لم يكن ثمة ما يؤرق الراحلة "نهاد شبوع" أكثر من الكيفية التي يمكن فيها جذب الشباب المغترب من أنحاء العالم للقدوم إلى الوطن، ليتعرفوا على تاريخ بلادهم وأوابدها الأثرية، فزرعت بذرة تأسيس رابطة "أصدقاء المغتربين"، لتكون لها البصمة الأدبية والإنسانية الراقية، والقلم الذي يغرد في سماء الاغتراب من خلال مجلة "السنونو".

خدمة للمغتربين

مدوّنةُ وطن "eSyria" تواصلت مع ابنة أخ الراحلة "مايا شبوع"، لتحدثنا عن مسيرة الراحلة فقالت: «ولدت الراحلة في "حمص"، ودرست في مدارسها "الأرثوذكسية" حتى الثانوية، لتلتحق بجامعة "دمشق"، جمعت بين الدراسة والتدريس، إلى أن تخرجت من الجامعة حاملة إجازة في اللغة العربية وآدابها، عملت في تدريس اللغة العربية في ثانويات "حمص"، وتسلمت إدارة عدد من مدارسها الثانوية».

استطاعت الراحلة "نهاد" بنشاطها وتضحياتها وتفانيها في خدمة فكرة الرابطة، أن تبني بيتاً للمغترب في مدينة "حمص"، تستقبل فيه كل مغترب يزور الوطن كرمز للبيت الأهلي الأول الذي دَرَس أو غيرته الأيام

وتضيف: «كان للراحلة "نهاد" نفحات أدبية نشرت في عدد كبير من المجلات والصحف السورية والعربية والمهجرية، ولها عدد من الدراسات المطبوعة في كتيّبات منها "الطبيعة في شعر إيليا أبو ماضي"، وأطروحتها التي خولتها التخرج "ثورة الشكل في شعر بدر شاكر السيّاب"، ودراسة لكتاب "الشعلة لنظير زيتون"، و"أدب المهجر"، و"رسائل إلى الأدباء" إلخ..

"مايا شبوع" ابنة أخ الراحلة

انصرفتْ لعدة سنوات لخدمة المغتربين العرب، وقد أسست لهم (رابطة) هي: رابطة "أصدقاء المغتربين" في مدينة "حمص"، تضم ما ينوف على 125 متطوّعاً، بينهم نخبة من مثقفي المدينة، يتفانون معها في خدمة أهداف الرابطة في استقطاب الأجيال المنحدرة من أصل عربي في المهجر، واعتبار المهجر امتداداً للوطن الأم».

تقول "مايا": «استطاعت الراحلة "نهاد" بنشاطها وتضحياتها وتفانيها في خدمة فكرة الرابطة، أن تبني بيتاً للمغترب في مدينة "حمص"، تستقبل فيه كل مغترب يزور الوطن كرمز للبيت الأهلي الأول الذي دَرَس أو غيرته الأيام».

صديقة الراحلة إلهام نسيم

حفاوة وتكريم

رئيس الرابطة "بشار خزام" وإلهام نسيم

كان للراحلة صفحة أسبوعية في جريدة "حمص"، خصصتها للخوض في موضوع "الاغتراب"، ذلك المفصل المهم في حياة الأمم، وبثّت المغتربين فيها أشواق المقيمين ولهفتهم للالتقاء.

تقول "مايا": «نالت العديد من شهادات التقدير والشكر من الجاليات العربية في الخارج ومن يمثّلها، ومن حكومات بلدان الاغتراب، أهمّها: المرسوم الجمهوري، الصادر عن رئيس الجمهورية "البرازيلية" القاضي بمنحها "وسام ريو برانكو" من رتبة فارس بتاريخ "31 أيار من عام 2002"، قلّدها الوسام السفير "اوزمار شحفة" أمين عام وزارة الخارجية "البرازيلية" في "1 تشرين الأول 2002"،وتم تكريمها في غرفة التجارة من بين النساء المميزات في "1 تشرين الأول 2006" في يوم المرأة العالمي.

وآخر إنجازات نشاطها الذي لا يتعب " السنونو"، وهي مجلة تصدر بالعربية مع بعض الترجمات إلى لغات أخرى، وتهدف إلى مد جسور التواصل المبدع ثقافياً وحضارياً بين الوطن المقيم والوطن المغترب، وتحاول تجديد نطاق الخطاب وتوسيعه، ليشمل المغتربين بأجيالهم المتعاقبة».

بذور الفكرة

مدرسة اللغة الفرنسية وصديقة الراحلة "إلهام نسيم"، تقول: «سافرت الراحلة إلى "أمريكا الجنوبية" عام 1970 "البرازيل" و"الأرجنتين"، و"تشيلي"، فالتقت مع "رامز شقرا"، ليطلب منها زرع بذرة، تجذب من خلالها الشباب السوري المغترب، من الذين ولدوا في المغترب، ولا يشعرون بالانتماء للوطن، ولا يعرفون شيئاً عن جذورهم وأصولهم، بعكس الكبار في السن الذي ما يزالون متمسكين بجذورهم، عملت عند عودتها على تأسيس رابطة "أصدقاء المغتربين"، ونظامها الداخلي، وكان دور الرابطة تعريف المهاجر القادم إلى "سورية"، بأوابد البلد وحضارته، زرعت "نهاد" بذور الفكرة وعملنا معاً لاحقاً، فكنا مجموعة من الأكاديميين الجامعيين فكان المستوى الثقافي للأعضاء عالياً، وقد كنت أحد المؤسسين، تميزت "نهاد" بإدارتها القوية، وتصميمها على تحقيق أهدافها، فكنا نجتمع في منازلنا أو نتنقل من مكان لآخر كالنوادي، قررنا أن نتخذ مقراً دائماً للجمعية، فتواصلنا مع المغتربين، وطرحنا الفكرة، ليكون "بيت المغترب"، منزلاً لكل مغترب قادم للوطن، وقد برعت في كتابة النثر، ثم أنشأت الراحلة مجلة "السنونو"، وهي مجلة دورية شهرية، كتبت فيها باللغة العربية والإنكليزية و(التشيلاني)، فكانت المجلة تصل حتى "أستراليا"، وللعديد من أنحاء العالم، فكرّمها النادي "الحمصي" و"عصمت الأدب العربي"، وتعرفت على شعراء المهجر جميعاً، من أهم الشخصيات التي زارت "بيت المغترب" بسبب علاقاتها السفير "البرازيلي"، فكانت لا تترد باصطحاب الوافدين من الخارج بجولات لتعريفهم على المناطق الأثرية والسياحية في "سورية"».

دور فاعل

بدوره يشير "بشار خزام" رئيس رابطة "أصدقاء المغتربين"، وصديق الراحلة، إلى شخصيتها المتميزة، باستقطاب العديد من الشخصيات المهمة، وأضاف: «كان "لنهاد" دور فاعل في عملية جذب أعداد كبيرة من المهاجرين في المغترب، فكانت منبع الحب والحنان والدفء الأسري للمغتربين، وكانت "نهاد" تعمل بتوجيهات الدكتورة "بثينة شعبان"، وقد أسست الرابطة عام 1975 بشكل رسمي، ولكن الفكرة كانت قبل ذلك منذ عام النكسة 1967، حيث كثر عدد المهاجرين، فتنبهت وتبنت الفكرة بضرورة القيام بعمل ما، وقد كنت أرافق والدتي لحضور الاجتماعات، حيث كنا نحضر في منازل الأعضاء».

المادة أنجزت بتاريخ 1 نيسان 2022