إلى الشرق من مدينة "بانياس" وعلى ارتفاع يتراوح بين 70 إلى 75 متراً عن سطح البحر، تقع قرية "أوبين" ذات الإطلالات الجبلية والبحرية، ما أكسبها موقعاً مميزاً، بالإضافة إلى أنها تمثل بوابةً للممر الجبلي القديم الواصل بين الساحل والداخل، والذي كانت تسلكه بعض قوافل طريق الحرير التجارية، وعلى الرغم من أنها تبعد عن أحياء مدينة "بانياس" بضع مئات من الأمتار، إلا أنها تتبع إدارياً لبلدية "بارمايا" المجاورة.

جغرافيتها والسكان

بنيت القرية على تلة مشرفة على السهل الساحلي، وتحيط بها مجموعة من القرى منها، قرية "بعمرائيل" من الجنوب، و"بارمايا" من الشرق، وطريق "بانياس-القدموس" وقرية "طيرو" من الشمال، أما من جهة الغرب يفصلها عن مدينة "بانياس" الأوتوستراد الدولي "طرطوس-اللاذقية".

"أوبين" من صيغ الجمع السرياني، وتعني المباخر أو المجامر، وتعني أيضاً الأغصان والأشجار، ومن معانيها أيضاً (كومة الحجارة)، وهي تسمية سريانية تعني قطع اللبن المشوي أي (القرميد)، ومن معانيها أيضاً عمود المنارة للمسافرين

تمتد بيوت القرية على مسافة تقدر بحوالي 800 إلى 900 متر طولاً، والعرض يقارب 300 متراً، حيث يبلغ عدد منازلها 60 منزلاً، وعدد سكانها القاطنين فيها يبلغ حوالي 300 نسمة من ثلاث عائلات، "سليمون" و"جبران" من عائلات "أوبين" الأساسية، وعائلة "سعود" التي تعود بأصولها إلى قرية "بارمايا"، ذلك بحسب "محسن سليمون" رئيس لجنة قرية "أوبين" في حديثه لمدوّنة وطن بتاريخ 25 كانون الثاني 2022.

المدخل من جهة بانياس وجانب من الطبيعة

ويتابع بالقول: «تتوافر في القرية كل الخدمات من شبكة مياه للشرب، وشبكة هاتفية وإنترنت، وشبكة كهرباء وصرف صحي، ومواصلات مؤمنة بفضل موقعها، إلا أنها تفتقر لوجود محولة كهرباء خاصة بها، ما يسبب الكثير من الضغط على الشبكة والأعطال المتكررة، كذلك لا توجد في القرية أي مدرسة، فيضطر أبناؤنا للتوجه إلى مدرسة الشهيد "فهيم محمد" في "بانياس" وهي المدرسة الأقرب للقرية».

معانٍ سريانية وعربية

وعن معنى التسمية قال معاون رئيس دائرة آثار "طرطوس" أ."بسام وطفة": «"أوبين" من صيغ الجمع السرياني، وتعني المباخر أو المجامر، وتعني أيضاً الأغصان والأشجار، ومن معانيها أيضاً (كومة الحجارة)، وهي تسمية سريانية تعني قطع اللبن المشوي أي (القرميد)، ومن معانيها أيضاً عمود المنارة للمسافرين».

من بيوت القرية وبستان زيتون

ويضيف: «للقرية اسم قديم هو "المآب"، وهي تسمية عربية الأصول، فجذر آبَ أو أوب يعني رجع وعاد، والياء والنون لاحقة للجمع، وبذلك يكون معنى "أوبين" العائدون أو الراجعون، ولفظ المآب هو مصدر للفعل آبَ مآباً أي عاد عودةً ورجع رجعةً، والمآب لغةً تعني المرجع، وربما كانت "أوبين" قديماً مرجعاً استشارياً، يلجأ إليه الناس للاستفسار عن أمر ما، وبهذا يكون المعنى العام للتسمية العربية "الراجعون إلى المرجع العام للاهتداء من خلاله"».

مقوماتٌ سياحيّة

"جيهان أحمد" من سكان مدينة "بانياس" اعتادت أن تلتقي مع صديقاتها نهاية كل أسبوع في فصلي الربيع والصيف، وتشير في حديثها إلى أن هذه النزهة الأسبوعية هي بمنزلة فسحة للتخلص من ضغوط العمل والاستمتاع بأجواء الطبيعة مع الأصدقاء، ناهيك بقربها من الحي الذي تقطن فيه ما يوفر عليها عناء دفع أجور المواصلات المرتفعة.

فموقع "أوبين" عند التقاء الجبل مع السهل الساحلي عند المدخل الشرقي لمدينة "بانياس" أكسبها أهميةً سياحية، يضاف إلى ذلك وجود غابة "الشيخ علي سْعِيد" التي تضم أشجار السنديان المعمر، فشكلت مقصداً لأهالي المدينة والقرى القريبة للتمتع بالإطلالات والأجواء اللطيفة، وخاصة في فصل الصيف الحار والرطب، كما شكلت ملتقى اجتماعياً ومكاناً للتعارف فمن خلاله قامت الكثير من العلاقات والصداقات بين أهالي مدينة "بانياس" والقرى التابعة لها، وهناك من يقصد المكان لإحياء بعض المناسبات التراثية التي ورثوها جيلاً عن جيل.