منذ خمس سنوات نسجت الأخوات الثلاث "آلاء ونورا وإيمان غريب" حكاية مشروعهن بأفكار بسيطة ومواهب في فنّ الرسم، الحكاية التي رافقت طفولتهن وتوجت بمشروع العمل اليدوي "Hand made" الذي أطلقنه بمواد من القماش والشرائط، تجد فيه البصمة الخاصة في العمل وطابع الروح الفنيّة الواحدة في الإنجاز.

تنمية الموهبة

البداية مع المهندسة "آلاء غريب" التي تحدثت عن المشروع الذي أخذ ينتشر ويحقق نجاحاً على الصعيدين المادي والمعنوي، تقول: «منذ الطفولة كانت والدتي تهتم بالجانب الإبداعي لدينا، وعملتْ على صقل مواهبنا في الرسم بإحضار الدفاتر والألوان، لم أكن في طفولتي أرسم الرسوم التقليدية بل كنت أرسم الوجوه وأصمم الأزياء، وحين كبرت صرت أرسم البورتريه بالرصاص ثم اتجهت ميولي للعمل اليدوي أكثر، فبدأت بمتابعة فيديوهات على اليوتيوب خاصة بالأعمال اليدوية دون أن أطبّق، فقد كنت أكتفي بالمشاهدة ووجدت أن العمل اليدوي يحتاج لمواد أولية وطرق بسيطة بالإضافة لجانب إعادة تدوير، فأخذت أصمم البورتكليه والبرشور، وبدأت بالكتابة على الزجاج والتطريز على الألبسة».

حبي للعمل اليدوي وتميزه دفعني لاختيار تصاميمهن أكثر من مرة كهدايا من تطريز على التشيرتات وكتابة ورسم، تتميز أعمالهن بالدقة والجودة والرقي، وأسعارهن مناسبة مقارنة بجودة القطعة المشغولة

البداية بهدية

كانت التصاميم الأولى مفتاحها لتأسيس المشروع، وتضيف "آلاء": «صممت بعض الألعاب وأعطيت لكل تصميم قيمة فنية من خلال أفكاري، واستخدمت تقنيات تحمل طابعاً بسيطاً يجعل التصميم محبباً للآخرين، وكنت أهدي الألعاب التي أصممها لأفراد من العائلة أو أحد الأصدقاء، ثم بدأت بفكرة بيع التصاميم التي أقوم بصنعها حين صممت دفتراً لطالب في كلية طب الأسنان، كنت أحرص على أن أجعل الهدية من وحي عمل الشخص أو شيء ما يتعلق بحياته، وغلب طابع طب الأسنان على الدفتر حينها، قمت بعرضه على وسائل التواصل منذ خمس سنوات، اكتسبت خبرة بالممارسة وقمت بعرض التصاميم، ما شجع المهتمين بهذا المجال على طلب المزيد من أعمالي اليدوية، وقمت ببيع كمية جيدة ولم تكن فكرة البيع في البداية هاجساً بالنسبة لي».

عمل مشترك

عدوى العمل

وجدان خربوطلي

كانت "آلاء" تنشر من خلال تصاميمها روحاً فنية في المنزل، جعلت أختيها التوءم تعشقان العمل اليدوي وتبدعان فيه بعد أن تعلّمتا مبادئ العمل، وهنا تقول "نورا غريب": «أحببنا العمل اليدوي وما تقوم به "آلاء" من تصاميم، فطلبنا أن تعلّمنا أسس ومبادئ العمل بالإضافة للتعلم الذاتي، وأصبحنا ثلاثتنا نعمل كورشة فنية وخاصة أننا نمتلك موهبة الرسم، كما دخلنا مجال التطريز على القماش، ففي إحدى المرات تواصلت معنا مديرة إحدى المدارس وطلبت منا أكثر من 100 قطعة، فقد حوّلنا موهبتنا ووقت فراغنا إلى أعمال ذات قيمة وهدف، نعمل بتصاميمنا على تقديم شيء مختلف غير موجود بالأسواق وغير مطروق وسعره مناسب، وأصبحت تأتينا طلبات التواصي بشكل أكبر وصرنا نعمل كورشة عمل، نستعمل خيالنا في التصميم وأفكارنا المختلفة، وبدأت بالتطريز على الملابس فقد طرّزت في البداية على ملابسي (تيشرت) وعرضتها فأخذت التواصي تتوالى وتزداد من المحافظات كافة، وأعمالنا تلقى الإعجاب من المتابعين».

الرسم بالفطرة

امتلكن موهبة الرسم، وعبرنَ عن ذلك بطرق مختلفة، تقول "نورا": «الرسم رفيق الطفولة فقد قمت منذ فترة بطرح (سكيتشات) خاصة بي وغير موجودة في أي مكان، فلقيت إقبالاً، وهي عبارة عن رسم بالأبيض والأسود ترافقه عبارة ذات معنى وأختي "إيمان" كانت صاحبة الكلام، قمنا بالتشارك أنا أرسم وهي تكتب، كما بدأت رسم البورتريه لأشخاص بطريقتي الخاصة وأطبعها على (ماغات) زجاجية والمردود المادي لهذا العمل جيد، أضيف تفاصيل خاصة بالشخص ليتميز أكثر، وقمنا بتصميم فواصل الكتب نستخدم عوامل جذب في العمل ونختار أشياءً تلامس بيئة الأشخاص».

مجموعة من أعمالهن

وتضيف: «عملنا ينال الرضى والمحبة والقبول، ننجز كل عمل ونسكب فيه الكثير من المحبة والإتقان والحرفية، وتأتي خصوصية عملنا اليدوي بأننا نستطيع صنع شيء من لا شيء، ويحبه من ليس قادراً على الحصول عليه من معمل أو مصنع، فكل قطعة خاصة بشخص واحد فقط».

التميز والدقة

تحدثت "وجدان خربوطلي" مدربة تنمية بشرية، عضو مجلس إدارة بمركز عيادات "سالي بيوتي" قائلة: «لدي مركز عيادات وكنت بحاجة لـ(بروشور) يميز الفريق ويحمل (لوغو) المركز، وأثناء البحث لفتت نظري صفحة الأخوات "غريب" على الفيسبوك وعملهن المتميز، فتواصلت مع المهندسة "آلاء" وهي صاحبة التعامل اللطيف والمتفهمة لتفاصيل عملها من الجوانب كافة وما يريده الزبون بشكل دقيق، ركزتُ أثناء التعامل معها على الألوان لتكون (اللوغو) نفسه تماماً، صممتْ نموذجاً وأرسلته لي وعلى الرغم من أن التواصل عن بعد كوني في "دمشق" وهي في "اللاذقية"، أعجبني التصميم وطلبت منها إنجاز الكمية المطلوبة، والمفاجأة أن (البروشورات) كانت أجمل في الواقع بكثير من الصور، وهي لم تكتفِ بإرسال الطلبية بل تابعت عملها حتى بعد الاستلام، لمست لديها سرعة التنفيذ والجودة العالية، فأعمالها مميزة ومقاومة وتتسم بالترتيب ومختلفة وغير متوافرة في مكان آخر».

"محمد صالح" ممن جرّب التعامل معهن أكثر من مرة يقول: «حبي للعمل اليدوي وتميزه دفعني لاختيار تصاميمهن أكثر من مرة كهدايا من تطريز على التشيرتات وكتابة ورسم، تتميز أعمالهن بالدقة والجودة والرقي، وأسعارهن مناسبة مقارنة بجودة القطعة المشغولة».

تجدر الإشارة إلى أنّ "آلاء غريب " من مواليد اللاذقية عام 1995، والتوءم "نورا وإيمان غريب" عام 1988، قمنَ بمجموعة من المعارض في صالة "الباسل" عام 2013، وكافيه "ناي" عام 2015، ويحقق مشروعهن مردوداً مادياً منذ خمس سنوات.