في مدينة "حلب" وصلت ذيول ومخلفات الأزمة إلى حياة القطط، تلك الحيوانات التي تأثرت وأصابها ما أصابها من مجاعة وأمراض وتشرد، ما دفع الكثير من أهل الخير لتقديم يد المساعدة إما بشكل شخصي أو حتى ضمن مبادرات جماعية لأجل الرفق بالقطط، من خلال الاهتمام بها وتقديم الطعام والعلاج والإيواء، مع تخصيص بعض من المال لشراء وجبات لطعامها وعلاجها.

مبادرات شخصية

موقع مدونة وطن "eSyria" لاحظ في الفترة الأخيرة انتشار هذه الظاهرة لبعض الأشخاص وهم يقومون بتقديم الطعام لعدد كبير من(القطط) سواء في حدائق منازلهم أو في بعض الدور المهجورة.

بالبداية أركز وأهتم أكثر بتربية وإطعام القطط الصغيرة وقبل الكبيرة لأنها تظلم عندما يوضع الطعام بشكل جماعي، فقد لا تستطع الصغار أن تنال شيئاً من الطعام أمام القطط الكبيرة، لذلك أحاول فصل الصغار عن الكبار، والأمر الآخر وهو الاهتمام بمعالجة القطط المريضة وإصاباتها من جراء حوادث السير والقفز فوق الجدران والأسطح، ويكون ذلك إما عن طريقي وحسب خبرتي ومعرفتي، أو من خلال العرض على طبيب بيطري عن طريق الاتصال بمبادرة "الرفق بالحيوان" لأجل تقديم كل أنواع المساعدة

يقول المهندس المتقاعد "محمد الحمو أبو يزن": « القطط حيوانات ذكية جداً ووادعة وأليفة وغير مزعجة ولاتؤذي أحداً، تفهم بسرعة وتعرف من يحبها ويهتم بها ويقدم لها الطعام والشراب والعلاج والدفء، لديها إحساس قوي وعلاقة خاصة بالبشر وتضع لهم علامات خاصة في مخيلتها عن أوصافهم وحركاتهم وخطواتهم وتحفظ حتى نبرات أصواتهم وتميزها عن باقي الأصوات الغريبة عليها، وزد على ذلك تحاول أن تتمسح بصاحبها كنوع من رد الجميل المقدم إليها.

اطعام جماعي للققط ضمن مبادرة الرفق للحيوان

ويضيف "الحمو" علاقتي بالاهتمام وإطعام أكثر من ثلاثين قطة بدأت من أيام الأزمة في عام 2012، من خلال قطة منزلنا التي ولدت بالحديقة.. كنا نقوم بتأمين الطعام للقطط الصغيرة والاعتناء بها، ومع هذا الاهتمام يوماً بعد يوم كان عدد زوارنا من القطط يزداد داخل الحديقة حتى قارب الثلاثين قطة، وحرصنا على تأمين وجبتي طعام لها يومياً رغم العبء المادي المكلف».

اهتمام بالعلاج

في منزل المهندس المتقاعد أخذت الزوجة "أم يزن" على عاتقها متابعة مهمة زوجها وبذات الاندفاع والحماسة وتقول: « محبتي لهذه الحيوانات كانت منذ صغري، فقد كان لدي قطة خاصة اهتم بطعامها ونظافتها وعلاجها وكانت تنتظرني كل يوم حين أنصرف من المدرسة وترافقني في باقي الأوقات حتى في سرير نومي، كانت ذكية جداً وتفهم علي عندما أطلب منها الدخول والخروج والطعام، وبذلك تكونت لدي الخبرة بالتعامل مع هذه الحيوانات الأليفة.. وفي حديقتنا تابعت تلك المهمة الإنسانية بغياب زوجي وانشغاله بعمله الخاص مع أكثر من أربعين قطة.. قبل سنوات كنا نؤمن لهم وجبتي طعام يومياً، ولكن حالياً ونتيجة الغلاء اقتصر الأمر على وجبة واحدة فقط من رؤوس الدجاج، والتي تصل قيمتها إلى أكثر من سبعة الآف ليرة ندخرها من مصروفنا الشخصي».

المهندس المتقاعد "ابو يزن" وعمل طوعي يومي لاطعام ثلاثين قطة يوميا".

أجر وثواب

صورة لقطط من عام 2017 وقد انعكست عليها آثار الازمة بفقدان الطعام.

وعن مواصفات هذه الحيوانات كما تعايشها "أم يزن" تضيف « بالبداية أركز وأهتم أكثر بتربية وإطعام القطط الصغيرة وقبل الكبيرة لأنها تظلم عندما يوضع الطعام بشكل جماعي، فقد لا تستطع الصغار أن تنال شيئاً من الطعام أمام القطط الكبيرة، لذلك أحاول فصل الصغار عن الكبار، والأمر الآخر وهو الاهتمام بمعالجة القطط المريضة وإصاباتها من جراء حوادث السير والقفز فوق الجدران والأسطح، ويكون ذلك إما عن طريقي وحسب خبرتي ومعرفتي، أو من خلال العرض على طبيب بيطري عن طريق الاتصال بمبادرة "الرفق بالحيوان" لأجل تقديم كل أنواع المساعدة».

وتختم "أم يزن" بالقول: «القطط حيوانات ذكية تعرف أولادي وصوت زمور سياراتنا وعندما نحضر ونأتي لهم بالطعام تهرع وتجتمع من حولنا بسرعة وتعرف موعد ساعة طعامهم، وهناك حالة لا أنساها عن إحدى القطط التي أصيبت بحادثة سيارة وكسرت رجلها فصعدت من الحديقة ووقفت أمام باب منزلي وهي تنتظرني كي أشاهد حالتها وأذهب بها للعلاج وهذا ما قمت به... عملي خالص لوجه الله، والشكر ايضاً لكل الطيبين الذين يمدون يد العون ويتكفلون بشراء وتقديم قيم الوجبات كنوع من الصدقة على هذه الحيوانات التي من حقها أن تحصل على غذائها».

مبادرات جماعية

ومقابل بعض الحالات الشخصية والفردية الخاصة التي يتبناها الأهالي بتربية ومعالجة والاعتناء بهذا النوع من الحيوانات (القطط)، تنبثق بعض المبادرات الطوعية لمجموعة من الصبايا والشباب وتفرغ ذاتها للتصدي لهذا النوع من العمل الخيري.

وعن ذلك تحدثت للمدونة رئيس جمعية "الرفق بالحيوان المرخصة أصولاً "ديالا غشيم" والتي تقول: « خلال فترة الأزمة الأخيرة التي مرت على مدينتنا "حلب"، تعرضت القطط فيها للمرض والضعف، بسبب عدم حصولها على كمية الغذاء الكافية، وبالاتفاق مع بعض زملائي المتطوعين قررنا الاستنفار وتشكيل فريق عمل طوعي مؤلف من خمسة وعشرين شاباً وشابة. وقسمنا بعضنا إلى عدة مجموعات ضمن أحياء المدينة، وأعلنا عن رقم هاتفي خاص نشرناه لأجل التواصل معنا وإبلاغنا عن أي حالة مرضية أو إسعافية للقطط والولادات لأجل تقديم المساعدة وتقديم والعلاج لتلك الحيوانات، وجوهر عملنا يبدأ من خلال إبلاغنا عن وجود قطة مريضة أو مصابة بحادثة ومباشرة نتعاون مع المتصل ونستلم الحالة ونعرضها على الطبيب البيطري الذي يعمل معنا بمبلغ رمزي بسيط جداً وأحياناً بالمجان، وبعد العلاج وتقديم الدواء أو حتى إجراء العمل الجراحي للإصابات والكسور نتابع المعالجة وفق تعليمات الطبيب ونعزل الحيوان المريض بمركزنا المخصص بضاحية "خان العسل"، وحسب المدة المطلوبة حتى الشفاء، ثم نتواصل مع أصحابه لاستلامه، وإن كان حيواناً شارداً نعيده للحي الذي وحدناه فيه.

ونحرص على تقديم وجبة طعام مشبعة لمئتي قط، وقد تتجاوز قيمة تلك الوجبة حالياً الثلاثين ألفاً ندفعها من جيبنا أو من خلال تبرع أهل الخير الذين يزورون مقرنا ويطلعون عليه ويمدون يد العون لنا لأجل أن لا يتوقف مشروع عملنا الخيري التطوعي».

شهادات بيطرية

تعد القطط حسب قول الطبيب البيطري "محمد كامل غنوم" «من فصيلة النمور الصيادة وهي حيوانات غير شرسة على الإطلاق، يوجد منها في "حلب" عدة أنواع وأصناف جميلة منتشرة منها "الشيرازي" الأبيض نسبة إلى مدينة "شيراز" الإيرانية، وقطط من سلالات تركية وإنكليزية وفرنسية ووطنية.. نقوم بالتعاون مع الأهالي ومبادرة الرفق بالحيوان بمعالجة أي حالة مرضية او طارئة تصل للعيادة وحتى إذا اضطر الأمر للذهاب خارج العيادة.. هناك إقبال على اقتناء هذا الحيوان ورعايته صحياً مع تقديم اللقاحات الدورية له في موعدها، وما أود قوله للأهالي ومقتني هذا الحيوان إنه لا يجوز أن تترك القطط على هواها إما أن تربى وتعيش في المنزل ولا يسمح لها بالخروج، أو تركها في الشارع ولا يسمح لها بدخول المنازل حتى لا تنقل الأمراض لأفراد العائلة ».

طاقة إيجابية

بدوره يقول الطبيب البيطري "أحمد الصالح": « كان لدينا مركز لإيواء وحماية وإطعام القطط الصغيرة مع مركز علاج داخل الحديقة العامة، استمر العمل فترة ثلاث سنوات، وتم إيقافه مؤقتاً لحين توفر دعم مادي أكبر يحقق الفائدة التي نرجوها من خلال الاعتناء بتلك الحيوانات، وأيضاً تم الإيقاف بسبب جائحة كورونا، القط حيوان لطيف وذكي ينشر الطاقة الإيجابية ويسحب الطاقة السلبية، وهو غير كسول وفي حال لم يجد من يقدم له الطعام يبحث كثيراً عن مصدر رزقه ولا ينام جائعاً، ولا توجد أي عوائق او مخاوف من اقتنائه عندما يكون له بطاقة صحية وملقح بشكل دوري ومنتظم».

تم إجراء اللقاءات والتصوير بتاريخ التاسع عشر من شهر حزيران لعام 2022 في أحياء "محطة بغداد" و"شارع فيصل".