منذ انطلاقها قبل أربع سنوات حققت مبادرة "اقرأ معنا" خطوات بنّاءة ونتائج إيجابية بين محبي الكتاب والقراءة، هي مبادرة أسسها الكاتب القاص "طارق سلمان" في مدينة "اللاذقية" في محاولة منه لإحياء القراءة بعد أن كادت تفقد مكانتها أمام وسائل التواصل الحديثة.

التعريف بالمبادرة

للحديث عن مبادرة "اقرأ معنا" تواصلت مدوّنة وطن "eSyria" مع مؤسس المبادرة "طارق سلمان"، الكاتب والقاص الحاصل على إجازة في اللغة العربية، فيقول: «الكتاب مرآة العالم، ولا يهم إن كان ورقياً أو إلكترونياً لأن الأهم هو الكلمة، لذلك فإن القراءة يجب أن تكون واعية تقوم على الفهم والبعد عن النقل، ومن موقعي كمختص باللغة لاحظت ضعف الأجيال بلغتهم، وثقافتهم، فكانت مبادرة "اقرأ معنا" في "اللاذقية" محاولة لإحياء القراءة الواعية بعد أن تهاوت مكانتها أمام وسائل "الملتميديا" الحديثة، والفكرة لم تكن جديدة، لكنها كانت بإطار مختلف يهدف إلى رفع المستوى النقدي لدى القارئ وتقوية حالة الحوار الثقافي بين جميع مستويات المجتمع».

هي مبادرة رائدة وراقية في "اللاذقية"، تعزز دور القراءة والتفاعل القرائي والروح الجماعية، هدفها محدد متعلق بالقراءة والتفاعل حولها، هناك قراءة دورية للكتب، ولا سيما الروايات، حيث يتم النقاش حول كل قراءة بعد إتمامها، الأمر الذي ساهم إيجابياً في تطوير طاقاتنا من حيث القراءة والدّقّة والنقد وتعميق القدرة على استكشاف التقنيات الفنيّة التي استطاع الكاتب قول ما يريده من خلالها

الانطلاقة

ولأنها مبادرة فهي لا تقوم على شخص واحد بل هي جهد جماعي مشترك، وكما يضيف "سلمان": «كان اللقاء مع الأصدقاء والأدباء والمثقفين، الشاعرة "ساره حبيب" والأستاذ "أنس إسماعيل"، وتم عقد أولى الجلسات في مقهى "ناي" الثقافي ومنه كانت الانطلاقة، ومن خلال صفحة مبادرة "اقرأ معنا" في "اللاذقية" على الفيسبوك، كنا ندعو من يرغب ليشاركنا قراءته وحواره باقتراح رواية وتحديد موعد لجلسة حوار تدور حولها، فأصبح جمهور المبادرة يضمّ كل مهتم بالقراءة والأدب بشكل عام، ولا يوجد مقر للمبادرة فهي موجودة في أي مكان يرحب بها، لذلك لا مكتبة كحيز مكاني لها، لكن خلال السنوات الأربع السابقة صنعنا عناوين ثقافية وإبداعية متعددة في وجدان كل قارئ شاركنا القراءة أو الحضور».

طارق سلمان مؤسس المبادرة

الرواية أوفر حظاً

إحدى جلسات اقرأ معنا

نالت الأعمال الروائية النصيب الأكبر في جلسات المبادرة، وهنا يتحدث الكاتب "طارق سلمان" قائلاً: «الأعمال الروائية كانت محور القراءة لكونها قادرة على جمع معظم الأنواع الأدبية الأخرى، وهذا لا يعني أن الخيارات الأخرى مغلقة، فقد تمت مناقشة عمل مسرحي من عدة جلسات مسرحية "دكتور فاوستس"، وقد كان لها بعدها الدرامي الذي نشّط الحوار وزاد في القيمة الإبداعية للجلسة، حيث يكون الحوار عادة بوضع محاور أساسية يقترحها المشاركون لشرح قراءتهم للنص من خلالها كاللغة والأسلوب والشخصيات، والسرد».

ولم تقتصر جلسات المبادرة على القرّاء فقط، يقول "سلمان": «استضافت المبادرة عدداً من الأدباء والمترجمين، الذين شاركونا قراءتهم لأعمالهم الإبداعية، واستمعوا إلى رأي القرّاء وأسئلتهم، وأذكر منهم الأدباء "عادل محمود"، "يعرب العيسى"، "نبيل سليمان"، "نسرين خوري"، "خالد خليفة"، "حاتم حافظ" وغيرهم، وأيضاً استضاف المترجمين الذين أغنوا اللغة العربية بترجماتهم مثل د."فؤاد المرعي"، ود."ثائر ديب"، وكان نتاج المبادرة كبيراً من حيث الذائقة الأدبية، والحسّ النقدي لدى المشاركين خلال الجلسة ومشاركة الرأي والحوار الأدبي مع العالم، وخاصة أن البث المباشر للجلسات أعطى صورة مهمة عن تطور الأدب والثقافة في "سورية" على الرغم من الحرب والحصار».

الدكتور ثائر ديب مع مؤسس المبادرة

مبادرة رائدة

الدكتور "ثائر ديب"، وهو مترجم وكاتب له حضوره الفاعل في مبادرة "اقرأ معنا"، كمترجم وقارئ مشارك، تحدث عنها قائلاً: «هي مبادرة رائدة وراقية في "اللاذقية"، تعزز دور القراءة والتفاعل القرائي والروح الجماعية، هدفها محدد متعلق بالقراءة والتفاعل حولها، هناك قراءة دورية للكتب، ولا سيما الروايات، حيث يتم النقاش حول كل قراءة بعد إتمامها، الأمر الذي ساهم إيجابياً في تطوير طاقاتنا من حيث القراءة والدّقّة والنقد وتعميق القدرة على استكشاف التقنيات الفنيّة التي استطاع الكاتب قول ما يريده من خلالها».

ويضيف: «المبادرة في حالة تطور مستمرة وفتح آفاق جديدة من خلال الحضور والأدوات المستخدمة لتحقيق الانتشار والفائدة، ولم أكن قارئاً وصديقاً للمبادرة فحسب، بل جرت استضافتي كمترجم من خلال أعمال قمت بترجمتها ونوقشت في إطار المبادرة، مثل رواية "إنجيل الابن" للكاتب "نورمان ميلر" ورواية "العسل" للكاتبة "زينة غندور"، وتطرق النقاش حولهما إلى الترجمة وآلياتها وفنونها، كما استضافت المبادرة ضيوفاً مهمين، مترجمين وكتّاباً محليين وعرباً، سواء بالحضور المباشر أو بواسطة تقنية الفيديو».