تشرف قرية "طيرو" الساحلية بجانبها الغربي على إطلاله بحرية ساحرة مع غروب شمس كل يوم، تتجذر في تاريخ غارق بالقدم يعود لحوالي /800/ عام، شواهده منقوشة على رقم "المخالصة" و "البراعنة" الرملية، وتتربع جغرافياً على هضبتين صغيرتين ترتفعان حوالي /250/ متراً عن سطح البحر.

هذه القرية الصغيرة بحجمها، والكبيرة بتاريخها وموقعها، امتدت جغرافياً على مساحات واسعة من الأراضي الزراعية في القسم الشمالي من مدينة "بانياس"، والتي تحول جزء مهم منها لاحقاً لأراضٍ عقارية تشغلها الأبنية السكنية والتوسع العمراني بشكل عام.

لدينا مختلف الاختصاصات الجامعية، وكان التوجه نحو التعلم منذ القدم حيث وجدت مدرسة عبارة عن غرفتين صغيرتين بالخمسينيات، وكان يقصدها التلاميذ من مختلف القرى المحيطة، والمميز في هذا المجتمع القروي، التحرر الثقافي الذي أدى إلى عدم وجود أمية ثقافية في التعامل مع التطور الحاصل في مختلف المجالات، وكذلك الألفة والمحبة والتعاضد بين الأهالي وخاصة في حالات الوفاة، وندرة الخلافات الواصلة إلى المحاكم، والمهم في الأمر أن كلمة كبار السن لها وقعها الخاص وصداها

زراعية بامتياز

كانت "طيرو" أولى القرى في المدينة التي دخلتها البيوت المحمية في الزراعة، وذلك منذ السبعينيات، بحسب حديث الموظف المتقاعد "حبيب سودان" رئيس الجمعية الفلاحية لمدونة وطن eSyria الذي أكد أن الاستيطان البشري في موقع القرية قديم جداً ويعود لحوالي /800/ عام، مدونة على شواهد أضرحة أولياء صالحين موجودين ضمن قبتين حجريتين وسط القرية، تسميان "المخالصة" و"البراعنة".

الأستاذ حبيب سودان

يقول "سودان" إن بدايات الأعمال الزراعية في أراضي القرية، كانت عبر الزراعة في العراء على التربة مباشرة، ومن ثم الزراعة على القصب الذي يرفع المنتجات الزراعية عن التربة لحمايتها ونضارتها وتقليل نسبة أمراضها، وهذا جعلها ناجحة ومتميزة بفعل الاهتمام الدائم والبحث عن كل جديد على صعيد التطوير لها، حيث كانت منتجاتها مطلوبة في مختلف الأسواق، وهو الأمر الذي دفع لتطويرها، وإدخال الزراعات المحمية إليها عبر البيوت المحمية في سهلها الشاسع الواصل لحدود الشركة السورية لنقل النفط.

وتعدُّ "طيرو" من أوائل قرى المحافظة التي أدخلت الزراعات المحمية إلى عملها الزراعي المتنوع.

القرية من الجهة الغربية الجنوبية

سكن وعمل

الأستاذ سهيل علي

ويتابع: «أراضي القرية الزراعية واسعة جداً وقسمها الأوتوستراد الدولي ما بين "اللاذقية" و"طرطوس" إلى قسمين شرقي وغربي، وهذا دفع الكثير من الأهالي للانتقال بسكنهم من القرية التي ترتفع بهضبتيها الصغيرتين عن سطح البحر حوالي /250/ متراً وتبعد عن مركز مدينة "بانياس" حوالي ثلاثة كيلومترات، إلى السكن ضمن حيازاتهم الزراعية أينما كانت منتشرة، والبعض حول أجزاء منها إلى عقارات وتجمعات سكنية سكانها من كل حد وصوب، مواكباً التوسع العمراني في القسم الشمالي من مدينة "بانياس"، ورغم هذا لا يتجاوز العدد بالمجمل /3000/ نسمة».

ويؤكد "سودان" أن الحدود الجغرافية للقرية تتشارك من الجهة الغربية الجنوبية مع أحياء المدينة، بينما حدودها الشمالية فتجاورها قرية "المنزلة"، وحدودها الشرقية تجاورها قرية "فارش كعبية"، في حين أن الحدود الجنوبية الشرقية تجاورها قرية "بارمايا" والحدود الجنوبية تجاورها قرية "أوبين".

حركة ثقافية

تجاوزت الحركة الثقافية والتعليمية في قرية "طيرو" سمة القروية منذ الخمسينيات وأكثر بقليل، من خلال تعلم قواعد اللغة العربية وحفظ القرآن عند الخطيب، ومن ثم في المدرسة القديمة التي كانت جزءاً من دار "صالح عبد الله"، ما انعكس على ارتفاع نسبة التحصيل العلمي العالي وفقدان الأمية التعليمية والأمية الثقافية، وهنا يقول المدرس "سهيل": «لدينا مختلف الاختصاصات الجامعية، وكان التوجه نحو التعلم منذ القدم حيث وجدت مدرسة عبارة عن غرفتين صغيرتين بالخمسينيات، وكان يقصدها التلاميذ من مختلف القرى المحيطة، والمميز في هذا المجتمع القروي، التحرر الثقافي الذي أدى إلى عدم وجود أمية ثقافية في التعامل مع التطور الحاصل في مختلف المجالات، وكذلك الألفة والمحبة والتعاضد بين الأهالي وخاصة في حالات الوفاة، وندرة الخلافات الواصلة إلى المحاكم، والمهم في الأمر أن كلمة كبار السن لها وقعها الخاص وصداها».

مديرة مدرسة "طيرو" الحلقة الثانية "ديمة سودان" أكدت أن التوجه نحو التعليم قديم في القرية، وهناك تحدٍّ نحو التميز دوماً بين الطلاب، وهذا خلق حالات تفوق وشهادات علمية جامعية كثيرة جداً منذ القدم، حيث يعدُّ الأستاذ "كامل عبد الله" من أقدم المتعلمين الذين درسوا أبناء القرية التي ينقصها في الوقت الحالي ثانوية.