لم يكسرها حزنها على زوجها الذي استشهد في العام 2015، فما لبثت "رشا الشعار" أن استجمعت قواها لتقوم بواجب تربيتها لابنتها، فبدأت 2019 بمشتل صغير تزرع فيه بعض البذور وتبيع الشتول، وبمساعدة والد زوجها استطاعت أن تبدأ مشروعها المتمثل بمحمية للخضار المبكرة، وهو المشروع الذي بدأ بالإنتاج وباتت "رشا" بفضله أول امراة في مدينة "سلمية" تخوض غمار هذه التجربة.

البداية

ولدت "رشا الشعار" في "سلمية" عام 1984 وهي مهندسة زراعية تخرجت في عام 2009، وهي الآن تدرس ماجستير علوم تربة، بدأت عملها في مشتل صغير 200 متر مربع تزرع فيه البذور مثل المورينغا، واعتمدت على أصناف جديدة ومميزة مثل "الستيفيا" بديل السكر والأشجار القزمية وكل أنواع الفاكهة، عام 2019 وبعد انطلاقتها في المشتل انتقلت إلى مرحلة الإنتاج، فكانت المحمية لإنتاج الخضار المبكرة (بيت بلاستيكي).

تقول المهندسة الزراعية "رشا الشعار" في حديثها للمدونة: << بعد استشهاد زوجي كان لا بدّ لي أن أبحث عن عمل يساعدني على العيش الكريم أنا وابنتي، فكان مشروع المحمية لإنتاج الخضار المبكرة، ونجاح هذه التجربة في ريف المدينة شجعني لأقوم فيها في المدينة.. كان عمي "غالب العرنجي" والد زوجي الراحل داعماً وشريكاً لي في المشروع، فقدم لي قطعة أرض تبلغ مساحتها 700 متر مربع تحتوي على بئر مياه صالحة للشرب، ودعمني مالياً بقرض من شبكة "الأغا خان" قدره 3 ملايين ليرة، استطعت تأسيس هذا المشروع والانطلاق به>>.

غالب العرنجي

وتضيف: << قمنا بإنجاز المشروع بمستلزمات بسيطة مثل أقواس حديدية، غطاء نايلون، وشبكة تنقيط، من دون الملحقات من تدفئة ورطوبة ومن دون شبكة الرذاذ، بسبب تكلفتها العالية، وقمنا أنا وعمي بزراعة بذور الكوسا والخيار باستخدام سماد عضوي لتغذية التربة من دون أسمدة كيماوية، وبعد مضي 40 يوماً قمت بجني الخضار وكان الإنتاج وفيراً، فسوقته في سوق الهال، وللأقارب والجيران، حيث يمتد موسم جني الخضار لشهرين قادمين، وأما عن مشروعي القادم فهو زراعة البندورة لأصنع منه رب البندورة، وبذلك أنتقل لمرحلة التصنيع أيضاً >>.

سماد الكومبوست

وعن تجربتها في تحضير السماد العضوي (الكومبوست) وهو اختصاصها الدراسي تقول "الشعار" : << قمت بتحضير مكونات هذا السماد منذ سنتين ماضيتين، وقمت بتخميره واستخدامه للزراعة، فلدي تجربة سابقة بصناعة الكومبوست المنزلي، الذي يتكون من الفضلات النباتية مثل الأوراق اليابسة أو الخضراء والعشب وفضلات الطعام ونشارة الخشب وإضافة روث الحيوانات، والجرائد وبعد جمعها في وعاء تتحول إلى مواد بسيطة تلعب البكتيريا فيها دوراً مهماً في تحقيق هذا الأمر>>.

ياسمين التلاوي تشتري من خضار المهندسة رشا

رغم الصعوبات

المهندسة رشا الشعار مع عمها غالب العرنجي في المحمية

بدوره يقول "غالب العرنجي"1954 متقاعد وهو والد زوج المهندسة "رشا": << ساهمت بقطعة أرض لأساعد كنتي بعد استشهاد ابني في الـ2015 لتبدأ بمشروعها، وأقوم بقطاف الخضار وتسويقها لسوق الهال، وعلى الرغم من أن هذا المشروع بدأ وبإمكانات بسيطة إلا أن الإنتاج كان جيداً.. هناك معوقات مثل عدم توفر المازوت لتدفئة الشتول في الشتاء، وأجور النقل عالية التكلفة، ونحتاج للطاقة الشمسية لري الخضار>>.

المربية "ياسمين التلاوي" 1982 تحدثنا عن أسباب تسوقها من المهندسة "رشا" قائلةً: << أعرف المهندسة "رشا" منذ كانت في الجامعة وكانت نشيطة جداً، وبالرغم من استشهاد زوجها إلا أنها قاومت محنتها بقوة لتصارع الحياة وتكون قدوة لكثير من النساء، ففي عام 2019 بدأت بمشتل صغير تبيع فيه الشتول المميزة وكنت أشتري من عندها شتول الأشجار القزمية و"الستيفا" بديل السكر، تعجبني هذه المرأة فهي حريصة على انتقاء شتولها ولو كلفها ذلك السفر خارج المحافظة، وحتى أنها استقدمت بعض الأنواع من خارج القطر، وأما عن طعم الخضار فهو مميز ولذيذ جداً حتى أن رائحة الخيار تذكرني بخضرة أيام الأجداد.. أنتظر مشروعها القادم في زراعة البندورة وصناعة رب البندورة كونها صحية ومشغولة في البيت>>.

أجري هذا اللقاء في 4 حزيران 2022.