استفاد المهندس "عبد الله المحمد" من إقامته في "الصين"، في التعرف على أنماط حياة الشعوب المختلفة وأغرب عادات الطعام لديهم، خاصة وأن "الصين" تعتبر تجمعاً لمعظم مطابخ العالم، ومن خلالها اطلع على ثقافات الشعوب المتنوعة، فكان السفر والتعامل مع أناس مختلفين في العادات والتقاليد هو خلاصة ما استند عليه لبناء فكرته "حديث الأكل" ، بالإضافة للاستفادة بهذا الجانب من اختصاصه الجامعي كمهندس معلوماتية، وخبرته الممتدة منذ العام 2008 في مجال السياحة والفنادق والمطاعم، حيث عمل كمدير تنفيذي بإحدى الشركات المختصة بهذا الشأن، ويُعتبر اليوم كل ما يقدمه في "حديث الأكل" نابع عن معرفة دقيقة بكل التفاصيل.

طبق القرية

يخطو المهندس "المحمد" في طريق واضحة المعالم، هدفه النهائي خلق سياحة حقيقية في "طرطوس" بشكل خاص و"سورية" بشكل عام بحسب حديثه لمدونة وطن.

في الحقيقة موضوع صناعة السياحة سواء من خلال مهرجان الأكل أو من خلال الأماكن التي تتم زيارتها وتوثيقها، حيث تحتوي بلادنا ثروة طبيعية بكر تمتلك كل مقومات قيام سياحة حقيقية، ومعظمها لا يزال غير معروف وغير مستثمر، واستثمارها بالشكل الأمثل قد يرفد الاقتصاد السوري خاصة في مثل هذه الظروف

يقول "المحمد": «في البدايات كنت أحدث الأهل والأصدقاء عن الأكل بطريقة مشوقة، وقد نقلنا حديثنا عن الأطباق للبحث عن أفضل مطعم يحضرها، ثم نتعرف في رحلتنا على صاحب المطعم وقصة الطبق، وتناقلنا قصة الطبق للتعرف على القرية وميزاتها واكتشاف مقوماتها السياحية، ثم الاطلاع على واقع أهلها، وكيفية تقديمنا المساعدة لهم سواء بخلق فرص عمل أو أية أفكار يمكن أن تدعم واقعهم وواقع القرية والسياحة فيها، وهذا ما انعكس إيجاباً، فقد كان حديث الأكل واقعاً ملموساً بالفعل، وقمت بنقله إلى مواقع التواصل الاجتماعي بهدف تقديم محتوى حقيقي بعيد عن عمليات التجميل، فقمت في العام 2019 بإنشاء مجموعة تواصل عامة عبر فيسبوك بتشجيع من الدائرة الضيقة المحيطة من الأهل والأصدقاء، ثم سرعان ما توسعت لتشمل عشرات الآلاف من المتابعين المتفاعلين، وعلى قدر ما تسمح لي إمكاناتي المادية والوقت المتاح أقوم بزيارة العديد من المناطق، فأعمل على توثيق مشاهداتي من خلال فيديوهات بطريقة بسيطة وقريبة من الناس وبما يناسب اهتماماتهم، فأعكس روح المكان لكل منطقة أزورها، فيشعرون وكأنهم يعيشون داخل الكاميرا، وجميعها فيديوهات بعيدة عن التصنع والتجميل، تعكس خصائص المكان ولهجة أهل المنطقة الحقيقية، لهجة الأهل والأجداد وعاداتهم وتراثهم».

مهرجان الأكل والإقبال الكبير

مبادرات متنوعة

حملت فكرة المهندس "المحمد" عنوان "حديث الأكل" لكن ليس بالضرورة أن تكون الأطباق والوصفات هي الموضوع الذي يجتمع عليه أعضاء المجموعة، فقد انطلقت من خلالها العديد من المبادرات المجتمعية الهامة التي تركت أثراً كبيراً في المجتمع، ومنها مبادرة "ضحكة" التي قامت بالتعاون مع "جمعية البتول" وهي الشريك الاستراتيجي لـ "حديث الأكل" والتي من خلالها يتم تأمين ملابس العيد للكثير من أطفال المحافظة، حيث استفاد منها حوالي 2300 عائلة، أيضاً من مبادرات "حديث الأكل" تأمين متبرعين لمساعدة الأطفال من مرضى القلب بين سن 2 إلى 3 سنوات بإجراء عمليات جراحية، بمحاولة منها للمساهمة في الحفاظ على حياتهم وإعادة الأمل لعائلاتهم، بالإضافة إلى مبادرات تأمين فرص العمل لشباب المحافظة، والكثير من المبادرات الأخرى.

مهرجان الأكل

لقي "مهرجان الأكل" الذي أقيم مؤخراً في محافظة "طرطوس" نجاحاً كبيراً سبقه تحضيرات امتدت على مدار أربعة أشهر، بذل المهندس "المحمد" وفريق عمله جهوداً كبيرةً لتحقيق الهدف، ويقول: «يُعتبر تجهيز 61 جناحاً إنجازاً كبيراً، فإقناع هذا العدد من الأسماء التجارية الكبيرة بالمشاركة ليس بالأمر السهل، حيث واجهتنا الكثير من الصعوبات والتحديات من ناحية تأمين وتجهيز المكان والخدمات اللازمة، ومع أن الحدث حمل اسم "مهرجان الأكل" لكنه شمل عرضاً لمنتجات غذائية وكهربائية ومفروشات والكثير من المنتجات، فقد مثّل المهرجان حدثاً كبيراً، واستطاع تحقيق ثورة اقتصادية في بداية الموسم السياحي الصيفي».

ويتابع: «في الحقيقة موضوع صناعة السياحة سواء من خلال مهرجان الأكل أو من خلال الأماكن التي تتم زيارتها وتوثيقها، حيث تحتوي بلادنا ثروة طبيعية بكر تمتلك كل مقومات قيام سياحة حقيقية، ومعظمها لا يزال غير معروف وغير مستثمر، واستثمارها بالشكل الأمثل قد يرفد الاقتصاد السوري خاصة في مثل هذه الظروف».

نشاط تسويقي واجتماعي

الإعلامية في المركز الإذاعي والتلفزيوني في طرطوس "رشا النقري" المتابعة والمشاركة في مبادرة "حديث الأكل" ترى أن المهندس "عبد الله المحمد" تمكن من خلق حالة اجتماعية مميزة وناجحة جداً، ذلك بفضل جدّه واجتهاده ومحبته لعمله وإيمانه بفكرته وبحثه الدائم حول أدق التفاصيل، حتى أصبحت فكرته "حديث الأكل" حديثاً للأهالي في محافظة "طرطوس" ، كما أنه استطاع أن يعرف الآلاف من المتابعين على تراث المحافظة وتقاليدها وأبرز ما يميز ريفها الغني من مقومات طبيعية وبشرية.

أما عن مهرجان الأكل فقالت: «للعام الثاني حاول "المحمد" التعريف بالمؤسسات والمبادرات الفردية التي تعمل في مجال الأطعمة من خلال مهرجان منظم، عرضت فيه المنتجات الغذائية المتنوعة وسط إقبال كبير من الناس، كذلك شهد المهرجان عروضاً مميزة لشركات تعمل في مجالات أخرى كالألبسة والكهربائيات وغيرها، كما شهد أعمالاً فنية لفنانين تشكيليين، حيث مثل المهرجان نشاطاً تسويقياً اجتماعياً متميزاً جداً».

وأكدت "النقري" على أهمية الدعم لمثل هذه الأفكار خاصة من الناحية الإعلامية، كون محافظة "طرطوس" تعتبر وجهة سياحية هامة، فهي تمتلك الكثير من المقومات التي تشكل نقطة ارتكاز لكثير من الأفكار التي قد تساهم بصناعة سياحة حقيقية فيها.

يذكر أن اللقاء أجري بتاريخ 20 تموز 2022.