم التحضير لها حالياً، كذلك "رنا جبرا حجار" والتي قالت إن المبادرة مهمة جداً كونها مثلت حالة اجتماعية متميزة، جمعت أهالي القرية كيدٍ واحدة.

رد الفعل الإيجابي هذا لم يشمل قرية "السودا" فحسب، إنما لقي تأييداً من قبل المناطق والقرى المجاورة والذين عبروا عن تشجيعهم لتعميم هكذا مبادرات في مختلف المناطق، ما يساهم في الحد من تأثيرات أزمة انقطاع الكهرباء، والاستفادة من حلول الطاقة البديلة.

يذكر أن اللقاءات أجريت بتاريخ 20 و 25 أيلول 2022.