تحاول بعض دور النشر تطوير عملها وأساليب تداول الكتاب، بخلق فرص لتيسير حصول القراء عليه ومطالعته من خلال الإعارة والاشتراك بدور النشر برسم رمزي، جعل الشباب واليافعين زوّاراً دائمين لهذه الدور، يدخلون إليها متلهفين للقراءة ويخرجون منها متأبطين ما راق لهم من منشورات شريطة إعادتها خلال فترة محددة لاستبدالها بعد مطالعتها.

تطوير الفكرة

الفكرة التي أطلقتها دار "هدوء" للنشر حفّزت عدداً من الشباب للسؤال والاستفهام عن فكرة الاشتراك، وحققت وفق "فواز عزام" صاحب ومدير الدار نتائج جيدة، ثمارها زيارة باقة جديدة من الشباب إلى مكتبة الدار بهدف التعرف على المكتبة والاستفسار، وقامت العناوين الجيدة ببقية المهمة لتحفّز الشباب على اكتشاف العنوان وسبره ما دامت فرصة استعارته ممكنة وميسرة.

ثبتنا الاشتراك الشهري بمبلغ بسيط ويمكن للمشترك الحصول على الكتب التي يريدها خلال شهر، وأخذت العملية تتطور لنصل اليوم إلى 83 مشتركاً معظمهم من الشباب، وقد تأسست بيني كناشر وبينهم علاقات جميلة أهمها العلاقة المرجعية وقد يكون هذا أحد أدوار النشر في المجتمع

ويضيف "عزام" : «بدأت الفكرة مع الطلبة الجامعيين، وبعد تجربة شخصية لي في تحضير بحث معين لمست صعوبة الحصول على مرجع، وكم يتكلف الطالب أعباء مالية للحصول على مرجع بعينه لاستكمال بحث.. حاولت تلبية حاجة الطلاب للحصول على باقة من المراجع العلمية المتخصصة في عدة مجالات ساهمت في خلق تواصل مع شريحة جيدة من الطلاب، ليستفيدوا من المراجع مقابل رسم بسيط على الكتاب، وفق نوعية المرجع وخصوصيته وتحديد الفترة، وقد لمست بالفعل أهمية الفكرة وسعيت لتطويرها».

فواز عزام صاحب ومدير دار هدوء

ويبقى الأثر

داوود عزام مدير وصاحب دار البلد

"عزام" لمس حاجة الشباب للكتاب ليس فقط الكتاب المرجعي والبحثي المتمم للعملية الدراسية، بل لعناوين يتلهف لها هواة القراءة ومن تعني لهم حصيلة ما بين دفتي الكتاب الكثير، وقد أغنى مكتبة الدار بعناوين جديدة يقدمها للإعارة مقابل رسم اشتراك شهري لا يزيد على ألف ليرة شهرياً.

يقول: «ثبتنا الاشتراك الشهري بمبلغ بسيط ويمكن للمشترك الحصول على الكتب التي يريدها خلال شهر، وأخذت العملية تتطور لنصل اليوم إلى 83 مشتركاً معظمهم من الشباب، وقد تأسست بيني كناشر وبينهم علاقات جميلة أهمها العلاقة المرجعية وقد يكون هذا أحد أدوار النشر في المجتمع».

الطفلة هايدي السقعان قارئة ومشتركة بدار البلد

ويتابع : «بالنسبة لي لم أخسر أي كتاب وفرحت بالأثر الذي تركته لدى الشباب من شريحة طلاب الجامعة، ومن يبحث عن نوع معين من الثقافة والعلم ممن يبدلون الكتاب بشكل أسبوعي يستمتعون بما يطالعون خاصة في هذه الطروف التي تغيب فيها الكهرباء ومعظم وسائل الترفيه، وما أسعدني زيارات عدد كبير من الشباب برفقة الأهل، حيث حرضهم وجود الكتاب على المطالعة، وولّد لديهم رغبة للاطلاع على دار النشر وهذا ما يعزز الثقة لدي بالتوسع لشريحة الناضجين».

خطوات

وضع "عزام" سياسية مادية لتطوير الفكرة واستمرارها، تقضي بزيادة عدد العناوين مع كل عشر مشتركين جدد، بإضافة عناوين جديدة تطلب منه، وإغناء المكتبة في ظل ارتفاع أسعار الكتب المستمر، بالتالي دعم المشروع بزيادة النوافذ والفرص كون المشروع يحتاج ضخاً مالياً أكبر.

وفق "عزام" حقق المشروع خطوات نوعية أولها توسع شريحة القراء والزائرين للدار بما يرتبط بكتب العربية، وتلبية طلب قراء اللغة الانكليزية أضاف حوالي 62 رواية باللغة الإنكليزية، وهذه خطوة لها وزن على المستوى الثقافي تؤكد وجود متحدثين بلغة متفوقة قادرين على اكتساب معارف ثقافية جديدة.

ويضيف: «طموحي تعزيز فرصة تفاعل القراء مع كتب الفكر لأننا نعرف أن الرواية والقصة حتى هذه المرحلة مفضلة لدى القراء، لكن منشورات الفكر تبقى حكراً على بعض المختصين مع العلم أننا من دون فكر لا يمكن البناء ولا الخروج من الحشو نحتاج خطاباً فكرياً يحرر هذا الجيل من القولبة من نمط محدد للكتاب، ولا أنكر أنني متفائل مع حلم على مستوى المشروع يتمثل بإرفاق الدار بصالة للقراءة».

بدورها وجدت "رباب أبو طافش" خريجة معهد صيدلة تُعدُّ من أوائل المشتركات مع دار "هدوء"، في الاشتراك فرصة كبيرة لمطالعة عناوين متميزة وغنية شغلت وقتها وخففت عنها عبء شراء الكتاب بمبالغ كبيرة.

تقول: «اطلعت بالصدفة على إعلان الدار وقمت بزيارة لأجد قائمة رائعة من العناوين حققت لي متعة حقيقية لتصبح الزيارة أسبوعية، أنهي الكتاب واستبدله بآخر وقد شجعت كثيراً من الصديقات على التجربة، لأننا دائماً بحاجة للكتاب والقراءة لكل ما هو جديد من فن الرواية والقصة وهي المفضلة بالنسبة لي».

وتتكرر التجربة

في دار "البلد" سياسة تتلاقى مع مشروع الإعارة بطريقة اختلفت بالشكل لكنها تلاقت بالمضمون، من حيث تقديم الكتاب للقارئ من خلال الإعارة باشتراك شهري ونصف شهري.

ووفق حديث "داوود عزام" صاحب ومدير الدار حيث قامت الدار بتطبيق عدة أنماط للاشتراك تبدأ بالاشتراك السنوي والفصلي والشهري وفق أقساط.

ويضيف: «الكتاب مطلب أساسي لشريحة كبيرة ممن لديهم شغف بالقراءة وفي الظروف الحالية وما يشكله شراء الكتاب من عبء مادي، فإن الإعارة أحد الأساليب التي نتبعها لتقديم الكتاب بشكل لائق يفي بحاجة القارئ ويساهم في تطوير عمل الدار، وتجسيد دورها الفكري والأدبي في المجتمع وعلى هذا الأساس حاولنا تطوير العلاقة مع المجتمع بفتح باب الاشتراك ليكون للقارئ عدة خيارات منها الاشتراكات السنوية بقيمة عشرة آلاف ليرة والاشتراكات الفصلية ستة آلاف ليرة والشهرية ألف وخمسمئة ليرة».

وبدافع الحرص على تنظيم العمل يمكن للمشترك استعارة كتاب واحد يتم استبداله وبالفعل كانت التجارب جيدة ولا خسائر تذكر، بالعكس كانت الفكرة ناجحة وحققت نتائج رائعة، اليوم لدينا عدد المشتركين بطريقة الإعارة 215.

وقد سبقت هذه التجربة مبادرة مكتبة التقسيط حيث يتم تقسيط مكتبة مؤلفة من 73 كتاباً بقيمة 575 ألف ليرة تقسط على عامين ونصف العام، بدفعة أولى 15 ألف ليرة، وحوالي 14 مشتركاً اختبروا التجربة ولاقت استحسانهم.

للصغار نصيب

ويشير "عزام" إلى أنه وفي محاولة لتقديم الفائدة لكل الشرائح تم تقديم مجموعة كتب للناشئة أيضاً ضمن نظام الإعارة، فقد أعدنا طباعة 10 عناوين هي عبارة عن 4 أجزاء لتشيخوف وقصص ساخرة، ومختارات من الأدب الروسي الحديث، ومختارات من الأدب الروسي القديم، والمعرفة الحقيقية لخوسيه "سراماخوا"، وروايات أخرى تناسب هذه الشريحة ولاقت إقبالاً وتفاعلاً جيداً.

"هايدي السقعان" من قرية "أم الزيتون" تزور الدار بشكل مستمر لتختار منشورات تطالعها، وجدت في التجربة متعة تختلف عن وسائل التسلية الأخرى وتضيف: «أنا طالبة في الصف السابع استمتع كثيراً بزيارة الدار وانتقاء الكتب وفي معظم الزيارات ترافقني والدتي وأختار عناوين تناسب عمري، وإن لم تكن والدتي موجودة يقومون بالدار بمساعدتي على انتقاء عنوان مناسب، ودائماً أتوجه لهم بالشكر لأن العناوين رائعة وفيها كثير من الفائدة».