لوحاتٌ فنيّة تلوّنت بالإبداع، ومجسمات غاية في الدقة والحرفية، صنعت من مادة "الريزين" التي كانت ولا تزال واحدةً من الحرف التراثية التي لاقت شهرة واسعة وإقبالاً كبيراً، رغم كل ما عانته من قلة متعلميها ما ترك آثاراً سلبية على الحرفة لولا بعض الجهود الرامية لإحيائها من جديد.

خفايا "الريزين"

للتعرف أكثر على هذا الفن التقينا رئيس مجلس إدارة جمعية "الرجاء" الخيرية الدكتور المهندس "عبد المسيح دعيج"، ويقول: «مادة" الريزين" مادة مستخرجة من النباتات، بالتحديد من نبات "الخروع"، و"الريزين" هو المادة الأساسية لإنتاج هذه القطع الفنية الموجودة في الورشة، يضاف إلى "الريزين" بعض المواد مثل كربونات الكالسيوم والرمل، ضمن خلطة معينة توضع بقوالب مختلفة الأشكال والأحجام، لتأخذ شكلها، منها الطاولات واللوحات والصمديات المختلفة والأشكال والأحجام والألوان، هي مهنة نادرة جداً، وقلة من الناس تعمل بهذه الحرفة، فهي تعتمد على الإبداع والفن الراقي، لابتكار قطع فنية وراقية، ونحن كجمعية خيرية نقوم بتدريب المستفيدين ونعلمهم كيفية صنع خلطة "الريزين"، وكيف توضع في القوالب، وطريقة تلوينها، وخصوصاً السيدات، ويحتاج التلوين للتدريب لوقت طويل، وقد قمنا في هذه الورشة بالعديد من دورات الرسم لكل الفئات العمرية، بدءاً بالأطفال حتى سن الشباب، وكان لهذه الدورات صدى مميز، وتغلب على منتجاتنا (تدريجات) اللون البني، لما يتمتع به هذا اللون من أناقة تناسب كل أذواق المهتمين وأثاث المنازل والمكاتب».

كل قطعة في المشغل ترتبط بمناسبة، فالآيات القرآنية تطلب لكل المناسبات والأعياد، و"بابا نويل" في عيد الميلاد، ومجسم الأرنب يكثر الطلب عليه في عيد "الفصح"، ويزدهر سوق هذه الحرفة في عيد "الحب" في شهر "شباط" من كل عام، نظراً لجمال قطعها وأسعارها المقبولة والمناسبة لكل الأذواق والمستويات المادية

أسواقُ تصريفٍ

عن انتشار ورواج هذه الحرفة يقول "دعيج": «يوجد على مستوى "سورية" ثلاث أو أربع ورشات تقوم بهذا العمل، في "حمص" ورشتان وكذلك في محافظة "حلب" و"دمشق"، ورغم إقبال الناس الكبير على هذه المنتجات وسوق تصريفها الواسعة، إلا أنّ عدد الورشات قليل نسبياً، وتتميز هذه المنتجات بجمالها ووزنها الخفيف وهي لا تتلف كبقية المنتجات، وهذا المنتج قابل للتصدير إلى خارج "سورية" مثل "لبنان"، ونعمل على تشجيع هذه الحرفة لما تتمتع به من عراقة وقدم، حيث تعدُّ من التراث السوري القديم».

رئيس جمعية "الرجاء" الخيرية "عبد المسيح دعيج"

وعن وجود العديد من المجسمات لشخوص في المشغل يقول: «كل قطعة في المشغل ترتبط بمناسبة، فالآيات القرآنية تطلب لكل المناسبات والأعياد، و"بابا نويل" في عيد الميلاد، ومجسم الأرنب يكثر الطلب عليه في عيد "الفصح"، ويزدهر سوق هذه الحرفة في عيد "الحب" في شهر "شباط" من كل عام، نظراً لجمال قطعها وأسعارها المقبولة والمناسبة لكل الأذواق والمستويات المادية».

وتحدث عن دوره في جمعية "الرجاء" الخيرية بتشجيع هذه الحرفة، قائلاً: «من أهدافنا إقامة مشاريع تنموية تدريبية صغيرة، ونركز على تدريب المهن التي يمكن أن تكون مورد دخل للمستفيدين في نهاية الدورة، أي فرصة عمل غير مباشرة، والمشاركون في دورة "الريزين" ينفذون فوراً في الورشة الخاصة بهذا العمل، ونحن دورنا تشجيع التعلم والتدريب بكل المهارات والمهن، وخصوصاً المهن المميزة مثل "الريزين" التي -رغم ظروف الحرب التي مرت- ما زالت محافظة على وجهها الحضاري العربي الذي يتجلى بهذه المنتجات التراثية..».

أحد المستفيدين من الدورات فادي عليوي

مصدرُ دخلٍ

يقول "فادي عليوي" عن تجربته مع حرفة "الريزين": «خضعت لإحدى الدورات بإشراف الدكتور "عبد المسيح" ما أكسبني خبرة ومعرفة بهذه الحرفة، فكان ضمن برنامجها، كيفية صنع القوالب والقيام بصبها وتلوينها، فأنشأت مشروعي الخاص، ما أمّن لي فرصة عمل جديدة ومورداً إضافياً للدخل، فأقوم بصنع لوحاتٍ بسيطة وتماثيل صغيرة، وأقوم ببيعها للأصدقاء والمعارف، وأصرّف منتجاتي من خلال مواقع التواصل».