تنتشر عشرات الغابات حول مدينة "اللاذقية" وريفها لتشكل ما يشبه سلاسل خضراء تعانق جبالها وتزين جيدها ناثرة الهواء العليل، وتحظى المحافظة بالمناخ المعتدل صيفاً الناتج عن تنوع نباتي يشكل لوحة طبيعية وبيئية تميز ريف المحافظة الذي تأثر بالسنوات الماضية بحرائق أتت على الكثير من تلك الغابات ليتحول خضار بعض الجبال إلى أراضٍ جرداء.

في القائمة

مدوّنة وطن التقت المهندس "سامر عبدو" نائب رئيس دائرة الحراج بمديرية زراعة اللاذقية الذي يقول: «تشكل غابات "اللاذقية" ما نسبته 37% من المساحة الكلية للغابات في "سورية"لتصل إلى 85000 هكتار من أصل 240650 هكتاراً، وتتنشر الغابات في الجبال التي تحيط بالمدينة من جهات الشرق والجنوب والشمال في ست شعب حراجية هي "الحفة، القرداحة، جبلة، قسطل معاف، ربيعة، عين عيدو"، ولدينا في "اللاذقية" نوعان من الغابات، النوع الأول هو الغابات الطبيعية الصنوبرية من نوع "الصنوبر البروتي" وهو السائد وتقدر مساحتها بحوالي 50000 هكتار، وتترافق معها أنواع كثيرة من النباتات والشجيرات العريضة الأوراق ومنها "القطلب، البقص، الاصطرك، الزمزريق" ومن النباتات "العجرم، القريضة، الجربان، الريحان".

المحميات هي بالأصل غابات طبيعية وتم تحويلها إلى محميات للحفاظ على الحياة البرية والبيئية فيها، ومنها محمية "الشوح والأرز" مساحتها 1350 هكتاراً وتاريخ الإنشاء عام 1996، وترتفع عن سطح البحر ما بين 900 إلى 1560م، وتمتاز بغناها بالثروة الحيوانية والحفاظ على البيئة، وفيها 142 نوعاً نباتياً منها 53 خشبياً و89 أعشاباً وحشائش، والمحمية تعج بالحيوانات ومنها الغزلان والأرانب البرية والثعالب والزواحف والهدهد

ويضيف: "أما النوع الثاني فهو الغابات العريضة الأوراق وتقدر مساحتها بحوالي 35000 هكتار وفيها أشجار السنديان، العذر، الكينا، الخرنوب، الغار، الزود" إضافة لغابات الأرز والشوح ومواقع التحريج الاصطناعي، وتنتشر هذه الغابات في مناطق "جبلة، القرداحة، الحفة" وهي أقل عرضة لخطر الحرائق من الغابات الصنوبرية التي تحتوي على زيوت راتنجية».

سحر الطبيعة

ست شعب للحراج

تناغم طبيعي

ويشير "عبدو" إلى وجود ست شعب حراجية في "اللاذقية" وهي شعبة حراج "القرداحة" ومساحة الحراج فيها 15735 هكتاراً، موزعة بين غابات صنوبرية وغابات عريضات الأوراق، وطبيعة تضاريس منطقة القرداحة قاسية جداً كون معظمها جبال شاهقة وسفوح ووديان ما يعيق عمليات إخماد النيران، أما شعبة "جبلة" ومساحة الحراج فيها 12581 هكتاراً، فمعظمها من الأشجار العريضة الأوراق ونعاني من قساوة تضاريسها عند عملية إخماد الحرائق».

بينما شعبة "الحفة" ومساحة الحراج فيها 8216 هكتاراً، ومعظم غاباتها من عريضات الأوراق وتشكل 70% من مساحة الشعبة، وشعبة "قسطل معاف" ومساحة الحراج فيها 18868 هكتاراً معظمها غابات صنوبرية أكثر عرضة وانتشاراً للحرائق، وشعبة "ربيعة" تبلغ مساحة الحراج فيها 18205 هكتارات، ومعظم غاباتها صنوبرية، وشعبة "عين عيدو" المساحة الحراجية فيها 18726 هكتاراً معظم غاباتها من الأشجار الصنوبرية وعريضات الأوراق.

نهر وجبل ومناظر تشجع على الاستثمار

وحول الغابات التي تنتشر في جبال "اللاذقية" يقول عبدو : «تتوزع عشرات الغابات في الشعب الحراجية الست ومنها "حرف المسيترة، القرندح، مركية، بسين، بكراما، مقليسية، المعلقة، اللواء الجبلي، البودي، بشيلي، التناخا، جوب ياشوط، وادي جميل، الحمي، الشيخ حسن، جبل النسر، القرعينية، بلوران، جبل القوز، السكرية، الطارقية، الجبل الشمالي، السفكون، عين عيدو، بستا، الشردوب، الستربة" وقد تعرضت هذه الغابات عبر السنوات الماضية لعدة حرائق أتت على مساحات كبيرة، ففي عام 2020 أحصينا 114 حريقاً، والمساحة المحروقة بلغت 5935،8177 هكتاراً وقمنا بالعام نفسه بخطة تحريج لحوالي 1050 هكتاراً تمت زراعة 618161 غرسة فيها».

محميات طبيعية

بدورها تحدثت المهندسة "هزار كردي" رئيس شعبة التنوع الحيوي عن المحميات الطبيعية في "اللاذقية" قائلةً: «المحميات هي بالأصل غابات طبيعية وتم تحويلها إلى محميات للحفاظ على الحياة البرية والبيئية فيها، ومنها محمية "الشوح والأرز" مساحتها 1350 هكتاراً وتاريخ الإنشاء عام 1996، وترتفع عن سطح البحر ما بين 900 إلى 1560م، وتمتاز بغناها بالثروة الحيوانية والحفاظ على البيئة، وفيها 142 نوعاً نباتياً منها 53 خشبياً و89 أعشاباً وحشائش، والمحمية تعج بالحيوانات ومنها الغزلان والأرانب البرية والثعالب والزواحف والهدهد».

محمية الفرنلق أنشئت عام 1996 ومساحتها 5360 م، تبعد عن "اللاذقية" مسافة 47 كم، وترتفع عن سطح البحر من 175 – 850 متراً، ونوعية الأشجار هي "الصنوبر البروتي، الدلب الشرقي، سنديان عادي، القطلب، والبطم الفلسطيني، الإجاص البري، وتنتشر بالمحمية حيوانات الغزلان ونقار الخشب والضباع".

أما محمية "أم الطيور" مساحتها 1000 هكتار تبعد عن "اللاذقية" 30كم، وطول شاطئها 12كم وفيها صنوبريات "ثمري، كناري، بروتي" وأشجار الكينا والأكاسيا والسنديان والخرنوب والعجرم والريحان والغار ومن الحيوانات الذئاب والغزلان والأرانب البرية ومختلف أنواع الطيور.

محمية "البسيط" مساحتها 3000 هكتار فيها أنواع عديدة من الطيور والحيوانات إضافة لأشجار السنديان والصنوبريات، محمية "سولاس" مساحتها 3500 هكتار وفيها أشجار الصنوبر والسنديان والكينا إضافة للثروة الحيوانية».

تضاريس ومخاطر

معظم غابات "اللاذقية" توجد في مناطق جبلية ذات درجات ميل كبيرة ما يساهم بسرعة انتشار النار فيها، ومن المصاعب التي تواجه إخمادها صعوبة شق خطوط النار فيها، وإمكانية حدوث حرائق واردة لاعتبارات عديدة منها الكثافة السكانية ببعض المناطق القريبة من الغابات ومحاولة بعض المزارعين التخلص من الأعشاب اليابسة بحرقها بدل دفنها بالتراب وتشير إحصائيات إلى خطورة الحرائق التي تأتي على آلاف الهكتارات سنوياً وتعود أسبابها إلى "الإهمال، التفحيم، تحريق زراعي، الكهرباء، أسباب مجهولة، صواعق، أعمال إرهابية"، وينتج عن الحرائق آثار سلبية منها زيادة غاز ثاني أوكسيد الكربون، وخسارة كبيرة في الثروة الغابية "أشجار وحيوانات"، وانجراف التربة وتراجع التنوع الحيوي والتأثير سلباً على السياحة.

تشاركية وتوعية

تسعى مديرية الزراعة في اللاذقية بالتعاون مع جهات ومؤسسات تربوية وثقافية ودينية واجتماعية، لتوجيه الرأي العام للحفاظ على الغابات والعمل على الحد من قطع الأشجار سواء لاستخدامات شخصية بقصد التدفئة أو للمتاجرة بها، إضافة للحفاظ على الواقع البيئي بشكل يضمن سلامة الغابات من الحرائق نتيجة عدم وعي البعض من المخاطر التي قد يسببها بإشعال النار والتشجيع على التشجير الذاتي خاصة في الجبال التي تعرضت للحريق، وعلى مديرية الزراعة العمل على تخصيص أماكن للشوي بعيدة عن الأشجار.

وتحظى غاباتنا بجمالية وسحر خاص، ويدرك الزائر لها مدى أهميتها فيما لو استثمرت بشكل صحيح والكثير من غاباتنا تمتاز بجمالية تداخل الأشجار وتنوعها إضافة إلى معانقة الغابات للأنهار لتشكل إطلالة سياحية تعود بالفائدة على الوطن والمواطن من خلال تعزيز الاستثمارات وإعادة تفعيل السياحة الداخلية.