بجمال أخّاذ ممزوج بسحر الطبيعة، يقبع "حي الإذاعة" فوق مرتفع جبلي يطل من خلاله على أحياء "حلب" القديمة، ليكتسب الحي أهمية جغرافية واستراتيجية، ويغدو القبلة المفضلة للسكن من الكثير من أبناء المدينة لما له من ميزات خاصة ينفرد بها عن باقي الأحياء الأخرى، وأهمها نقاء هوائه ونظافته وجمال بيوته وكثافة أشجاره وتنوع خدماته.

مقال مهم:

الملخص:

بجمال أخّاذ ممزوج بسحر الطبيعة، يقبع "حي الإذاعة" فوق مرتفع جبلي يطل من خلاله على أحياء "حلب" القديمة، ليكتسب الحي أهمية جغرافية واستراتيجية، ويغدو القبلة المفضلة للسكن من الكثير من أبناء المدينة لما له من ميزات خاصة ينفرد بها عن باقي الأحياء الأخرى، وأهمها نقاء هوائه ونظافته وجمال بيوته وكثافة أشجاره وتنوع خدماته.

رويداً رويداً تبدل وكبر شكل الحي كثيراً في مساكنه وازدحام قاطنيه، ولكن بقي للحي ثقله وأهميته وتميزه عن باقي الأحياء

مَوقِعٌ مُتَمَيِّزٌ

يقع "حي الإذاعة" في أقصى الطرف الغربي للمدينة، على "جبل محسن" الذي يرتفع عن سطح الأرض بحدود مئة متر، الحي ملاصق ومتداخل مع نصفه الثاني "حي سيف الدولة"، والذي يجاوره من الجهة الغربية، ويطل الحي من الجهة الشرقية على أحياء "الزبدية وبستان القصر والأنصاري والمشهد"، ووسط هذا التداخل الجغرافي والطبيعي اكتسب الحي أهميته التي جعلته القبلة المفضلة للكثير من أبناء المدينة للعيش فيه، فضلاً عن توافر أغلب الخدمات في مرافقه من تعليم ونظافة وطبابة وصحة، والسوق التجاري المميز والمولات التي شيدت في العقود الماضية".

التقاط الصور التذكرية من كورنيش الإذاعة هواية الشياب.

مختار الحي "وليد باقي" 70 عاماً، يقول في حديثه لـ"مدونة وطن": «تعود بدايات وتأسيس "حي الإذاعة، والذي كان حياً مشتركاً مع شقيقه حي سيف الدولة"، إلى خمسينيات القرن الماضي وجاءت تسميته بسبب تواجد المركز الإذاعي والتلفزيوني في وسطه على "جبل محسن".. في البدايات كان الحي مقتصراً على وجود بعض الفيلات المحدودة، التي شيدها وسكنها عدد من العائلات التي تعود جذورها إلى أحياء المدينة القديمة، جاؤوا للحي وبنوا فيه الفيلات السكنية الفخمة بطرازها المعماري الجميل، والحي في تلك الفترة كان في غالبه عبارة عن أراضٍ زراعية واسعة وفي وسطها أشجار من الزيتون والفستق الحلبي والسرو والحور، ومع مرور الزمن بدأ الزحف السكاني للحي بسبب ارتفاعه الشاهق عن باقي الأحياء ولجمال طبيعته، حيث تحولت أغلب أراضيه الزراعية لدور سكنية».

ويضيف المختار: «أتى بنا والدي إلى هنا قبل ثلاثة وأربعين عاماً، ولازالت في مخيلتي كل الذكريات الجميلية التي عشتها في طفولتي ودراستي وشبابي، عن علاقتنا الطيبة مع الجوار الذين شاركونا الأفراح والأحزان والمناسبات السعيدة في الأعياد وخلال شهر رمضان، وحسب الإحصائيات التي لدينا يقطن حالياً داخل "حي الإذاعة" ثلاثة عشر ألف عائلة تقدر بستين ألف نسمة، معظمهم من العوائل الحلبية المثقفة المتعلمة، ويضم الحي عدداً كبيراً من المدارس والمعاهد والعيادات الطبية ومقسماً للهاتف الآلي، مع السوق المحلي الذي يخدم القاطنين إضافة للمولات التجارية الثلاثة المتلاصقة بجانب بعضها، والتي أضافت بعداً اقتصادياً مهماً وازدحاماً سكانياً في المنطقة، وأجمل ما في حينا من طرفه الشرقي المنظر الجميل للكورنيش الطبيعي والمطل على باقي أحياء المدينة بمنظر ساحر، ويعتبر بمثابة المصيف والمتنفس للكثير من أبناء المدينة بارتفاعه وهوائه العليل».

شهادات ابناء الحي المختار وليد باقي - الكابتن زياد الشيخ عمر - الصيدلي أحمد ماهر خراط المهندسين محمد دادو وأحمد نعسان سيد عيسى.

كُورنِيشُ الإِذَاعَةِ

إطلالة ساحرة من حي الإذاعة على باقي أحياء المدينة بمنظر جميل.

ويقول المدرس المتقاعد "زياد الشيخ عمر" 70 عاماً: «بات الكورنيش في حينا قبلة للسياح والأهالي، ومن رصيف الكورنيش يمكنك مشاهدة شكل وجمال قلعة "حلب" و"أحياء الزبدية والجميلية وبستان القصر وباب الفرج" ومركز الإذاعة والتلفزيون، يمتاز حينا بهوائه النقي والمساحات الواسعة في كبر منازله، والأشجار الكثيفة المزروعة في كل شوارعه الرئيسية والفرعية مع أهله الطيبين».

أما "الحاج أحمد نعسان سيد عيسى" 76 عاماً والذي تعود أصوله لمدينة "إدلب" يقول: «بعد عودتي من دراسة هندسة النسيج بمدينة "موسكو" في عام 1973 جاء تعييني الوظيفي في مدينة "حلب"، وبحثت كثيراً بين الأحياء الحلبية عن حي يشابه في جغرافيته مدينتي "إدلب" من حيث نقاء الهواء العليل وجمال العمران وكبر مساحة المنزل، فلم أجد أفضل من منازل "حي الإذاعة" بجماله وحدائقه وخدمات، وحسن وطيب معشر أهله المحبين الذين احتضنوني كواحد منهم، وزد على ذلك حبهم لبعضهم وتآلفهم ووقوفهم من بعضهم في الأفراح والأحزان، وأهم ميزة يتمتع بها الحي قربه من الجامعة ومركز المدينة معاً، وبسهولة الوصول إليه من كافة الأحياء الأخرى وكثرة خطوط المواصلات العامة التي تمر به وخاصة في الشارع الرئيسي والمشترك مع "حي سيف الدولة"».

أُسرَةٌ وَاحِدَةٌ

أما المهندس المتقاعد "محمد دادو" 63 عاماً يقول: «أقطن الحي منذ ما يقارب خمسين عاماً وأذكر شكل الفيلات التي كانت مشيدة بوقتها بمظهرها الجميل والارتفاع المتوسط، ضمن الكثير من المساحات الفارغة بين الشوارع الفرعية والرئيسية، كنا ولازلنا نعيش كأسرة واحدة وخاصة في أيام شهر رمضان، حيث يقوم بعض الأهالي عند الإفطار بالوقوف بالشوارع الرئيسية ويوزعون الماء والتمور والمعروك على المارين المتأخرين عن موعد الوصول لمنازلهم».

ويتابع حديثه: «رويداً رويداً تبدل وكبر شكل الحي كثيراً في مساكنه وازدحام قاطنيه، ولكن بقي للحي ثقله وأهميته وتميزه عن باقي الأحياء».

اِزدِحَامٌ لَهُ أَسبَابٌ

من أهم ميزات "حي الإذاعة" قربه من مركز الجامعة، ما جعله الجهة المفضلة لسكن الأهالي والطلاب والطالبات وللكثير من المستأجرين القادمين من محافظات أخرى للدراسة والعمل في المدينة، عدا عن جودة الخدمات المتوفرة فيه مع تواجد العيادات الطبية والمعاهد التعليمية.

يمتاز الحي بهدوئه وبعده عن الضجيج والضوضاء، ويكتسب الحي الصفة التجارية البحتة بكثرة المحلات على أطرافه وداخل شوارعه الفرعية والتي تحتوي على مختلف صنوف المواد الغذائية للجملة والمفرق مع أسواق الألبسة والولادية والنسائية والرجالية.

تم إجراء اللقاءات والتصوير داخل "حي الإذاعة" بتاريخ الخامس من شهر تشرين الأول لعام ألفين واثنين وعشرين.