عشقُ التراث والإصرار على إحيائه، يعد ظاهرة متجذرة في مدينة "صافيتا"، حيث تستعين كثيرات من نساء وربات المنازل بالتراث لإعداد الوجبات التراثية، ومنها "الحزنبل" الذي يتم استخراج مادته الأصلية من باطن الأرض، ويتم إعداده بطرق خاصة حتى يتحول إلى طبق مربى بطعم التراث.

فما هو الحزنبل؟

التقت مدونة وطن بالسيدة "جمانة الدالي" التي عرف عنها إتقانها للمطبخ التراثي الذي اشتهرت به منطقة "صافيتا" بشكل عام، ومطبخها بشكل خاص منذ أكثر من عشرين عاماً لتخبرنا عن "الأكلة التي حيّرت العلماء" .

تشرح "الدالي" سر أكلة "الحزنبل" فهي عبارة عن جذر يستخرج من الأرض يتم استخراجه عن طريق الحفر، ينمو في المناطق الساحلية ويسمى أيضاً "الأخيلية أم الألف ورقة"، وهو نبات عشبي معمر يعطي ساقاً واحدة أو عدة سيقان و تنمو داخل الأرض، وهذه الجذور هي التي يصنع منها مربى "الحزنبل الصفتلي الناشف".

جذور الحزنبل أثناء التحضير

تستعرض "الدالي" في حديثها للمدونة طريقة التحضير التي تتم ضمن طقوس عائلية محببة، حيث تجتمع النسوة لمساعدتها، خاصة في مراحله الأولى الصعبة، بدءاً من تقشيره ونقعه بالماء لساعات ثم سلقه حتى ينضج، ليتم بعدها تصفيته من الماء وإزالة الشروش من الجذر.

تقول" الدالي": "يتم وضع كيلو غرام واحد من السكر لكل واحد كيلو غرام من "الحزنبل"، مع إضافة الصبغة التي تبقى اختيارية، كما يضاف إليه بعض من كبش القرنفل ويغلى جيداً، ثم يمد على أطباق من القش أو الألمنيوم ويترك ليجف تماماً ويرش فوقه بعض السكر، وهذا اختياري أيضاً، ثم يوضع ضمن مرطبانات زجاجية أو أي وعاء خاص بالحفظ".

السيدة جمانة الدالي

وتشير السيدة إلى أن بيع المربى اقتصر سابقاً على بعض أهالي المنطقة، لكن ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في انتشاره مؤخراً، بعد أن أثار فضول الكثيرين للسؤال عنه وشرائه.

بنكهة التراث

من وجهة نظر "الدالي" أنه من المهم أن يبقى طعم الأصالة متجذر في مطابخنا التي يجب أن نعلمها لبناتنا للحفاظ على نكهة الماضي، ناهيك بتعلم فتيات اليوم للطرق الصحية في إعداد المأكولات التراثية التي تتفوق في مذاقها وفوائدها الصحية على ما يتم تصنيعه اليوم من مواد تجارية، لافتة إلى أنه بات ملاحظاً اليوم استعانة الكثيرات من ربات المنزل بوصفات الجدات في صنع المؤونة المنزلية، وطريقة حفظها التي تتماشى مع الظروف الحالية وخصوصاً لجهة الانقطاعات الطويلة للكهرباء.

الحزنبل الجاهز

وتلفت "الدالي" إلى الفوائد الصحية لمربى "الحزنبل" إذا ما تم تناوله باعتدال، فهو يساعد -حسب قولها- في تسكين الألم وفي تنقية الدم، وله دور في تقوية المخ والأعصاب والكبد، ويستخدم في علاج الدوالي، يساعد في علاج مرض النقرس، وزيته يخفف من التهابات المفاصل، وفي علاج الأكزيما.

"صفتلي" الهوية

ورغم معرفة البعض بهذه الأكلة التراثية وأصول إعدادها، لا يزال البعض الآخر يجهل الكثير عنها.

تقول السيدة "أم يوسف" إن "الحزنبل" من ألذ المربيات عندما يتم صنعه على أصوله وبإتقان، ويسعدها تلك المحاولات الهادفة لإحياء هذه الأكلات التراثية فضلاً عن التوفير الاقتصادي في ظل الغلاء الحالي.

بدوره لا يعرف الشاب الجامعي "طارق" ما هو "الحزنبل"، ولم يسمع به من قبل، و بدا عليه الغرابة عندما عرف أن هذا الطبق "صفتلي" الهوية.