تفاقم أزمة المواصلات وارتفاع أجور النقل، دفعت الكثيرين في ريف محافظة "طرطوس" لإطلاق مبادرات للتغلب على المشكلة، والحد ما أمكن من تأثيراتها المادية التي باتت مرهقة، هذا إضافة إلى الوقت الطويل الذي يمضي بانتظار وسيلة نقل عامة، وكثيراً ما يذهب هذا الوقت سدى مع قلة وسائط النقل العاملة على الخطوط.

"وصّلني على طريقك"

من مزايا الريف الإيجابية أن معظم الناس يعرفون بعضهم بعضاً، وأمام هذا الوضع وجدت مبادرة "وصلني على طريقك" صدى واسعاً في كثير من المناطق حيث شجعها الأهالي داعين إلى تعميمها.

الدراجة حل نفسي قبل أن يكون مادياً، و نشجع دوما أي مبادرة خدمية لدعم مجتمعنا في شتى المجالات

تخرج "ريم" وهي طالبة في الثانوية العامة من منزلها في الساعة السادسة والنصف صباحاً إلى المدرسة الموجودة في القرية المجاورة، وكثيراً ما كانت تقف طويلاً بانتظار الباص الذي يتأخر غالباً، ليمرّ بالصدفة من جوارها أحد أبناء قريتها بسيارته الخاصة، فيقلّها هي وبعض الركّاب من دون مقابل، ما يوفر عليها الوقت والمال، فأجرة الباص كما تقول كانت سابقاً 200 ليرة واليوم أصبحت 500 ليرة ، وأحيانا تضطر إلى ركوب سيارة "البيك آب" التي تقل العمال وبعض بائعات الخضار.

الإقبال الكبير على استخدام الدراجات

تجاوب وترحيب

كراج طرطوس

مبادرة "وصلني على طريقك" وجدت تجاوباً من قبل كثير من أصحاب السيارات الخاصة، ومنهم "أبو جورج" فقد عبّر في صفحته على الفيسبوك عن استعداده لنقل 4 أشخاص في سيارته الخاصة، عند خروجه يومياً باتجاه مكتبه العقاري في الساعة 8.30 صباحاً.

ورحب آخرون بالمبادرة على طريقتهم، كما فعل "هادي جلاد" الذي يسافر يومياً من "صافيتا" إلى "طرطوس" باتجاه محله في الكراج القديم، حيث قام بنشر رقم جوّاله وصورة لسيارته، وذلك لزيادة الاطمئنان خاصة للموظفات أو الطالبات ممن يردن الركوب معه.

الازدحام على طريق صافيتا طرطوس

"لسا الدنيا بخير" عبارة تسمعها كثيراً عند الحديث عن موضوع المبادرات تحت مظلة الإنسانية، قالتها "أم باسل" التي رحبت بالإقبال الكبير على مبادرات إيصال الناس مجاناً، في ظل الظروف الصعبة على الجميع.

"على البسكليت يلا"

"بدك تكون راضي خليك رياضي"، عبارة طبعت على قمصان فريق دراجات "طرطوس" في مبادرتهم للتشجيع على ركوب الدراجة واعتمادها وسيلة نقل للتخفيف من استهلاك المحروقات وتوفير الوقت والازدحام .

يؤكد الدرّاج "رامي الخطيب" مدير فريق دراجات "طرطوس" "لمدوّنة وطن"، أن أزمة النقل تحولت إلى حافز استدعى تعميم فكرة استعمال الدراجة الهوائية، هي بالتأكيد ليست حلّاً جذرياً، لكنها تخفف نوعاً ما من حدة الأزمة، ويشير إلى امتلاكه لـ60 دراجة هوائية ما بين تدريبية واحترافية، ونشره للعديد من المنشورات أعلن فيها عن تقديم خدماته المجانية في تعلم ركوب الدراجة، و إعارته الدراجات لمن يريد.

و ينوه "الخطيب" إلى تحول الدراجات من رياضة وترفيه إلى تخديم، حيث لاقت استحساناً جيداً من الأعمار كافة، واستحوذت هذه الفكرة حتى على الفئة العمرية الأكبر ممن هم في سن 60 وما فوق ، لتحل الدراجة الهوائية معضلة الازدحام والارتفاع الخيالي لأسعار النقل الجديدة، بالإضافة إلى فوائدها الصحية والنفسية والبيئية على حد تعبيره.

ومن وجهة نظره يعتقد "الخطيب" أنّ العائق الرئيسي الذي يمنع أو بالأحرى يحرج البعض من ركوب الدراجة، هو الخجل أو تكرار عبارة "كبرنا على هالشي"، ليتحمل البعض ذل المواصلات تحت لعنة (العيب).

بديل سهل

تقول الشابة "سمر" في حديثها "لمدوّنة وطن": «الدراجة حل نفسي قبل أن يكون مادياً، و نشجع دوما أي مبادرة خدمية لدعم مجتمعنا في شتى المجالات».

بدوره "حاتم عاصي"، يعدُّ الدراجة الهوائية حلاً ووسيلة لتنظيم الوقت والمال و"الأعصاب"، ويشجع الجميع على اقتنائها.

أما" رائد" الذي يدرس في السنة الأخيرة - كلية الاقتصاد في جامعة "طرطوس" ويعمل بالوقت نفسه محاسباً في أحد المطاعم، يقول: «إن استعمال الدراجة الهوائية أو الكهربائية هو الحل الأمثل للحد من ارتفاع أجور النقل والازدحام»، وعبّر عن امتنانه للدراجة التي عدّها بديلاً سهلاً، ووسيلة لتوفير المال خاصة أنه أب لطفل ولديه الكثير من الالتزامات المالية، ومؤخراً اشترى البعض من أقربائه الدراجات للغاية نفسها، ويشجع بشدة على اقتنائها.