جمعت على مدار سنواتٍ طوالٍ كمَّاً لا بأس به من المعلومات والمهارات لرفد شغفها في لعبة "كرة القدم"، ما ساعدها على دخول ميدان الإعلام الرياضيِّ وإثبات ذاتها كمراسلةٍ رياضيةٍ وبأسلوبها الخاص.

بدأت "براءة يوسف" حكاية الشغف بالرياضة أولاً، من خلال ولعها بلعبة كرة القدم التي كان زملاؤها في المدرسة والحيِّ يمارسونها بحماس وسعادة، وهي لعبة كانت وما زالت كما تقول حكراً على الصبية.

سببان مشجعان في متابعة تحصيلي الجامعيِّ وخصوصاً في مجال الإعلام

بداية الشغف..

تقول "براءة" أثناء حديثها لموقع مدوّنة وطن "eSyria": «العادات الاجتماعية السائدة ساهمت بشكلٍ أكبر في زرع الشغف بهذه اللعبة تحديداً، ومتابعة أخبارها عن طريق والدي الذي كان مهتمَّاً بها، والذي ساهم من دون درايةٍ منه في تزويدي بكمٍّ لا بأس به من المعلومات الرياضية، من خلال استماعي له متحدِّثاً عن ذكرياتٍ تتعلَّق بأهم المباريات العالمية والأهداف التي سُجِّلت فيها، ومن هم أصحابها، وكان لأخي الكبير دورٌ في مساعدتي على توسيع مخزوني المعرفي أيضاً، من خلال مشاهدة المقاطع المصوَّرة على هاتفه الجوَّال للاعبه المفضَّل، حدث ذلك خلال مرحلة التعليم الأساسي تحديداً، لكنَّ الاهتمام والشغف ازدادا خلال دراستي الثانوية».

أثناء إجرائها لقاءات صحفية رياضية

تعزيز القدرات..

من أحد نشاطاتها كمراسلة رياضية

حصلت "براءة يوسف" على الشهادة الثانوية العامة عام 2014 بفرعها الأدبيِّ، نشاطها الملحوظ من معلميها وتميُّزها بمادة "اللغة العربية" -على وجه الخصوص التعبير الأدبيُّ- كانا «سببان مشجعان في متابعة تحصيلي الجامعيِّ وخصوصاً في مجال الإعلام»، بحسب ما جاء على لسانها وتضيف قائلةً: «مجموع درجاتي آنذاك لم يؤهلني لتحقيق ذلك الحلم، ورغم دراستي لتخصص بعيدٍ عن الإعلام، إلاَّ أن متابعتي للعبة "كرة القدم" وزيادة مخزون معلوماتي عنها ازدادا على نحو أوسع من خلال النقاشات التي كانت تجري مع زملائي في الجامعة ومتابعة أخبارها والجديد فيها من خلال وسائل الإعلام المرئية والمسموعة ومن خلال "الإنترنت"، متطلبات الدراسة من وقتٍ وجهدٍ إلى جانب العمل الخاص من أجل تأمين مصروف معيشتي ودراستي ومساعدة عائلتي، كل ما سبق لم يمنع متابعتي تلك». .

وتتابع بالقول: «أصبحتُ مهتمَّةً بأداء المعلِّقين الرياضيين والمراسلين على أهم القنوات الرياضية، وبدأت محاولاتي الأولى في كتابة التقارير الإخبارية وتسجيلها بطريقة صوتية، من باب التقليد أولاً، ومن ثمَّ بأسلوبي الخاص، مع مشاهدتي للمباريات وأخبار النوادي المحلية والعربية والعالمية توسعت مساحة المعلومات لديَّ، وأصبح تمكُّني أكبر باستخدام المصطلحات المتعلِّقة بعمل المراسل الرياضي».

الصحفي الرياضي معن حسن

الخطوة الأولى

مع اقتراب الانتهاء من الدراسة الجامعية، بدأت "براءة" التفكير جدِّياً بدخول مجال العمل الإعلامي الرياضي رغم تقليل أصدقائها من قيمة حلمها، وسخريتهم من إمكانية دخول شابَّة مثلها ميداناً يعدُّ حكراً على الذكور كما هو اعتقادهم، عن ذلك الأمر قالت: «تواصلت مع بعض الأصدقاء العاملين في هذا المجال لكنَّ التجاوب معي ومع حلمي كان غير جدِّيٍ، الشخص الأكثر إيماناً بقدراتي كان "معن حسن" الصحفي الرياضي الذي كان يعمل كمحلل أداءٍ في نادي "جبلة" الرياضي، استفدت كثيراً من ملاحظاته وتوجيهاته لي، وبالكمِّ الكبير من المعلومات التي زودني بها من أجل المضي بمسيرتي الجديدة.. وثمة شخصُّ آخر كان داعماً لاحقاً ومؤمناً بما أصبو إليه، وبما اختزنته من معلوماتٍ سابقاً وبالأسلوب الجيد الذي اكتسبته في إعداد وكتابة التقارير الإخبارية الرياضية، هو الإعلامي الرياضي المعروف "مازن الهندي" الذي تبنى حلمي ومنحني فرصةً للتدرُّب في منصَّة "سيريانا سبورت" التي يشرف على إدارة تحريرها، لهذا الرجل دورٌ كبير في انطلاق مسيرتي كمراسلةٍ رياضيةٍ، من خلال ما تعلَّمته منه والتوجيهات التي كان يحرص دائماً على تزويدي بها لتلافي أيَّ عثراتٍ بمرحلة التدريب التي منحني إياها، النجاح الذي حققته في المهام التي أوكلها لي دفعه لترشيحي من أجل العمل في أحد البرامج الرياضية الإذاعية التي يقدِّمها عبر أثير إذاعة "فرح FM"، ومن ثمَّ الوجود ضمن فريق المكتب الإعلامي الخاص بنادي "الوحدة" والمسؤول كذلك بالإشراف عليه، حيث خضت تجارب جديدة كمراسلة إذاعية أو كمنسقة إعلامية لفريق سيدات النادي وكمحررة صحفية ما زاد من رصيدي المهني القليل نوعاً ما، لكنها دفعتني للمضيِّ أكثر نحو تحقيق حلمي وتحويله لواقع».

تطوُّر ونجاح..

كلُّ تلك الأحداث المتلاحقة في مسيرة "براءة" جرت بدءاً من عام 2020 بعد حصولها على الشهادة الجامعية، وقد توَّجتها بالعمل كمراسلةٍ لبرنامج "يلا دوري" الذي يُّبثُّ عبر إذاعة "شام FM" المحليِّة وعن ذلك الأمر تقول: «تلقيت العرض من قبل الإعلامي "غيث حرفوش" المسؤول عن إعداد وتقديم البرنامج على الهواء مباشرة، كانت تجربة جديدة ومربكة لي، من حيث التأقلم والنجاح في برامج البثِّ المباشر وبعد الخضوع للتجربة أصبحت ضمن فريق مراسلي البرنامج، وجودي كأنثى في الملاعب كان مستغرباً بداية الأمر لكنَّه أصبح أكثر تقبُّلاً للآخرين، وأكثر متعةً لي، وقد زاد من خبرتي تدريجياً في هذا الميدان الذي يتطلَّب من العاملين فيه المتابعة المستمرة لأخبار الرياضة أينما كانت، والتطوُّر في أساليب العمل تحقيقاً لبصمة خاصَّةٍ يجب على المراسل امتلاكها، وتحقيق حلمي بالعمل مع إحدى القنوات الرياضية العالمية مستقبلاً».

حضور لافت

كانت "براءة يوسف" من ضمن الأسماء التي وقع عليها الاختيار للوجود كعنصر أنثوي ضمن برنامج "يلا دوري"، كما ذكر "غيث حرفوش" معدّ ومقدِّم البرنامج من خلال تواصل موقع مدوّنة وطن "eSyria" معه حيث أضاف قائلاً: «نظراً لما امتلكته من حماسٍ وحافزٍ للعمل وللمقومات التي كانت تمتلكها، خاصَّةً بعد الاجتماع معها، والإضافات التي قد تقدِّمها للبرنامج ولطاقم عمله مجتمعاً، ومن خلال توالي حلقات البرنامج أظهرت "براءة" قدرةً على تطوير إمكاناتها، نتيجةً لاستماعها الجيد للملاحظات المهنية الموجهة لها، ليس ذلك فحسب، بل على الصعيد الاجتماعي والأخلاقي أيضاً، فقد أثبتت حضورها، وكسبت محبَّة ومودَّة جميع زملائها، برأيي الشخصي أرى لها مستقبلاً ملؤه النجاح والتميز انعكاساً لما تقدِّمه خلال عملها في الوقت الراهن».

بدوره يقول "معن حسن": «هي مثال للشابة الطموحة والمكافحة لتحقيق حلمها، مذ أن تعرَّفت عليها أبهرتني موهبتها، وكذلك شغفها الذي تمتلكه والكمُّ الكبير من المعلومات الرياضية الناتجة عن متابعة دؤوبة لأخبار الرياضة كما كان واضحاً، لذا ازداد إيماني بها وبتلك الموهبة الفريدة، وكان لزاماً عليَّ تقديم يد العون لها من أجل تحقيق ما تصبو إليه ومتابعتها بشكلٍ شبه يوميٍ وتقديم النصح لها، وقد كانت استجابتها مع ذلك واضحة وسريعة، لذلك هي اليوم في المكان الذي سعت إليه وتستحقه، وسعادتي فائقة بما تنجزه وفخورٌ به كثيراً».

نذكر نهايةً بأنَّ "براءة يوسف" من مواليد مدينة "الصنمين" عام 1996 لكنَّ أصول عائلتها تتبع لمدينة "جبلة" الساحلية، وحاصلة على شهادة البكالوريوس من كلية "العلوم السياسية" في جامعة "دمشق" سنة 2020.