لا ينحصر الفعل الإنساني في فئة عمرية دون غيرها فحتى الأطفال قادرون على العطاء عندما يتعلق الأمر بالواجب الإنساني، وخير دليل على ذلك المبادرة التي قام بها تلاميذ عدد من المدارس والروضات في "السويداء"، حيث قدموا من خلالها مصروفهم اليومي لمرضى السرطان، لتشمل المبادرة سبع مدارس في مراحل التعليم الأساسي وروضات أطفال، وهي مبادرة تعدُّ الأولى من نوعها في تاريخ جمعية أصدقاء مرضى السرطان منذ تأسيسها عام 2007 كمبادرة أهلية.

حس المسؤولية

عمل ناشطو المجتمع الأهلي على نشر ثقافة المبادرات الخيرية بين أفراد المجتمع وخاصة فيما يتعلق بمساعدة مرضى السرطان، الأمر الذي ولّد عند تلاميذ وطلاب المدارس والروضات أيضاً القيام بتنفيذ مبادرات تعبر عن المسؤولية الطفولية لدى جيل لمس معاناة المرضى، الحديث كان لأحد المدرسين في مدارس مدينة "شهبا" وهو "منير الطويل" عضو مجلس إدارة جمعية أصدقاء مرضى السرطان وأوضح لمدوّنة وطن eSyria وبتاريخ 10 نيسان 2022 أن أكثر من سبع مدارس تمت زيارتها بناء على رغبة الطلاب، بحيث لم تنحصر تلك المدارس في مكان واحد بل في أكثر من مكان على ساحة المحافظة، وبحضور بعض من أعضاء مجلس إدارة جمعية أصدقاء مرضى السرطان في المدارس، والوقوف على أسئلة الطلاب وإجراء حوار معهم، فكانت المبادرة عبارة عن ردة فعل إنساني وأخلاقي من عدة مدارس هي ابتدائية "بشير شعبان، وإعدادية "محمود غسان عبيد"، وفي قرية "مجادل" إعدادية "تامر حيدر" وابتدائية "حسام عماشة"، فقد أرادوا المساهمة، ولعل هذه المبادرة من قبل الطلاب جاءت تحفيزاً إضافياً ورديفاً لعمل لجنة جمعية أصدقاء مرضى السرطان بإيصال فكرة وثقافة الكشف المبكر عن السرطان، الذي أثبت العلم والطب الحديث أن إمكانية علاجه أنجع وأسرع في حال كشفه مبكراً.

مبادرة الروضات

الممرضة "سوسن أبو صعب" الناشطة بالأعمال الخيرية في الهلال الأحمر وجمعية أصدقاء مرضى السرطان من أهالي قرية "الرحا"، أوضحت أن هناك مجموعة من المدارس قامت بمبادرة مهمة تنوعت بين أربع مدارس ابتدائية وهي مدرسة الشهيد "مروان أبو صعب، ومدرسة الشهيد "ثائر الأعوج"، ومدرسة الشهيد "محمود الحلبي"، ومدرسة الشهيد "نايف كنعان"، أما الروضات فتجاوزت الست روضات وهي روضة "نور الشمس، والريم، وقوس قزح، ونجوم المستقبل، وشمس الطفولة، ولحن الحياة"، وكانت هذه المبادرة تعبيراً عن فرح الأطفال بالمساهمة في تقديم مصروفهم لمرضى السرطان، وبناء على طلب الأطفال والطلاب في عدم ذكر القيم المالية المقدمة، ومن ثم تقديمها لمستحقيها".

الطفلة ميس الحسين

سلوك فطري

منير الطويل ود. عدنان مقلد وحصالات الطلاب

يقول الدكتور "عدنان مقلد" رئيس جمعية أصدقاء مرضى السرطان: "قمت بزيارة العديد من قرى "السويداء" حيث تجاوز عدد المحاضرات بين المجتمع الأهلي والمدارس والمؤسسات أكثر من 500 محاضرة، ولكن المفاجأة الكبرى كانت عندما دعيت إلى مدينة "شهبا" وقرى "مفعلة، ورامي والرحا والكفر، مجادل، عتيل، صميد"، بغية استلام تبرعات الأطفال في الصفوف الأولى والروضات وطلاب المدارس الإعدادية، شعرت أن هذا الجيل حقاً هو الأمل لأن براءته واندفاعه الأخلاقي والخيري كانا فطريين ونابعين من مشاعرهم وقيمة ثقافتهم وحسهم في المحافظة على عاداتهم وتقاليدهم الإنسانية، الأمر الذي حفز العديد من المدارس لتساهم في المبادرة ومساعدة مريض السرطان الذي يعاني من ألم الجسد والحاجة المادية في توفير الأدوية التي باتت تشكل عبئاً كبيراً، والأهم شعورهم بالفرح حينما لمسوا كيف وصلت مساهماتهم إلى مستحقيها بزيارة بعض المرضى، علماً أن جمعية أصدقاء مرضى السرطان تقدم مساعدات بنسب تتراوح بين 30-40 بالمئة من قيمة الفواتير المالية لشراء الأدوية وفق توفر السيولة والتبرعات، لأن عدد المرضى قد زاد على 9500 مريض وفق إحصائيات وزارة الصحة، والتي وضعت "السويداء" في المرتبة الأولى في الإصابة بمرض السرطان بحيث يتراوح عدد الإصابات بين 850-900 مريض جديد سنوياً، وتكلفة معالجة المريض الواحد باهظة جداً تتجاوز 50 مليون ليرة سورية في ظل ارتفاع الأدوية والجرعات، ولهذا جاءت مبادرة الطلاب لتضاف إلى غيرها من المبادرات الخيرية والتبرعات الإنسانية.

طالبة تضع مصروفها في الحصالة