بعد أن كانت الزراعة حول المنازل تقتصر على الريف فقط، بدأ الكثير من سكان المدن الاتجاه نحو استثمار المساحات المحيطة بمنازلهم من خلال زراعتها بأصناف متنوعة من الخضار الموسمية، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل إن البعض ممن لا يمتلكون حدائق منزلية اتجهوا لاستثمار شرفات المنازل بوسائل مختلفة.

اكتفاء ذاتي

شكّل الارتفاع الكبير في أسعار السلع والمنتجات ولا سيما الغذائية منها، عبئاً كبيراً على شريحة واسعة من المستهلكين الذين بات همهم الشاغل تأمين متطلبات يومهم بأقل تكلفة ممكنة، فكان لا بدّ من التوجه نحو حلول تساهم في تخفيف الضغوط المادية التي فرضتها الحرب، فبدؤوا باستثمار أي مساحات من خلال زراعتها بمحصولات صيفية وشتوية وبعض أنواع الأشجار المثمرة، الأمر الذي ساهم بتحقيق الاكتفاء الذاتي لبعض الأسر، وتخفيف الضغوط المادية والنفسية ولو بشكل بسيط.

يساعد العمل في الزراعة على التخلص من الطاقة السلبية التي تفرضها الضغوط النفسية والاقتصادية، وتعطي شعوراً بالرضا، كما أنني أقوم بشكل دائم بنشر صور منتجات حديقتي عبر صفحتي الشخصية على موقع فيسبوك، في رسالة هدفها تشجيع الناس على هذا النوع المهم من الزراعة، وقد استطعت بشكل فعلي إقناع عدد كبير من زملائي في العمل بالقيام بذلك، فهي تعود بالفائدة المادية والجسدية، ولا تشغل الكثير من الوقت، ولا تؤثر في أعمالنا الوظيفية الأساسية، وما تحتاجه حقاً هو تنظيم الوقت

ويرى المدرس "إبراهيم إبراهيم" خلال حديثه لمدونة وطن أن الزراعة تمثل الاستقرار الغذائي، ويؤكد أن زراعة أي مساحة مهما كان حجمها لا بدّ أنها ستحقق نوعاً من الاكتفاء الذاتي، وتعود تجربته مع الزراعة المنزلية إلى ما يزيد على عشر سنوات، حيث يزرع في حديقة منزله في كل عام موسمين صيفي وشتوي، محققاً اكتفاءً ذاتياً، كما يخزن الفائض من الموسمين لاستهلاكه في فترات بين المواسم، ويقول: «يساعد العمل في الزراعة على التخلص من الطاقة السلبية التي تفرضها الضغوط النفسية والاقتصادية، وتعطي شعوراً بالرضا، كما أنني أقوم بشكل دائم بنشر صور منتجات حديقتي عبر صفحتي الشخصية على موقع فيسبوك، في رسالة هدفها تشجيع الناس على هذا النوع المهم من الزراعة، وقد استطعت بشكل فعلي إقناع عدد كبير من زملائي في العمل بالقيام بذلك، فهي تعود بالفائدة المادية والجسدية، ولا تشغل الكثير من الوقت، ولا تؤثر في أعمالنا الوظيفية الأساسية، وما تحتاجه حقاً هو تنظيم الوقت».

زراعات متنوعة

ثقافة الاستثمار

منتجات منزلية

من جانبها "عبير محمد" موظفة وربة منزل وأم لأربعة أطفال فقدوا والدهم منذ عدة سنوات، بدأت محاولة الاستفادة من مساحة صغيرة تجاور منزلها من خلال زراعتها بعدة أنواع من المحصولات الصيفية كالخيار والكوسا والباذنجان والفاصولياء والبامياء، والشتوية كالسلق والخس والبصل الأخضر والهندباء والملفوف، وترى "محمد" أن المساحة المزروعة قد تكون صغيرة وقد يكون إنتاجها بسيطاً، لكنها تساهم في توفير جانب من المصروف المخصص لكل أسبوع، فالأسعار في المحال التجارية مرتفعة جداً، لذلك كان لا بدّ من التفكير بالزراعة المنزلية كجزء من الحل».

وتضيف: «عندما بدأت باستثمار الحديقة سمعت بعض الانتقادات من قبل الجيران، وعند رؤية النتائج بدأ العديد منهم باستثمار المساحات المجاورة لمنازلهم أو في الساحات المقابلة للأبنية السكنية، كما أنني أشعر اليوم من خلال عملي وإنتاجي البسيط أنني قدمت درساً مهماً لأطفالي تعلموا من خلاله ثقافة الاستثمار والإنتاج وكيفية التفكير وإيجاد الحلول تحت أي ظرف أو ضغط، وقد بدؤوا بتطبيق ما تعلموه مني من خلال قيامهم بإحضار صناديق "الفلين" وزراعتها بأصناف متنوعة من الزعتر كذلك النعناع والفليفلة والثوم».

فاكهة منزلية

أما سهيلة خليل التي تواصلت معها مدونة وطن فقالت: «لا أملك بجوار منزلي مساحة كافية للزراعة، لكنني قمت باستثمار فعلي لها من خلال زراعتها بعدة أنواع من أشجار الفاكهة "القزمية" منها الليمون الإسباني والحامض والدراق، وفي جانب منها توجد شجرة تين نستفيد من ثمارها في صنع مؤونة المربى، وفي الجانب المقابل شجرة كرمة نخزن أوراقها من خلال حفظها بعدة طرق لطهوها شتاءً، كذلك بفضلها لا حاجة لنا بشراء العنب الذي أصبح سعره مرتفعاً جداً حاله كحال الأنواع الأخرى من الفاكهة الموسمية، وفي هذا العام قمنا بزراعة مادة البطاطا في أكياس ضمن الحديقة الصغيرة وكانت تجربة ناجحة جداً».

يذكر أن اللقاءات أجريت بتاريخ 11 و 13 أيار 2022.