رغم أنّه يحمل شهادة ميلاد تعود لأكثر من تسعة عقود من الزمن، إلا أن مجلس مدينة "صلخد" لا يزال حياً في ذاكرة جيل الأربعينيات والخمسينيات، حيث شُيد المبنى مع بداية ثلاثينيات القرن الماضي كمشفى استخدمته قوات الاحتلال الفرنسي في بداية الأمر، ليتحول إلى محكمة في سبعينيات القرن الماضي، وأخيراً أصبح مقراً لمجلس مدينة "صلخد" وليبقى هذا البناء شامخاً يقصُّ حكايا الماضي بحلوها ومرها.

البدايات

يعدُّ مجلس مدينة "صلخد" اليوم من أقدم الدوائر الرسمية على ساحة المدينة، فنهر الحياة ضمن هذا المبنى لا يزال جارياً دون انقطاع منذ نحو تسعين عاماً.

ويقول "شكيب نرش" أحد سكان مدينة "صلخد" لمدوّنة وطن "eSyria": "إن المبنى أبصر نور الولادة البنائية عام 1930، حيث تمّ تشييده وسط المدينة القديمة، حيث تقع إلى الغرب منه قلعة "صلخد" المتربعة على تلة مرتفعة تشرف على المدينة كلها، وعند تشييد هذا المبنى فرضت السلطات "الفرنسية" على كل صاحب منزل المجيء بحجر بازلتي إلى هذا المكان لبناء مشفى، وفعلاً تم تشييد هذا المبنى بعد أن تم جمع عدد كبير من الحجارة البازلتية التي تشتهر بها كل مناطق المحافظة".

الباحث الدكتور نشأت كيوان

ويضيف "نرش": "استخدم المبنى في بداياته كمشفى خاص بالقوات الفرنسية، واستمر كذلك حتى مطلع أربعينيات القرن الماضي، ليتحول المبنى بعدها إلى قسم مالي أو ما يسمى مركز جباية خاصة بمنطقة "صلخد"، إلا أن المبنى بالإضافة لكونه مركز جباية فقد تم استخدام الطابق الثاني منه كمحكمة إدارية خاصة بمنطقة "صلخد" وذلك في مطلع السبعينيات، وبقي المبنى يحمل هذه الصفة "المحكمة والمالية"، حتى آواخر السبعينيات حيث تم نقل ملكيته للإدارة المحلية، وبالتالي تحوّل إلى مجلس مدينة ولا يزال حتى هذا اليوم، علماً أنّ المبنى ما زال محافظاً على بنائه القديم ولم يجر عليه أي تعديل، لأنّ بناءه متماسك ونفذ بإتقان".

بناءٌ تاريخيٌّ

من جانبه الباحث الأثري الدكتور" نشأت كيوان" يقول في حديث لمدوّنة وطن: "مبنى مجلس مدينة "صلخد" يعدُّ واحداً من الأبنية التاريخية، إذ يبلغ عمره الزمني واحداً وتسعين عاماً، وقد تم بناؤه من قبل السكان المحليين حينها، وفق طراز معماري يوافق تماماً الأبنية الأثرية القائمة في تلك المنطقة، علماً أن هذا البناء ما زالت حالته البنائية جيدة، ورغم زحف الأبنية الحديثة والكتل الإسمنتية، إلا أن ذلك لم ينل منه، فالطوبة التي وضعت منذ تسعين عاماً ما زالت قائمة، وهذا البناء هو امتداد لآثار مدينة "صلخد" كالقلعة وغيرها من الآوابد الأثرية المهمة الكائنة في المدينة، حيث تتميز هذه الآوابد المحيطة بمبنى مجلس المدينة ببنائها الروماني الجميل، ويعود تاريخ بنائها إلى القرن الثاني الميلادي".

جانب من البلدية

ويتابع " كيوان" حديثه بالقول: "الحالة البنائية للمبنى حالياً جيدة إلا أنّ المشكلة الوحيدة تكمن بالسقف فهو من الخشب والقرميد لذلك تأثّر بالعوامل الجوية، وباتت الأسقف مصدراً لتسرب المياه خاصة في الشتاء، وهذه الأسقف أصبحت بحاجة إلى ترميم وتأهيل، علماً أن المبنى لا يزال محافظاً على طرازه المعماري القديم الذي بكل تأكيد شيدته أيادٍ ماهرة من أبناء المدينة".

شكيب نرش